خلص تقرير أنجزه مركز “طفرة” للأبحاث إلى أن الأسئلة الكتابية تبقى “الأكثر تفضيلا” على نطاق واسع من قِبل النواب البرلمانيين في المؤسسة التشريعية المغربية، مع إشارة دالة إلى أنها تمثل “أكثر من ضِعف عدد الأسئلة الشفهية”؛ وفق ما أبانه تحليل البيانات المتعلقة بنشاط البرلمانيين لمراقبة العمل الحكومي، برسم الدورة السادسة للولاية التشريعية الحالية 2021–2026.
مركز “طفرة” للأبحاث وضع، في تقرير صدَر بحر الأسبوع، النشاط البرلماني في المغرب من خلال أسئلة أعضاء البرلمان، تحت مجهر التحليل والدراسة، متسائلا (ماذا يفعل النواب؟) « Que font les député.e.s » كما جاءت بذلك عنونة التقرير.
وأرفق المركز البحثي المغربي هذا الإصدار الثالث من تقريره (منشور باللغة الفرنسية) بقاعدة بيانات “مفصّلة ومفتوحة تحتوي على جميع الأسئلة والأجوبة والالتزامات الحكومية المتعلقة بالدورات الست الأولى للولاية التشريعية الراهنة، لافتا إلى أنها “بيانات متاحة مجانا ومصممة لتسهيل استخدامها من قبل الباحثين والصحافيين والمواطنين المهتمين”.
“المعارضة تسأل أكثر”
حسب بيانات التقرير، التي طالعتها جريدة هسبريس الإلكترونية، “لم تتلقَّ الأسئلة الشفهية المطروحة من لدن نواب الأمة سوى معدل استجابة وإجابة منخفض من الحكومة (15 في المائة)، مقارنة بـ41 في المائة سُجلت بالنسبة للأسئلة المكتوبة”.
ومن النتائج البارزة في ثنايا التقرير، طرحُ “أعضاء البرلمان من نائبات ونواب المعارضة ضِعْفَ عدد الأسئلة التي طرحها نواب البرلمان المغربي من الأغلبية (64 في المائة مقابل 36 في المائة للأغلبية)؛ على الرغم من أن معدلات الردود كانت متشابهة لكلا الجانبيْن (أحزاب الأغلبية والمعارضة)، حيث لم تتجاوز 33 في المائة”، وفق “بيانات طفرة”.
واستند التحليل الإحصائي إلى “التركيز على أسئلة البرلمانيين” من أجل تتبّع ومواكبة النشاط الفردي للنائبات والنواب؛ حيث تسمح الأسئلة البرلمانية بقياس النشاط الفردي لكل نائب منتخَب في الغرفة الأولى، على عكس المهام الأخرى التي تتطلب مشاركة جماعية، مثل التصويت على القوانين في اجتماعات اللجان أو خلال الجلسات العامة.
وبالأرقام والمؤشرات، أوضح التقرير الإحصائي ذاته، خلال الدورة البرلمانية السادسة للولاية التشريعية الحالية، أن النواب والنائبات في الغرفة الأولى للبرلمان المغربي طرحوا ما مجموعه 2932 سؤالا، ردت الحكومة على ما مجموعه 1002 سؤال؛ ما مَثل “نسبة استجابة بلغت 34 في المائة”؛ وهي “زيادة بنسبة 15 في المائة مقارنة بالدورة الخامسة، عندما ردّت الحكومة على 610 أسئلة فقط من أصل 3202 سؤال، أي 19 في المائة فقط”.
من أصل 2932 سؤالا طُرحت في الدورة المدروسة، مَثّلت الأسئلة الكتابية 2077 سؤالا، أو 71 في المائة من الإجمالي، في حين شكلت الأسئلة الشفهية 29 في المائة فقط، بإجمالي 855 سؤالا؛ وهو ما قرأ فيه مُعدو التقرير “تغيرا كبيرا عن الدورة التشريعية السابقة، عندما تجاوزت الأسئلة الشفهية نظيرتها المكتوبة بنسبة 31 في المائة”.
مؤشرات دالة
بالتفصيل حسب “اللون السياسي”، ضمن فرق الأغلبية النيابية، طرح أعضاء البرلمان من “فريق حزب الأصالة والمعاصرة” (البام) 5 أسئلة في المتوسط لكل نائب. أما في معسكر المعارضة، فإن نواب ونائبات “الفريق الاشتراكي” طرحوا في المتوسط 18 سؤالا.
كما أبانت نتائج تحليل البيانات إلى أن “النساء البرلمانيات، اللّاتي يشكلن 24 في المائة من إجمالي أعضاء الغرفة الأولى، “أكثر نشاطا من نظرائهن من الرجال بشكل عام من حيث الأسئلة المطروحة”؛ فقد طرَحْن 9 أسئلة في المتوسط لكل نائبة برلمانية، مقارنة بـ6 أسئلة لكل نائب من النواب.
ترابيا، وجدت دراسة “طفرة” أن نواب جهة الرباط-سلا-القنيطرة هم الأكثر نشاطا، حيث بلغ مجموع الأسئلة المطروحة من طرفهم ما مجموعه 762 سؤالا.
وتوجّهت معظم تساؤلات النواب إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بإجمالي 344 سؤالا. كما تميزت أيضا بـ”متوسط الوقت المستغرق في الرد على الأسئلة (44 يوما)؛ إذ عُدَّ “الأقصر من بين جميع الوزارات”.
أما مستوى “الاستجابة”، فإن نتائج التقرير اعتبرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية “الأكثر فعالية”، حيث بلغت نسبة الاستجابة 65 في المائة.
تفسير التباين
مركز “طفرة” للأبحاث وصَف “الاختلاف والتباين المسجل بشأن إجابة الحكومة عن الأسئلة الكتابية أكثر من الشفهية خلال الدورة المدروسة بـ”مثير للاهتمام، لأسباب ليس أقلّها أن الإجابات عن الأسئلة الشفهية تُلقى خلال الجلسات العامة، ضمن إطار زمني محدد يتضمن الرد الوزاري، وتعقيبا النائب الذي طرح السؤال، فضلا عن رد من الوزارة الوصية على تفاعلات النواب”.
كما استحضر مركز الأبحاث ذاته “حُظوة الجلسات العامة بتغطية إعلامية واسعة، بفضل بثها على شاشات التلفزيون والمنصات الرقمية (لا سيما قناة البرلمان على يوتيوب)؛ مما يعطيها مكانة بارزة وتفاعلا أكبر مع الجمهور أكثر من الأسئلة المكتوبة”.
إجمالا، فالدورات الست الأولى للمجلس التشريعية الحالية سجلت ما مجموعه 26.835 سؤالا، بزيادة 4627 سؤالا عن الولاية التشريعية 2016–2021، و4236 سؤالا أكثر من الفترة 2011-2016.
كما يقدم التقرير تحليلا لأوقات إجابة وتفاعُل مختلف الوزارات مع “تقييم مدى التزامها بالمواعيد النهائية”، المنصوص عليها في النظام الداخلي لمجلس النواب.
0 تعليق