يمثل السرطان أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجه البشرية اليوم، حيث تشير الدراسات إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالمرض بشكل مستمر حول العالم، ورغم التقدم الكبير في مجال الطب والعلاج، لا يزال السرطان يشكل تهديدًا حقيقيًا للحياة، مما يفرض على العلماء والباحثين تكثيف جهودهم لإيجاد طرق علاج فعالة، بدءًا من العلاجات الكيميائية والإشعاعية وصولًا إلى العلاجات المستهدفة والمناعية، وسط تفاؤل كبير بمستقبل العلاجات المستندة إلى اكتشافات جديدة، مثل تلك المتعلقة بالمركبات الطبيعية في النباتات، والتي قد تساهم في فتح آفاق جديدة لعلاج السرطان بشكل أكثر فعالية وأقل تأثيرًا على المرضى.
وقد اكتشف علماء من جامعة "تومسك" الحكومية الروسية مركبات طبيعية في نبتة الورد البري قد تمثل أملًا جديدًا في علاج السرطان، وبالأخص الأورام الدماغية، وقد أثبتت المركبات المكتشفة قدرتها على تدمير الخلايا السرطانية، وهو ما يفتح الطريق أمام تطوير علاجات جديدة للعديد من أنواع السرطان، بما فيها الأورام الأكثر شيوعًا.
وفي بيان صادر عن الجامعة، أكدت الأبحاث أن العلماء قد تمكنوا من اكتشاف 48 مركبًا جديدًا في نبتة الورد البري، بينها مركب "الياسيوزيدين" الذي أظهر فعالية ملحوظة في تدمير الخلايا السرطانية في الأورام الأرومية الدبقية متعددة الأشكال، وهو نوع من الأورام الدماغية العدوانية، كما تم العثور على مركب "السيرسيليول"، الذي أظهر مقاومة لسرطان الجلد وسرطان القولون وساركوما العظام.
واستخدم العلماء في أبحاثهم ثلاثة أنواع من الورد البري جمعوها من شبه جزيرة كامتشاتكا الواقعة في أقصى شرق روسيا، هذه الأنواع هي: الورد الشائك (Rosa acicularis)، الورد ذو الأذن المستديرة (Rosa amblyotis)، والورد المجعد (Rosa rugosa)، وباستخدام ثاني أكسيد الكربون كمذيب صديق للبيئة، تمكن الباحثون من عزل 283 مركبًا كيميائيًا، 48 منها تم اكتشافها لأول مرة في هذه النبتة.
وأظهرت الدراسة أن ما يقرب من 6.5% من المواد المفيدة يمكن استخلاصها من كمية محدودة من ثمار الورد البري، ومن بين الأنواع الثلاثة، كان الورد الشائك الأكثر تميزًا، حيث احتوى على 84 مركبًا فريدًا لم تكتشف في الأنواع الأخرى، كما تبين أن التركيب الكيميائي للأنواع الثلاثة يتطابق بنسبة 22% فقط، ما يعني أن كل نوع يحتوي على خصائص فريدة قد تساهم في محاربة السرطان بطرق مختلفة.
0 تعليق