أكد حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، أن الأزمة الحقيقية التي يواجهها الفلاح المصري ليست في ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه، كما يظن البعض، بل في انخفاضها إلى مستويات أقل من تكلفة الزراعة، مما يعرض المزارعين لخسائر فادحة، موضحا أن زيادة المساحات المزروعة وكثرة المعروض أدى إلى تراجع الأسعار، وهو ما ظهر بوضوح في محاصيل مثل الطماطم والبطاطس، التي تباع حاليًا بأقل من تكلفة إنتاجها.
وأضاف نقيب الفلاحين، في تصريحات خاصة لـ"مصر تايمز"، أن بعض المحاصيل شهدت ارتفاعًا في الأسعار، مثل الليمون والخيار، نظرًا لقلة المعروض في الموسم الحالي، لكن بشكل عام، تعاني معظم المحاصيل من انخفاض الأسعار، وهو ما يزيد من أعباء الفلاحين، خاصة في ظل غياب نظام الزراعة التعاقدية الذي يضمن لهم هامش ربح مناسب.
ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية
وأشار أبو صدام إلى أن ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية، مثل التقاوي والمبيدات والأسمدة، يعود إلى اعتماد مصر على الاستيراد، مما يجعل أسعارها مرتبطة بسعر الدولار. وعلى الرغم من توفر الأسمدة، إلا أن بعض الفلاحين يضطرون إلى شرائها من السوق السوداء بسبب عدم كفاية الحصص المدعمة، ما يؤدي إلى ارتفاع التكلفة الزراعية وزيادة الأعباء المالية على المزارعين.
اختفاء بعض المحاصيل
وعن اختفاء بعض المحاصيل من الأسواق، أوضح نقيب الفلاحين أن الأمر يختلف من محصول لآخر، حيث أن بعض المحاصيل ليست أساسية لكنها تشهد طلبًا مرتفعًا في مواسم معينة، مثل ورق العنب، الذي يزداد عليه الطلب خلال شهر رمضان، في حين أن إنتاجه الأساسي يكون في مايو، ما يؤدي إلى ارتفاع سعره لقلة المعروض منه.
المحاصيل الشتوية
وفيما يتعلق بتأثير التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي، أكد أبو صدام أن التغيرات المناخية تؤثر بلا شك على القطاع الزراعي، لكنها لم تسبب تأثيرات كبيرة على المحاصيل الشتوية هذا العام، موضحًا أن معظم الخضروات والفواكه متوفرة بكميات كبيرة في الأسواق.
أزمات الفلاحين
وشدد نقيب الفلاحين على أن أبرز التحديات التي تواجه المزارعين حاليًا تتمثل في انخفاض أسعار المنتجات الزراعية عن تكلفة زراعتها، إلى جانب الارتفاع الكبير في أسعار المستلزمات الزراعية.
وأضاف أن الدولة تقدم دعمًا للأسمدة المدعمة لأصحاب الحيازات الزراعية، لكن المشكلة الحقيقية تواجه أصحاب الأراضي الجديدة الذين يضطرون إلى شراء الأسمدة من السوق الحر بأسعار مرتفعة.
كيف يؤثر ارتفاع أسعار المستلزمات على الإنتاج الزراعي؟
وحول تأثير ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات على الإنتاج الزراعي، أشار أبو صدام إلى أن أي زيادة في تكلفة المستلزمات الزراعية تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يجبر الفلاحين على بيع محاصيلهم بأسعار مرتفعة، وإن لم يتمكنوا من ذلك، يتعرضون لخسائر كبيرة.
ولفت إلى أن الأسعار في النهاية تخضع لقانون العرض والطلب، كما هو الحال مع الطماطم حاليًا، التي تباع بأسعار منخفضة رغم ارتفاع تكلفتها.
هل الدعم الحكومي كافٍ لحل الأزمة؟
وفيما يخص الدعم الحكومي، أكد نقيب الفلاحين أن الدعم كافٍ للبعض وغير كافٍ للبعض الآخر، موضحًا أن الفلاحين الذين يمتلكون حيازات زراعية يحصلون على الأسمدة المدعمة، بينما يضطر أصحاب الأراضي الجديدة إلى شراء المستلزمات من السوق الحر بأسعار مرتفعة.
كما أن أسعار المبيدات والتقاوي تتأثر بالسوق العالمية بسبب الاستيراد، معربًا عن أمله في توفير هذه المستلزمات محليًا بأسعار مناسبة.
الحلول المقترحة لإنقاذ الفلاحين
واقترح نقيب الفلاحين مجموعة من الحلول لتخفيف الأعباء عن الفلاحين وضمان استمرارية الإنتاج الزراعي، منها:
- تفعيل قانون الزراعة التعاقدية ليشمل جميع المحاصيل لضمان بيع المحاصيل بسعر عادل.
- توفير التقاوي والمبيدات والأسمدة بأسعار معقولة لدعم الفلاحين.
- دعم الفلاح ماديًا ومعنويًا لضمان استمراره في الزراعة.
- فتح أسواق خارجية لتصدير الفائض من المحاصيل بهدف تحقيق عائد اقتصادي جيد.
- الاهتمام بالتصنيع الزراعي لإضافة قيمة للمنتجات، مثل صناعة الصلصة والمركزات الزراعية.
تحقيق التوازن بين مصلحة الفلاح والمستهلك
وعن كيفية تحقيق التوازن بين مصلحة الفلاح الذي يواجه ارتفاع التكاليف ومصلحة المستهلك الذي يعاني من غلاء الأسعار، أكد حسين أبو صدام أن هذه مسؤولية الدولة من خلال:
- توسيع الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاج للحد من التقلبات السعرية.
- تحسين طرق الري والتقاوي للحصول على إنتاج أعلى بتكلفة أقل.
- دعم الفلاح ماديًا عند انخفاض الأسعار لمنع تعرضه للخسائر.
- تنظيم خريطة زراعية واضحة لتحديد المحاصيل المطلوبة بكميات مناسبة، دون إفراط يؤدي إلى انهيار الأسعار أو نقص يسبب ارتفاعها.
خطط الحكومة لدعم الفلاحين
وأوضح نقيب الفلاحين أن الدولة أطلقت عدة مبادرات لدعم الفلاحين، من بينها:
- المشروع القومي للخضروات والفواكه لتعزيز الإنتاج المحلي.
- مبادرة "حياة كريمة" التي تقدم دعمًا شاملًا للفلاحين.
- توفير قروض ميسرة لتحديث أنظمة الري والانتقال إلى الري بالتنقيط.
- دعم الفلاحين في الأسمدة والتقاوي لتخفيف الأعباء المالية عنهم.
- تقديم الإرشاد والتوعية الزراعية لتحسين الإنتاجية وضمان جودة المحاصيل.
رسائل نقيب الفلاحين للفلاحين والمستهلكين والمسؤولين
واختتم حسين أبو صدام تصريحاته بتوجيه ثلاث رسائل:
- للفلاحين: ضرورة التخطيط الجيد قبل زراعة أي محصول، وعدم التسرع في اختيار محاصيل لمجرد أن أسعارها مرتفعة في وقت معين، لأن زيادة الإنتاج دون دراسة تؤدي إلى خسائر. كما يجب شراء المستلزمات الزراعية من مصادر موثوقة لتجنب التعرض للغش التجاري.
- للمستهلكين: تفهم آليات السوق وقوانين العرض والطلب، مع دعم المنتجات المحلية لتشجيع الزراعة الوطنية.
- للمسؤولين: ضرورة تفعيل قانون الزراعة التعاقدية، وضع خريطة زراعية واضحة، وزيادة دعم الفلاحين لتخفيف الأعباء عنهم وضمان استمرار الإنتاج الزراعي في مصر.
0 تعليق