أمين مجمع اللغة العربية: تعريب ...

الوطن 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جدل واسع ونقاشات كبيرة أثارتها خطة جامعة الأزهر لتعريب مناهج العلوم الطبية، فما بين مؤيد للقرار يرى أنّه يعيدنا إلى أصالتنا العربية، وبين معارض يرى أنّه سيتسبب في مشكلات كثيرة، حاورت «الوطن» الدكتور عبدالحميد مدكور، أمين مجمع اللغة العربية، الذي تحدّث عن القرار، وقال إنّه يتطلب خطوات تمهيدية أهمها الترجمة، وتدريب الطلاب والأساتذة.

أمين مجمع اللغة العربية قال إنّه لا يوجد شعب يدرس ويتعلم بلغة غير لغته سوى العرب، وهو أمر يتطلب التحرك من أجله.. وإلى نص الحوار.

ما رأيك في قرار جامعة الأزهر بشأن تعريب العلوم الطبية؟

قرار جامعة الأزهر بالعمل على تعريب العلوم الطبية في كلياتها هو قرار استراتيجي قيم يعيدنا إلى أصالتنا العربية التي كانت اللغة العربية فيها هي لغة العلم الأولى في العلم لمدة تزيد عن 5 قرون، وقد ذهبت مؤلفات الطب العربي وقتها إلى أوروبا لتدرس أحيانا بالعربية وأحيانا بترجمة اللغة العربية إلى اللاتينية بعد أن تضمنت اللغة العربية العلوم التي تعملها العالم بأثره.

كما أن تجربة التعريب تجربة كبيرة ولابد أن نضع أدينا على خط البداية ونأخذ بالأسباب العلمية وسيؤدي ذلك بالتدريج ولو على مدى طويل إلى إعادة اللغة العربية لتلك العلوم التي كانت تدرس باللغة العربية مع ملاحظة ضرورة العناية الكبرى من خلال تعلم لغة أجنبية أعجمية من اللغات التي يكتب بها العلم الآن مثل الإنجليزية والفرنسية والروسية والصينية والألمانية والإيطالية ، فلا توجد أمه تدرس بلغة غير لغتها إلا العرب.

وهو مشروع تشكر عليه جامعة الأزهر لأنها تتخذ خطوات منهجية وليست مجازفة وهي خطوة نحو النور وعلى جميع من يعملون في هذه الحقول ان يعاونوا جامعة الأزهر لتنجح في مشروعها الاستراتيجي الذي يعيد للعربية مكانتها وأصالتها وعراقتها.

الطب كان يدرس في قصر العيني باللغة العربية بإشراف كلوت بك الفرنساوي

كيف ترى تحول العلوم من منبعها في الوطن العربي إلى الدول الأوروبية؟

نشأة العديد من العلوم كانت في الدول العربية وعلى يد العلماء العرب، ولم يقنع علماؤنا القدامى بمجرد فهم العلوم المترجمة الحديثة أيضا، ولكنهم أبدعوا فيها إبداعات قيمة جعلت لغتهم هي المصدر الأول للعلم في العالم كله، وظل ذلك قرون عديدة إلى أن بدأت نهضة الحضارة الأوروبية فبدأت التعلم باللغة اللاتينية ثم اللغات التي تفرعت عنها.

وعندما ننظر للعصر الحديث نرى أن الطب بدأ في مصر باللغة العربية في قصر العيني وتولى ذلك كلوت بك الفرنسي الذي لامه قومه وعاتبوه على أنه لم يجعل لغة الدراسة هي الفرنسية.

تعريب العلوم الطبية يعيد للعربية مكانتها وأصالتها وعراقتها

بما تفسر حركة الترجمة التي نهضت في عصر محمد على؟

بالتزامن مع التعليم باللغة العربية في عهد محمد على، نشطت حركة الترجمة للبعثات التي كان يرسلها على يد رفاعة الطهطاوي الذي كان مشرفا على البعثات للحصول على شهادات علمية من الجامعات الأوروبية، وذلك لتحصيل المزيد من العلوم فكان يلزم كل مبعوث أن يترجم كتابا في تخصصه إلى اللغة العربية، وإن استمر ذلك على هذا النهج منذ الطهطاوي إلى الآن لما وجدنا هذه الهوه الكبير ة بين اللغة العربية والعلوم الطبية والهندسية والكيميائية والصيدلية.

هل ترى أن الانقطاع عن تعلم اللغات الأخرى حل للحفاظ على اللغة العربية؟

بالطبع لا، فبجانب الحفاظ على اللغة العربية يجب على الطالب العربي أن يتعلم اللغات الأجنبية الأخرى، فقد ظل التعليم  في مصر باللغة العربية إلى أن دخل الانجليز مصر وعندئذ حولوا التعليم إلى اللغة الانجليزية، وليس معنى ذلك الانقطاع عن اللغات الأخرى مثل الانجليزية التي تصب فيها الأبحاث من كل دول العالم حتى نثري المحتوى العربي باللغة الاجنبية و لتقليل الفجوة.

بما تفسر المستوى الذي وصلنا له من تراجع وجود اللغة العربية في العلوم الحديثة؟

من أهم الأسباب التي أوصلتنا لهذه المرحلة أننا لا نصنع العلم ولا نقدم مصطلحات، وأصبح الكثيرون منا يتشبثون بالغرب متناسيين الحضارة والتاريخ واللغة التي نملكها.

تعريب المناهج يسبقه خطوات تمهيدية منها ترجمة المصادر ودراسة التجارب الدولية

بصفتك من المشاركين في مشروع تعريب العلوم.. ما هي مراحل عمل المشروع؟

نبدأ في مشروع تعريب العلم الطبية بدراسة الفكرة وامكانية تطيبقها بشكل لا يؤثر على المستوى العلمي للخريجين ولا يجعلهم حياري بين اللغات، ومن المقترحات المقدمة أن تكون هناك حركة ترجمة كبرى لمصادر العلوم الأجنبية في العلوم الطبية، ثم تقيم التجربة السورية على سبيل المثال لنعرف مزاياها وإذا كان فيها أي نوع من القصور، وأن يؤخذ الأمر بالتدريج المعتمد على أسباب علمية، وأن لا يكون الامر تعجلا يؤدي لفشل التجربة أو ضعفها أو نقص المخرجات التي تخرج منها.

المصطلحات تمثل 3% من العلوم وستترك بلغتها مع تعريب 97% من الشرح

كما تم اقتراح أن تقدم العلوم في الكتاب الواحد عامود باللغة العربية وعامود بالإنجليزية، ويطلب من الطالب فهم العامودين ويقيس الامتحان مدى إدراكه للغتين، ورأس المصطلح أو اسمه فقط سيكون باللغة اللاتينية وهذه المصطلحات لا تمثل إلا 3% من شرح المصطلح بشكل كامل، وهذه النسبة لا يجب أن تكون حكما على 97% من باقي الشرح أو العلم الذي يمكن أن يكون باللغة العربية، ويبدأ التطبيق التدريجي بعد ذلك كاختيار 3 مواد من العام الدراسي الأول في كلية من الكليات للتطبيق وقياس التأثير ومدى نجاح الفكرة، فالمشروع لن يقوم في يوم وليلة ويحتاج إلى فترة زمنية لضمان نجاحه وإتمامه بالشكل المطلوب.

هل هناك تجارب سابقة في التعريب حدثت في مصر؟

يوجد في الكويت مركز لترجمة وتعريب العلوم الصحية للعربية، وقد ترجم علوم ومناهج كلية الطب في جامعة عين شمس، ولكن لم يتم التطبيق الفعلي وينتظر المشروع الموافقة بالعمل عليه.

لماذا مصر على رأس الدول العربية في فكرة التعريب؟

مصر لديها إمكانيات هائلة وقدرات فائقة تمكنها من إجراء عملية التعريب بشكل ناجح، ويجب تدريب الطلاب ثم تدريب الاساتذة وتوضيح اللغتين في المناهج ويكون لدينا العلم المنهجي اللائق بالمجتمعات حينها ستنجح التجربة، ولدينا علماء كتبوا في مصر في بعض الفروع مناهج العلم بالعربية منذ أكثر من 80 عاما، وفي العديد من العلوم مثل الرياضيات، ويجب التحكم في ذلك بشكل عربي منهجي يزيل عن اللغة التخلف الذي نضعه نحن، والكيان الإسرائيلي الذي يعد حديث النشئ يدرس المستوطنون به بلغتهم، ونحن أصحاب التاريخ والحضارة ندرس بلغات أخرى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق