أعلن يساريون مغاربة “رفضهم التام” الخطة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لـ”تطهير” غزة، وفق تعبيره، بعدما طلب من مصر والأردن استقبال الفلسطينيين القادمين من القطاع المدمر، بغية إحلال السلام في الشرق الأوسط. هذا المقترح أحدث جدلاً عالمياً كبيراً خلال نهاية الأسبوع، وأثار ردود فعل في الأوساط المغربية أيضاً، إذ أجمعت حساسيات عديدة على أن الأمر يشكل “ملامح نكبة جديدة”.
اليساريون المغاربة الذين تحدثوا لجريدة هسبريس اعتبروا أن “المغرب يمكنه التفكير في مساندة فلسطين من خلال قطع العلاقات مع إسرائيل ووقف التطبيع”، مشددين على أن “هذه طريقة فعالة للضغط على الدولة العبرية لإجبارها على إنهاء احتلالها الفعلي وحتى المخطط له في غزة والضفة الغربية لاحقاً”، وأضافوا أن “التهجير سيخلق أزمة أكبر في الشرق الأوسط وسيطيل أمد النزاع الذي لن ينتهي إلا بوقف الاستعمار”.
خيارات أمام المغرب
جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، قال إن “طلب الرئيس الأمريكي ليس مفاجئاً، فهو ضمن أهداف الكيان الصهيوني”، معتبراً أن “الرئيس الأميركي الحالي ينتمي إلى أقصى اليمين، وغالبية مستشاريه لديهم توجهات يمينية صهيونية يمكن أن تفرز أفكاراً من هذا النوع؛ تساند الكيان الإسرائيلي المحتل”، وأضاف: “المخطط فاشل منذ بدايته، نظراً للرفض العالمي الذي رافقه”.
وتابع العسري تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية: “إصرار مئات الآلاف من الفلسطينيين على العودة إلى قطاع غزة وشماله رغم علمهم بالدمار يُبشر العالم بأن ملامح النكبة الجديدة ستبورُ”، مؤكدا أن “التشبث بالأرض والمقاومة يكشفان للجميع أن الحقّ الفلسطيني، المرتكز على طرح عادل منذ 1948، لن يتبدد أمام مخططات خبيثة من أي نوع كانت”.
وأورد المتحدث ذاته أن “مساهمة المغرب تكمن في وقف التطبيع وإلغاء ‘اتفاقيات أبراهام’، لأن الرباط لن تسمح بتمرير قرارات من هذا النوع”، وأشار إلى أن “الملك محمدا السادس يرأس لجنة القدس، فضلا عن التضامن الكبير الذي أبداه المغاربة في آلاف المظاهرات داخل مختلف المدن المغربية منذ عملية طوفان الأقصى”، وزاد: “دعم المغرب رسمياً عبر وقف التطبيع يجنّبنا متاعب ‘وعد ترامب’، وهو أخطر من وعد بلفور”.
سياسة صارمة
علي بوطوالة، نائب رئيس فدرالية اليسار الديمقراطي، أشار إلى أن “فكرة التهجير كانت قائمة منذ 1948 ومازالت مستمرة”، مضيفا أن “الإدارة الأمريكية السابقة حاولت تزكية التوجه من خلال مشاركتها في حرب الإبادة الجماعية في غزة التي استمرت لأكثر من 15 شهراً؛ أما الإدارة الجديدة فستحاول تحقيق الأهداف نفسها من خلال الضغط على الدول العربية لاستقبال الفلسطينيين وإخلاء المجال لتوسع الاحتلال”.
وشدد بوطوالة ضمن تصريحه لهسبريس على أن “القوى الوطنية الحية والديمقراطية في المغرب ترفض تماماً هذا المقترح وتدعو إلى مواجهته”، آملاً “ألّا يخضع المغرب لضغوطات الإدارة الأمريكية الجديدة أو يصمت حيال هذه الخطة”، وقال: “ستصبح الدول العربية، في حالة الصمت، مشاركة في إقبار القضية الفلسطينية. وقد شهدنا كيف حاول ترامب خلال ‘صفقة القرن’ إنهاء القضية، والآن سيستأنف المشروع”.
ودعا المتحدث ذاته إلى “إنهاء التطبيع”، مشيراً إلى أن “المخطط هذه المرة يبدو أكثر تطوراً ومجهزاً بوسائل أخطر”، واستدرك: “ليس المغرب فقط، بل كل الدول المطبعة يجب أن ترفض المقترح بشكل قاطع، لأنه تكريس لتصور استعماري استيطاني يتناقض تماماً مع قيم الإنسانية، الحرية، العدالة، وتقرير المصير”؛ كما أكد أن “على جميع اليهود الذين انتقلوا من الدول العربية نحو فلسطين العودة إلى أوطانهم الأصلية، بما فيهم المغاربة”.
تجدر الإشارة إلى أن مقترح ترامب لقي رفضاً فلسطينيا أردنيا مصريا، بحيث عبر أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني، أمس الأحد، عن رفض بلاده تهجير الفلسطينيين، مصرحاً في مؤتمر صحافي بأنه “ثابت لا يتغير”، وزاد: “أولويتنا في الأردن تثبيت الفلسطينيين على أرضهم”. كما أكدت السلطة الفلسطينية على رفضها الشديد وإدانتها أي مشاريع لتهجير سكان غزة.
من جانبها قالت وزارة الخارجية المصرية إنها “تشدد على رفضها أي مساس” بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في أرضه ووطنه، بوصفها “غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها”.
0 تعليق