اختزال وتشويه.. هل خيّب مسلسل "معاوية" آمال المشاهدين؟

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

منذ انطلاق عرض مسلسل "معاوية"، واجه العمل انتقادات واسعة بسبب الأخطاء التاريخية التي رصدها المتابعون، فضلًا عن مشكلات إخراجية، على الرغم من الميزانية الضخمة التي رُصدت له، والتي بلغت 100 مليون دولار.

اختزال مفرط للأحداث التاريخية

منذ الحلقة الأولى، بدا واضحًا أن صناع العمل اختصروا الأحداث بشكل مفرط، مما أثر سلبًا على السياق التاريخي، فبدلًا من تقديم صورة متكاملة عن فترة نشأة معاوية، ركز المسلسل على عائلته فقط، بينما تم تهميش العديد من شخصيات قريش المؤثرة، مثل أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وخالد بن الوليد، الذين ظهروا بشكل مقتضب لا يتناسب مع أدوارهم المحورية في تلك الحقبة البارزة من التاريخ الإسلامي.

فمثلا في مشهد غزوة بدر، تم تمرير الحدث بمشهد واحد فقط، بينما لم يظهر من غزوة أحد سوى لقطة حوارية بين أبو سفيان وزوجته داخل الخيمة، مما جعل المشاهد يشعر إن المعالجة الدرامية ضغيفة.

لم تقتصر الانتقادات على اختزال الأحداث، بل طالت أيضًا الأخطاء التاريخية الصريحة، وعلى سبيل المثال، في غزوة حنين، يظهر مشهد يُنقذ فيه معاوية خالد بن الوليد، وهو أمر لم تذكره المصادر التاريخية، حيث أن خالد أُصيب في المعركة لكنه لم يكن بحاجة لإنقاذ من معاوية، كما ورد خطأ آخر حين أظهر المسلسل أن أبو سفيان فقد إحدى عينيه في غزوة حنين، بينما تؤكد الروايات التاريخية أن فقده لعينه حدث في حصار الطائف الذي وقع بعد المعركة.

مشاهد تاريخية مفصلية تم إلغاؤها أو تشويهها

في مشهد إعلان وفاة الرسول ﷺ، لم يتم تقديم الخطاب الشهير لـعمر بن الخطاب، الذي قال فيه: "إن رجالًا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي، وإن رسول الله والله ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران"، بل ظهر (سامر المصري) الذي يجسد شخصية عمر  صامتًا، مما أفقد المشهد قوته الدرامية والتاريخية، كما تم تجاهل مشهد بيعة أبي بكر الصديق، ولم يُعرض سوى مشهد مقتضب لوفاته، ثم قفزت الأحداث فجأة إلى خلافة عمر بن الخطاب، دون أي تمهيد أو تقديم مناسب لهذا التحول التاريخي المهم.

ديكورات لا تعكس الحقبة الزمنية

على الرغم من الإمكانيات الإنتاجية الكبيرة، بدت مشاهد المسلسل غير متصلة، حيث يتنقل المشهد فجأة من النهار إلى الليل دون أي توضيح زمني أو تسلسل منطقي، كما أن تصوير معارك لم يتضمن سوى لقطات سريعة للخيول والغبار، دون أي مشاهد قتالية مقنعة أو إبراز لدور القادة العسكريين الكبار.

إضافة إلى ذلك، كانت تصميمات الملابس غير متوافقة مع العصر، حيث ظهر جيش المسلمين بارتداء خوذ مملوكية، بينما ظهرت النساء بملابس كاشفة دون حجاب، في مشاهد تتناقض مع طبيعة تلك الفترة التاريخية الإسلامية.

بجانب الأخطاء التاريخية، عانى المسلسل من سيناريو ضعيف حيث تم اختصار قصة كتابة معاوية للوحي في مشهدين فقط، دون توضيح أهميتها أو سبب اختياره لهذا الدور، كما افتقر العمل إلى الحوارات القوية، مما جعل أداء الممثلين يبدو باهتًا وباردًا.

قفزات زمنية غير مبررة

مع تقدم الحلقات، زادت وتيرة التسارع العشوائي للأحداث، حيث قفز العمل مباشرة من وفاة الرسول (ص) إلى خلافة عمر بن الخطاب، ثم إلى معركة اليرموك، ثم إلى فتح الشام وتولي معاوية الحكم، دون تقديم سياق واضح أو إبراز للدور المحوري الذي لعبه القادة المسلمون مثل خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص في هذه الفتوحات.

حتى معركة فتح "قيسارية" تم تقديمها بطريقة خيالية، حيث صور المسلسل أن معاوية قرر دخول المدينة عبر أنفاق بعد أن شاهد ثعلبًا يحفر الأرض، في حين أن المصادر التاريخية تؤكد أن الفتح تم عن طريق خيانة داخلية من أحد سكان المدينة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق