تتساءل العديد من النساء عن الحكم الشرعي في حرمان الإناث من الميراث، خاصة في ظل انتشار بعض العادات والتقاليد التي تتعارض مع حقوق المرأة التي كفلها الإسلام، ومن بينها حق الإرث.
وقد حدد الله تعالى في القرآن الكريم أنصبة الميراث بشكل واضح، دون تمييز بين الذكر والأنثى، حيث قال تعالى: "لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا" (النساء: 7).
حكم حرمان الإناث من الميراث
أكد الشيخ محمود عبد الحفيظ، وكيل وزارة الأوقاف بالمنيا سابقًا، أن حرمان الإناث من الميراث هو أمر محرم شرعًا، ويعد مخالفة صريحة لأحكام الميراث الشرعية. وأشار إلى أن هذا الفعل يعود إلى عادات الجاهلية التي جاء الإسلام لاجتثاثها، حيث كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان.
ووصف هذا الفعل بأنه من كبائر الذنوب، حيث يعتبر أكلًا لأموال الناس بالباطل، وهو ما توعد الله مرتكبه بعذاب شديد.
وأضاف أن حرمان الإناث من الميراث يؤدي إلى انتشار الحقد والكراهية بين أفراد الأسرة الواحدة، مؤكدًا أن الإسلام قد عظم من شأن المرأة وأعطاها حقوقها الكاملة، بما في ذلك حقها في الميراث.
حكم حرمان الأب لبناته من الميراث
أوضحت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية أن منع البنات من الميراث هو من العادات الجاهلية التي حاربها الإسلام.
وأكدت أن هذا الفعل لا يجوز شرعًا، لما فيه من ظلم وتعدٍّ على حدود الله، حيث قال تعالى: "تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ" (النساء: 13-14).
كما أشارت اللجنة إلى أن بعض الناس يمنعون البنات من الميراث بحجة أن المال سيذهب إلى أزواجهن، مؤكدة أن هذه الحجج باطلة ولا تسوغ حرمانهن من حقوقهن الشرعية.
حالات يجوز فيها منع الميراث عن الإناث
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن حرمان الإناث من الميراث بغير رضاهن هو مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، ويعتبر من مواريث الجاهلية التي جاء الإسلام لإبطالها.
وأضاف أن هذا الفعل يعد من أكل أموال الناس بالباطل، وهو من الكبائر التي توعد الله مرتكبيها بالعذاب الشديد.
وأشار إلى أن القضاء المصري نص على بطلان أي تصرف يهدف إلى التحايل على أحكام الإرث الشرعية، أو حرمان وارث من حقه في الميراث.
كما أكد أن التصرفات المنجزة من المورث في حال حياته لأحد ورثته تكون صحيحة، حتى لو كان القصد منها حرمان بعض الورثة، لأن التوريث لا يتحقق إلا بما يخلفه المورث بعد وفاته.
ميراث المرأة في الإسلام
أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الإسلام قد كفل للمرأة حقها في الميراث في عشر حالات، بل إنها قد ترث وتحجب الرجل عن الميراث في بعض الأحيان. ومن هذه الحالات:
تحجب المرأة الرجل: مثل حالة وجود بنت وأخ لأم، حيث تحجب البنت الأخ لأم عن الميراث.
ترث المرأة ولا يرث الرجل: مثل حالة وجود بنت ابن وإخوة لأم، حيث ترث بنت الابن وتحجب الإخوة لأم عن الميراث.
وأكد المركز أن هذه الأحكام الشرعية تؤكد عدالة الإسلام في توزيع الميراث، وأن أي محاولة للتحايل على هذه الأحكام تعتبر مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية.
خاتمة
حرمان الإناث من الميراث هو فعل محرم شرعًا، ويعتبر من العادات الجاهلية التي جاء الإسلام لإبطالها.
وقد أكد العلماء والمفتون أن هذا الفعل يعد من كبائر الذنوب، ويؤدي إلى انتشار الفتنة والكراهية بين أفراد الأسرة. لذلك، يجب على المسلمين الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في توزيع الميراث، وعدم الانسياق وراء العادات والتقاليد التي تتعارض مع حقوق المرأة التي كفلها الإسلام.
0 تعليق