ضاعف الرئيس دونالد ترامب خططه لطرد مليوني فلسطيني يعيشون في غزة بالقوة، على الرغم من تراجعه عن تهديده بحجب مليارات الدولارات من المساعدات عن مصر والأردن ما لم تساعدا في هذا المحطط الذي استهجنه العالم بأسره، وفقًا لموقع ذا إنترسبت الأمريكي.
وفي مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، قال ترامب، وإلى جواره ملك الأردن عبد الله الثاني إنه لن يتوقف عن تهديد حلفاء الولايات المتحدة من أجل تسهيل فكرته بطرد جميع الفلسطينيين من غزة. كما وعد بأن الاستيلاء على غزة لن يكلف الأمريكيين أي شيء.
وأضاف ترامب: "لا يوجد شيء يمكن شراؤه.. سوف نحتفظ بغزة. لا يوجد سبب للشراء. لا يوجد شيء يمكن شراؤه، إنها غزة، إنها منطقة مزقتها الحرب، سنأخذها، وسنحتفظ بها، وسنعتز بها".
وعلى مدار الأيام الماضية، كان ترامب يكرر رؤيته لغزة خالية من الفلسطينيين وتحت السيطرة الأمريكية، وفي المقابل، رفض العالم العربي الفكرة الشاذة - وخاصة الدول التي اختارها ترامب كمضيفين محتملين للسكان الفلسطينيين المنقولين: مصر والأردن.
وفي مواجهة هذه المقاومة، طرح ترامب فكرة سحب مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والمساعدات الخارجية المرسلة إلى مصر والأردن، والتي كانت تُعَد منذ فترة طويلة الثمن الذي يتعين على الولايات المتحدة دفعه للحفاظ على اتفاقيات السلام بين هاتين الدولتين وإسرائيل.
وأرسلت الولايات المتحدة إلى مصر مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية منذ توقيع معاهدة السلام عام 1979 مع إسرائيل في أعقاب اتفاقيات كامب ديفيد. وهي ترسل حاليا إلى مصر 1.5 مليار دولار سنويا، معظمها في شكل مساعدات عسكرية.
كما أن معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية لعام 1994 مدعومة أيضا بـ 1.7 مليار دولار من المساعدات الأمريكية السنوية.
وقال ترامب يوم الثلاثاء إنه لم يعد يهدد بحجب المساعدات، ولفت في مؤتمر صحفي: "لست مضطرا إلى التهديد بالمال... نحن نساهم بالكثير من المال للأردن ومصر، بالمناسبة، الكثير لكليهما. لكن ليس علي أن أهدد بذلك، وأعتقد أننا فوق ذلك المستوى من حيث التفاهم".
على الرغم من أنه تبنى نبرة أكثر تصالحية في اجتماعه مع الملك عبد الله، استمر ترامب في التشبث بموقفه بشأن النزوح الجماعي للفلسطينيين في غزة، وقال: "أعتقد أنه سيكون شيئًا رائعًا للفلسطينيين. سوف يقعون في حب تلك الترتيبات... لقد نجحت بشكل جيد للغاية في مجال العقارات. يمكنني أن أخبرك عن العقارات. سوف يقعون في حب الترتيبات الجديدة".
ولم يعارض الملك الأردني هذه الفكرة بشكل مباشر خلال المؤتمر الصحفي، لكنه قال لاحقًا على وسائل التواصل الاجتماعي إنه رفضها خلال اجتماعه مع ترامب، وعبر مكنشور على منصة X، كتب الملك: "أكدت موقف الأردن الثابت ضد نزوح الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. هذا هو الموقف العربي الموحد".
وقال خبراء في المنطقة إنه ليس من المستغرب أن يتراجع ترامب عن فكرته بحجب المساعدات، كما أن تقييد أو تعليق أو وقف المساعدات الأمريكية لن يكون نهاية العالم بالنسبة لمصر أو الأردن، ولكن إذا شاركت مصر والأردن في التطهير العرقي للفلسطينيين، فإن ذلك سيكون نهاية العالم بالنسبة للشهعبين المصري والأردني، وهذا ما قاله يوسف منير، وهو محلل سياسي أمريكي من أصل فلسطيني.
وتقول لارا فريدمان، رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط، إن هذه الصفقة لا يمكن لأي من البلدين أن يتحملها تبعاتها، وتقول فريدمان إن نقل الفلسطينيين إلى "معسكرات اعتقال" على طول سيناء من شأنه أن يفتح الباب أمام الصراع العسكري مع إسرائيل وتضيف: "من المحتم أن يكون هناك عمل عسكري متبق من جانب الفلسطينيين ضد إسرائيل، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى حرب بين إسرائيل ومصر".
كما أن هناك دعمًا محليًا واسع النطاق للقضية الفلسطينية في الأردن ــ موطن أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم بالفعل ــ وكذلك في مصر.
وأضافت فريدمان: "بالنسبة للأردن، فإن فكرة إخلاء غزة من سكانها واحتمال مطالبة الأردن باستقبال المزيد من الفلسطينيين تشكل تهديدًا وجوديًا للنظام الأردني ومن منظور مصري، سياسيًا، ومن منظور الأمن القومي، لا أعرف كيف يتصور أي شخص أن مصر قد تستسلم في هذا الأمر دون أن ترى هذه الفكرة مزعزعة للاستقرار على نطاق واسع".
ولهذه الأسباب، فإن أحلام ترامب المحمومة بـ "ريفييرا الشرق الأوسط" ليست على وشك أن تتحقق قريبًا، كما قال المحلل البريطاني الإسرائيلي دانييل ليفي، رئيس مشروع الولايات المتحدة/الشرق الأوسط. لكنه حذر من أن حديث الرئيس الفضفاض لا يزال يشكل خطرًا على المنطقة.
وأشار ليفي إلى تحذير استخباراتي عسكري إسرائيلي من أن مناقشة الخطة قد تؤدي إلى إثارة المزيد من العنف، فضلًا عن رد الفعل السعودي الساخن على اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة تلفزيونية بأن تستضيف المملكة دولة فلسطينية.
ما هي الجبهات الجديدة التي قد تفتحها هذه الخطة؟
لم يرَ المراقبون قط مثل هذه التصريحات والتصريحات المضادة التي جرت في الأيام القليلة الماضية بين إسرائيل والسعودية، ويعتقد الخبراء أنها غير مسبوقة، حيث يتم إلقاء الانتقادات اللاذعة من الجانبين، كما يرى المحلل البريطاني الإسرائيلي دانييل ليفي.
وعلى الرغم من أن ترامب بدا وكأنه يتراجع عن فكرته بحجب المساعدات، حذر ليفي من أنه أطلق العنان لخروج المارد من القمقم من خلال تطبيع فكرة التطهير العرقي كحل، وعندما تدخل المسألة الجدل إلى مساحة محصلتها صفر، وعندما يكون الشيء الذي محصلته صفر هو التطهير العرقي... فهذه نقطة اللارجعة، الخطيرة للغاية، ولا ينبغي الافتراض بأن المحصلة الصفرية ستفوز أو تقدم حلًا مستدامًا.
0 تعليق