شهد العالم تصاعدًا غير مسبوق في النزاعات المسلحة التي ترتبط بتحديات جيوسياسية معقدة وعجز النظام الدولي عن تحقيق الاستقرار والأمن العالميين، حيث تهيمن حروب مختلفة على الساحة الدولية.
التنافس الجيوسياسي الحاد بين القوى العظمى
أبرز هذه النزاعات تتصدرها حرب الكرامة في السودان، والصراع الروسي الأوكراني، والعدوان الإسرائيلي على غزة، دكتور حسن شايب دنقس، مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والاستراتيجية في السودان، أشار في تصريحات خاصة لموقع "تحيا مصر" إلى أن هذه الأزمات لا تعكس مجرد صراعات محلية أو إقليمية، بل هي مؤشّر على التنافس الجيوسياسي الحاد بين القوى العظمى.
كما أبرز أن هذه الأزمات تسلط الضوء على هشاشة النظام الدولي وعدم قدرته على تحقيق الاستقرار والأمن العالميين، بالرغم من الأهداف المعلنة للأمم المتحدة ومجلس الأمن في الحفاظ على السلم الدولي.
النظام الدولي يعجز عن الوفاء بوعوده
أوضح دنقس أن الحرب في السودان هي واحدة من الأزمات التي شهدت تزايدًا في التدخلات الإقليمية والدولية، ما جعلها حربًا لا تقتصر على الصراع الداخلي فقط، بل تشمل أبعادًا إقليمية ودولية.
وقال: "لقد تم توفير السند الدولي لمليشيا الدعم السريع في السودان، بالرغم من ارتكابها لجرائم تطهير عرقي وإبادة جماعية، وما زالت لم تُصنف كمنظمة إرهابية، على الرغم من أنها تتسم بكل معايير الإرهاب".
وأضاف أن ذلك يشير إلى ضعف القيم الإنسانية التي يُدعى العالم التمسك بها، في ظل تزايد الاعتداءات على سيادة الدول، وابتزازها سياسيًا لفرض الهيمنة عليها.
صراع القوى العظمى: الحرب الروسية الأوكرانية نموذجًا
انتقل دنقس للحديث عن الحرب الروسية الأوكرانية التي تحولت إلى مواجهة مباشرة بين روسيا من جهة والغرب بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، حيث تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها دعم كييف بالأسلحة والمساعدات، في الوقت الذي تواصل فيه موسكو تكثيف عملياتها العسكرية.
تابع: هذه الحرب باتت اختبارًا حقيقيًا لميزان القوى العالمي، إذ تسعى روسيا من خلالها إلى إعادة تأكيد نفوذها وإحياء أمجادها التي فقدتها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، بينما تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تقويض هذا النفوذ عبر سياسة العقوبات الاقتصادية.
هل تنجح سياسات الاتحاد الأوروبي في كبح جماح روسيا؟
وفيما يتعلق بتصاعد الحرب في أوكرانيا، يرى دنقس أن سياسات العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا لن تكون كافية لوقف توسع نفوذها. بل على العكس، قد تؤدي إلى تأجيج الصراع إلى أبعد مدى، مما يهدد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم.
وأكد أن هذا التصعيد يعكس تحولات استراتيجية تهدد استقرار النظام الدولي القائم وتفتح المجال لتقويض المعايير السياسية التي كانت سائدة.
المحلل السياسي السوداني: "حرب إبادة في غزة وسط صمت دولي ودعم خفي لإسرائيل"
أكد المحلل السياسي السوداني أن العدوان الإسرائيلي على غزة دخل مرحلة غير مسبوقة من العنف، حيث أسفرت العمليات العسكرية عن دمار هائل وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين.
وأضاف أن الصمت الدولي تجاه ما يحدث في غزة ليس بالأمر المستغرب، في ظل دعم بعض الدول الغربية لإسرائيل علنًا وسرًا، في وقت يعاني فيه الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية.
وأوضح المحلل أن هذه الحرب تأتي في وقت حساس يعاني فيه السودان من تحديات خاصة به، حيث أشار إلى دور بعض الدول العربية والإسلامية التي قد تكون ساهمت في إشعال الصراع في المنطقة.
ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة لوقف العدوان، إلا أن تلك الجهود باءت بالفشل، ما يطرح تساؤلات حول ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الدولية وحقوق الإنسان.
عالم يسوده فوضاوية
وأشار المحلل السياسي إلى أن العالم يسير نحو مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار، حيث يتنافس القوى الكبرى دون وجود حلول دبلوماسية فعالة، مما يزيد من تعقيد الصراعات ويطيل أمدها.
في ظل تصاعد التوترات، يبقى السؤال الأهم: هل سيشهد العالم نظامًا جديدًا يعيد التوازن، أم أننا أمام مرحلة جديدة من الحروب التي قد تمتد لعقود قادمة؟
أزمة النظام الدولي في مواجهة التحديات العالمية
في ظل هذا التنافس الجيوسياسي الحاد، يصبح واضحًا أن النظام الدولي في صيغته الحالية عاجز عن الوفاء بوعوده المتعلقة بحفظ السلام وحل النزاعات.
الصراعات المسلحة في مختلف أنحاء العالم تكشف عن التناقضات في السياسات الدولية، وعدم قدرة المؤسسات الكبرى مثل الأمم المتحدة على معالجة الأزمات بشكل فعال.
ويبدو أن العالم أمام تحدٍ كبير، حيث تتزايد التوترات والتهديدات التي قد تؤثر بشكل عميق على الأمن والاستقرار العالميين.
في الختام، أشار المحلل السوداني، إلى أن الشعوب هي التي تدفع الثمن الأكبر في هذه الحروب والصراعات المستمرة.
0 تعليق