جمعيات تنتقد "بطاقة الإعاقة" .. غموض التقييم وضبابية في الامتيازات

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

على الرغم من قراءتها في إحداث بطاقة الشخص في وضعية إعاقة “تقدما رمزيا” في المغرب، إلا أن الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية انتقدت “خلو” المرسوم رقم 2.22.1075، الذي يحدد شروط منح هذه البطاقة، الصادر مؤخرا، من أي “تحسين حقيقي لظروف الأشخاص المعنيين”، و”عدم وضوح الامتيازات المرتبطة بها (البطاقة)”، فضلا عن “انعدام التمويل الكافي للمراكز المتخصصة، وغياب التدابير الفعلية لتعزيز الإدماج”، ما “يهدد بجعل البطاقة وثيقة إدارية بدون أثر”.

وانتقد الاتحاد الوطني للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية، في بيان، “غياب الامتيازات الحقيقية” لحاملي البطاقة، إذ إنها “لا توفر الأولوية في الرعاية الطبية، أو الإعفاء من التكاليف الطبية، أو الوصول الميسر إلى الأجهزة والمساعدات التقنية (الأطراف الاصطناعية، الكراسي المتحركة، السماعات الطبية)”، كما “لا تضمن البطاقة القبول في المراكز المتخصصة أو الفصول المدمجة أو قاعات الموارد للتأهيل والدعم”.

واستنكر المصدر ذاته، “غياب التعويض المالي للأسر، إذ بالرغم من التكاليف المرتفعة التي تتحملها العائلات لضمان مرافقة مناسبة لأطفالهم أو أقاربهم في وضعية إعاقة، لا توجد أي إعانات مباشرة لتخفيف هذه الأعباء”، مشددا على أنه “بدون تدابير مرافقة فعالة، ستظل هذه البطاقة مجرد وثيقة إدارية بدون تأثير حقيقي على الحياة اليومية للأشخاص المعنيين”.

“معايير التقييم”

استحضر الاتحاد أن “المرسوم ينص على أن تقييم الإعاقة سيتم من قبل لجان جهوية، لكن هناك العديد من النقاط التي لا تزال غامضة”، ذكر منها عدم تحديد “المعايير الدقيقة لتقييم وضعية الإعاقة”، عدم تقديم أي “معلومات تفصيلية حول المنهجية المتبعة لتصنيف الإعاقات وتحديد مستويات الدعم”، وعدم توضيح كيفية الطعن في “القرارات غير العادلة”.

وأفاد في هذا الجانب بأنه، “حتى الآن، لم يتم تحديد أي آلية واضحة للطعن بالنسبة للأشخاص الذين تم رفض طلباتهم أو الذين يعترضون على تقييم حالتهم”، متسائلا في هذا الجانب عن “ضمانات الإنصاف والموضوعية في التقييم؛ فلا يزال هناك خطر التحيز والاختلافات الإقليمية في منح البطاقة”.

“هاجس معايير التقييم” بدا حاضرا لدى أربع تنظيمات عاملة في مجال الإعاقة، هي: المرصد المغربي للتربية الدامجة، والمنظمة المغربية لحقوق النساء في وضعية إعاقة، والاتحاد المغربي للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية، والجامعة الوطنية للعاملات والعاملين الاجتماعيين.

وفي هذا الإطار، راسلت التنظيمات الأربع نعيمة بنيحيي، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مطالبة إياها بـ”تنظيم ورشة علمية داخلية عاجلة، تتم فيها مناقشة الأدوات المقياسية للإعاقة بمشاركة جمعيات وخبراء في المجال، وذلك من أجل الاطلاع والتجويد، وتفادي نشر قرارات وزارية لأدوات مقياسية غير ملائمة”، بالنظر-خصوصا-“لما ينتظر تفعيل المرسوم على المدى القريب، ولا سيما ما يتعلق بأدوات القياس والتقييم، واعتبارا لأهمية هذا الورش الاجتماعي”.

“غموض غير مفهوم”

منير ميسور، رئيس الجامعة الوطنية للعاملات والعاملين الاجتماعيين، أكد أن “ثمة غموضا غير مفهوم داخل المرسوم بشأن آليات تقييم الإعاقة”، مؤيدا كون “هذا الغياب يطرح مخاوف مشروعة من أن يؤدي إلى عدم الشفافية في منح بطاقة الشخص في وضعية إعاقة، وهو أمر غير مستبعد في نهاية المطاف”.

وقال ميسور، ضمن تصريح لهسبريس، إن “الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة أبلغت الوزيرة مسبقا خلال لقائها بها بأن غياب سلة الخدمات سوف يجعل البطاقة بلا جدوى، وهي نفسها أقرت آنذاك بأنها لا يمكنها أن تخرج هذه البطاقة خالية من أية امتيازات، إلا أن ذلك ما تم في نهاية الأمر”، مشيرا إلى أن “فائدة هذه البطاقة كما ناضل عليها المجتمع المدني الناشط في مجال الإعاقة، هي في تمكين المنتمين لهذه الفئة من امتيازات وتفضيلات”.

واستحضر المصرح نفسه “التماطل الحاصل في صرف الدعم للجمعيات الناشطة في هذا المجال، إذ تلقته 120 جمعية فقط إلى حدود الآن، ما كان له تداعيات اجتماعية كبيرة على العاملين الاجتماعيين بحيث جرى طرد الكثير منهم من المنازل التي يكترونها بسبب التأخر في أداء المستحقات، بل إن بعضهم تعرض للطلاق بفعل تأخير راتبه الهزيل أساسا”.

وذكر في هذا الإطار أن “الاشتغال في هذه الظروف المزرية سوف يؤثر على مساهمة العاملين الاجتماعيين المحورية في تنزيل أهداف منح بطاقة الشخص في وضعية إعاقة”.

تخوفات قائمة

شددت نادية عطية، رئيسة الاتحاد المغربي للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية، على “ضرورة توضيح معايير التقييم وضبطها، وأن يتم من طرف خبراء وأخصائيين بالإضافة إلى الآباء؛ فمن غير المعقول أن الدكتور لوحده هو من سيقوم بتقييم ما إذا كان الشخص ذا إعاقة أم لا”، مؤكدة “ضرورة إعداد ملف متكامل عن الشخص المعني قبل منحه بطاقة تحدد بالضبط نوعية الإعاقة”.

التخوفات في هذا الجانب، كما ذكرت عطية ضمن تصريح لهسبريس، هي “من الخلط الذي قد يحصل بين الإعاقة الجسدية والذهنية، اللتين تعدان مختلفتين تماما، على أن من يعانون الصنف الأخير أكثر معاناة من ذوي الصنف الأول”، معرجة على استحضار “كون المجتمع المدني، ظلّ لـ30 سنة يناضل من أجل إخراج هذه البطاقة، غير أنه يجدها اليوم فارغة من الخدمات”.

وقالت المتحدثة: “يجب على الأقل أن يستفيد ذوو الإعاقة من امتيازات كالأسبقية في التطبيب والعقار، والأولوية في جميع المؤسسات العمومية والخاصة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق