تأثير العقوبات في قطاع الكهرباء السوري.. 120 مليار دولار خسائر

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يكشف تأثير العقوبات في قطاع الكهرباء السوري عن الوجه القبيح للحروب والنزاعات، كما يبرز تداعياتها السلبية على المواطنين وخسائرها الاقتصادية الفادحة.

ومنذ أكثر من عقد، يعاني قطاع الكهرباء في سوريا تدهورًا مستمرًا نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية المفروضة.

ووفقًا لبيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بلغت خسائر القطاع المباشرة نحو 40 مليار دولار، في حين تجاوزت الأضرار غير المباشرة 80 مليار دولار، في إطار تأثير العقوبات في قطاع الكهرباء السوري، بالإضافة إلى النزاع المسلح.

وتشمل الأضرار تدمير محطات التوليد والتحويل وخطوط النقل؛ ما أدى إلى انهيار شبه كامل للمنظومة الكهربائية، وتراجع ساعات التغذية الكهربائية للمواطنين إلى ساعتين فقط يوميًا في أفضل الحالات، مع تضرر القطاعات الصحية والصناعية بشكل كبير.

وفي هذا السياق، تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى مواجهة تأثير العقوبات في قطاع الكهرباء السوري من خلال التعاون مع الدول الصديقة، وتطوير إستراتيجيات بديلة تعتمد على الطاقة المتجددة.

ورغم أن العقوبات المفروضة كان تستهدف الضغط على نظام بشار الأسد؛ فإن تأثيرها امتد ليشمل المواطن العادي؛ إذ صارت الكهرباء سلعة نادرة وأساسية تمثل عائقًا أمام إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.

الاضطرابات وتأثيرها في إمدادات الكهرباء السورية

عند رصد الاضطرابات وتأثيرها في إمدادات الكهرباء السورية نجد أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية أدّت دورًا كبيرًا في تفاقم أزمة الكهرباء بالبلاد.

وأدت العقوبات الاقتصادية إلى عزلة مالية وتقنية؛ ما جعل استيراد المعدات وقطع الغيار اللازمة لإعادة تأهيل الشبكة أمرًا بالغ الصعوبة، كما أثرت سلبًا في أي مجالات كان بالإمكان التعاون فيها مع دول خارجية، أو حتى على مستوى الاستثمارات والمشروعات المتعلقة بالقطاع الأجنبي الخاص في سوريا.

ويعد قطاع الكهرباء في سوريا من بين القطاعات الأكثر تأثرًا؛ إذ تضررت 15 محطة توليد بالكامل، كما تعرّضت 10 محطات أخرى لأضرار جزئية؛ ما أدى إلى خفض الإنتاجية الإجمالية من 9 آلاف ميغاواط قبل الحرب إلى 2500 ميغاواط فقط.

أكبر 5 محطات كهرباء في سوريا
محطة الزارة - أرشيفية

ولتوضيح دور الاضطرابات وتأثيرها في إمدادات الكهرباء السورية، انخفض إجمالي إنتاج الكهرباء في سوريا، عام 2023، بنسبة 29% إلى 12.9 مليار كيلوواط/ساعة، مقارنة بإنتاج عام 2022، البالغ 18.22 مليار كيلوواط/ساعة، وبنسبة 74% مقارنة بإنتاج عام 2011، وبات يلامس إنتاج عام 1993.

وتأتي الاضطرابات في الإمدادات نتيجة مباشرة لتعطل خطوط النقل والبنية التحتية، وأدى ذلك إلى اعتماد السوريين على حلول مؤقتة، مثل مولدات الكهرباء الخاصة، التي تزيد من الأعباء المالية على الأسر.

ومؤخرًا، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية "رخصة رقم 24"، السارية حتى 7 يوليو/تموز 2025. والتي تتضمّن بعض الاستثناءات المؤقتة للعقوبات المفروضة على سوريا، ومن بينها استثناء المعاملات التي تدعم بيع أو توريد أو تخزين الطاقة إلى سوريا أو داخلها، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي والكهرباء.

تأثير مشابه في دول عربية أخرى

ليست سوريا الدولة الوحيدة في المنطقة التي تواجه تحديات في قطاع الكهرباء؛ ففي لبنان، أدت الأزمات الاقتصادية والسياسية إلى انهيار شبه كامل للقطاع، إذ يعتمد المواطنون بشكل أساسي على المولدات الخاصة.

أما في العراق؛ فيواجه قطاع الكهرباء تحديات مرتبطة بضعف البنية التحتية والاعتماد الكبير على واردات الغاز الإيراني لتشغيل محطات التوليد؛ ما يجعل الإمدادات عرضة للتقلبات الجيوسياسية.

إلا أن هناك فرقًا جوهريًا، يتمثل في أن تأثير العقوبات في قطاع الكهرباء السوري يزيد من صعوبة حل المشكلات، مقارنة بإمكان الوصول إلى الدعم الدولي أو الإقليمي في الدول الأخرى.

تحسين استقرار الإمدادات الكهربائية

مع استمرار العقوبات وصعوبة تأهيل الشبكة التقليدية، تسعى سوريا إلى اعتماد إستراتيجيات بديلة تعتمد على الطاقة المتجددة لتخفيف الأعباء.

وتهدف دمشق إلى إدخال 2500 ميغاواط من الطاقة الشمسية و1500 ميغاواط من طاقة الرياح إلى الشبكة الوطنية للكهرباء، بحلول عام 2030.

الطاقة الشمسية في سوريا
أحد مشروعات الطاقة الشمسية في سوريا

ومن بين الحلول المقترحة أيضًا:

  • إعادة تأهيل الربط الكهربائي الإقليمي

تفعيل شبكات الربط الكهربائي مع الدول المجاورة مثل العراق والأردن لتبادل الكهرباء؛ ما قد يخفف من أزمة الإمدادات على المدى القصير.

  • استعمال المحطات المتحركة

تشغيل محطات توليد متحركة لتوفير الكهرباء في المناطق ذات الأولوية، وهو حل يمكن تنفيذه خلال بضعة أشهر بتكاليف أقل من بناء محطات جديدة.

  • الاعتماد على الشراكات الدولية

التعاون مع تركيا والسعودية وقطر والأردن لدعم مشروعات إعادة الإعمار والبنية التحتية، مع التركيز على نقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر المحلية.

الخلاصة

يبقى تأثير العقوبات في قطاع الكهرباء السوري عاملًا رئيسًا في تفاقم أزمة الإمدادات، لكنه يدفع الحكومة للبحث عن حلول بديلة ومستدامة.

محطة كهرباء عائمة
محطة كهرباء عائمة تابعة لشركة كارباوشيب التركية

ومع التوجه نحو الطاقة المتجددة، والاعتماد على الدعم من الدول الصديقة، يمكن لسوريا أن تخطو خطوات جدية نحو تحسين استقرار الكهرباء.

ومع ذلك؛ فإن التحديات لا تزال كبيرة، وتتطلب إستراتيجيات متكاملة تجمع بين الإصلاحات العاجلة والمشروعات طويلة الأمد، لضمان عودة الكهرباء إلى دورها الأساسي في دعم إعادة الإعمار والاقتصاد الوطني.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق