تشكّل زيادة الطلب على الكهرباء في مصر خلال فصل الصيف أحد التحديات الرئيسة التي تواجه حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، وسط مساعٍ حثيثة لتفادي العودة إلى تخفيف الأحمال.

وكشفت مصادر مطّلعة في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أنه في ضوء انخفاض إنتاج الغاز محليًا إلى أقل من 4 مليارات قدم مكعبة يوميًا، وتراجُع إنتاج حقل ظهر، فإنه من المتوقع حدوث فجوة كبيرة في فصل الصيف المقبل.

وقالت المصادر، إن استهلاك مصر من الكهرباء في فصل الصيف يرتفع إلى 6.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، وفي بعض الأوقات خاصة في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، يصل الاستهلاك إلى 7 مليارات قدم مكعبة يوميًا.

ولجأت القاهرة خلال الصيف الماضي إلى قطع الكهرباء لمدد تتراوح بين ساعة إلى 4 ساعات يوميًا لمواجهة ارتفاع الطلب محليًا ونقص إمدادات الغاز، مع تحوّل البلاد من التصدير إلى استيراد الغاز المسال.

إنتاج مصر من الغاز

أوضحت المصادر أنه بافتراض ارتفاع إنتاج مصر من الغاز إلى 4 مليارات قدم مكعبة يوميًا، بالإضافة إلى استيراد مليار قدم مكعبة من إسرائيل (المعدل اليومي حاليًا)، فإن هناك فجوة تصل إلى مليارَي قدم مكعبة يوميًا.

يقول مصدر مطّلع في تصريح إلى منصة الطاقة، إن استيراد مليارَي قدم مكعبة يوميًا من الغاز المسال يكلّف الدولة نحو 1.5 مليار دولار شهريًا، وبناءً على ذلك تحتاج الحكومة إلى 6 مليارات دولار لتأمين واردات الغاز في المدة من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول المقبل، وهذا عبء كبير للغاية على الموازنة العامة، حسب تعبير المصدر.

وبدأت مصر استيراد الغاز المسال منذ منتصف العام الماضي، لسدّ فجوة الطلب المتزايد على الكهرباء، في ظل انخفاض إنتاج حقل ظهر الأكبر في البلاد.

ووقّعت القاهرة مؤخرًا اتفاقًا مع شركتَي شل وتوتال إنرجي لاستيراد 60 شحنة من الغاز المسال خلال العام الجاري 2025، بقيمة 3 مليارات دولار.

وينص التعاقد على توريد 5 شحنات شهريًا، يتراوح حجم كل شحنة من 160 إلى 165 ألف متر مكعب (112- 115 ألف طن شهريًا تقريبًا).

كما يشمل الاتفاق مهلة لمدة عام لسداد قيمة كل شحنة من تاريخ وصولها إلى مصر، ما قد يسهّل على الحكومة تدبير الموارد الدولارية اللازمة لذلك، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية الخانقة التي تعيشها البلاد.

كانت واردات مصر من الغاز المسال قد بلغت خلال 7 أشهر (تمثّل عام 2024 كاملًا) قرابة 2.5 مليون طن، فضلًا عن 0.3 مليون طن استوردتها عبر الأردن، وأُعيدَ تغويزها وإرسالها عبر خط أنابيب الغاز العربي الرابط بينهما.

وجاءت واردات القاهرة من الغاز المسال في عام 2024 من 5 دول، هي: الولايات المتحدة، ونيجيريا، وإسبانيا، وغينيا الاستوائية، وترينيداد وتوباغو على الترتيب، بحسب تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024"، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة.

ويوضح الرسم التالي -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات مصر من الغاز المسال حسب الدولة المصدّرة في عام 2024:

قطع الكهرباء في مصر

أوضح مصدر في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، أن الحكومة قد تضطر للعودة إلى تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء في مصر، ساعة يوميًا على الأقل، لمواجهة ارتفاع الطلب.

وقال: "هذا سيناريو وارد خلال الصيف المقبل، ونأمل أن تكون درجات الحرارة معتدلة قدر الإمكان، حتى لا يرتفع الطلب مثل الصيف الماضي".

وكانت مصر من الدول المصدّرة للغاز المسال حتى شهر مايو/أيار 2024، عندما توقفت عن التصدير وتحولت إلى الاستيراد منذ منتصف العام الماضي، لسدّ فجوة الطلب المتزايد على الكهرباء، في ظل انخفاض إنتاج حقل ظهر الأكبر في البلاد.

وتشير البيانات الأولية لوحدة أبحاث الطاقة ومقرها واشنطن، إلى انخفاض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بمقدار 1.1 مليار قدم مكعبة يوميًا، ليصل إلى 4.4 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال عام 2024، مقارنة بنحو 5.5 مليارًا في 2023.

بينما ارتفع استهلاك البلاد من الغاز في توليد الكهرباء والتدفئة إلى 5.9 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال العام الماضي، مقارنة بنحو 5.8 مليار قدم مكعبة يوميًا في 2023.

وأوضحت تقديرات رسمية أن القاهرة ستحتاج إلى استيراد ما بين 155 و160 شحنة غاز مسال خلال عام 2025، بتكلفة إجمالية تصل إلى 8 مليارات دولار، وفقًا للأسعار المتوقعة التي تتراوح بين 48 و50 مليون دولار للشحنة الواحدة.

وتعتزم القاهرة تشغيل 3 سفن تغويز خلال الصيف المقبل لاستقبال شحنات الغاز المسال وإعادتها إلى حالتها الغازيّة، وهي هوج غاليون الموجودة حاليًا في العين السخنة، وإنرجوس إسكيمو، اللتين حصلت عليهما القاهرة بعد انتهاء عقدها مع الأردن، إضافة إلى "بروميثيوس" التي يجري التفاوض على استئجارها حاليًا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..