مسابقات رقمية لتجويد القرآن الكريم تبتغي ترغيب الناشئة وتكريس الوسطية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بمجرد ما تبقت أيام قليلة على دخول شهر رمضان، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تغص بإعلانات متواترة لمسابقات رمضانية لحفظ وتجويد القرآن الكريم، تستهدف في معظمها فئة الأطفال دون سن 18، منظمة من قبل مراكز تتبع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو لجمعيات مدنية محلية، ما يعد “بتقوية صلات الناشئة بكتاب الله وقيمه السامية الوسطية، وتحصينها من أي خطاب متطرف يجافي نموذج التدين المغربي”.

قيمة هذه المبادرات كما استحضر باحثون في العلوم الشرعية والشأن الديني، تتجلى أساسا في كونها “تنظم بفضاءات رقمية يبقى خطر جرفها للناشئة نحو التطرف أو الانحراف قائما ومطروحا، ما يستوجب دائما ملء الفراغ الذي يمهد له بفعاليات تجعل هذه الفضاءات منصة للترغيب في حفظ القرآن الكريم، وتدبر معانيه الوسطية، تمهيدا لجعلها منهج حياة للناشئة”.

وعاينت جريدة هسبريس الإلكترونية، خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، إعلانات عن المسابقات المذكورة، يلتقي قسط كبير منها في اشتراط أن يتراوح سن المتسابق ما بين 7/8 سنوات و18 سنة، و”الالتزام بقواعد القراء المغاربة، خصوصا رواية ورش عن نافع”، مع التأكيد أحيانا على أن تكون المشاركات المسجلة (في حالة المسابقات عن بعد) “دون مؤثرات صوتية”.

منصات ترغيب

عبد اللطيف الوزكاني، باحث في العلوم الشرعية، استحضر كون “رمضان شهر القرآن الكريم، حيث أنزل الله فيه كتابه العزيز”، مبرزا أنه “من هذا المنطلق، تحرص المجالس العلمية، بتنسيق مع مندوبيات الأوقاف والشؤون الإسلامية، والجمعيات المرخص لها والمؤسسات التعليمية، على تنظيم مسابقات تجويد وحفظ القرآن الكريم، خاصة للفئات العمرية الصغيرة، بهدف تعزيز علاقتها بكتاب الله وترسيخ قيمه السامية”.

وقال الوزكاني، ضمن تصريح لهسبريس، إن “هذه المسابقات تعتبر وسيلة فعالة لترغيب الناشئة في حفظ كتاب الله وتجويده؛ إذ يجدون فيها مجالا للتنافس الشريف، امتثالا لقوله تعالى: (وفِي ذٰلِك فلْيتنافسِ ٱلْمُتنٰفِسُون)”، مضيفا أن “في مقدمتها مسابقة محمد السادس الوطنية في حفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده، التي تُعد من أعرق المسابقات بالمملكة، وتعكس العناية الخاصة التي يوليها أمير المؤمنين لخدمة كتاب الله ونشر تعاليمه”.

كما ذكّر الباحث في العلوم الشرعية، وهو أحد القائمين على “المسابقة العيدية الدولية” في حفظ وتجويد القرآن الكريم، بمسابقة “مواهب في تجويد القرآن الكريم” التي تبثها القناة الثانية.

وأكد الوزكاني أنه “لا يمكن إنكار مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي في تعليم الناشئة أصول التلاوة والتجويد؛ إذ أصبح بإمكانهم متابعة دروس التجويد، والتفاعل مع التلاوات النموذجية، والمشاركة في المسابقات الرقمية التي تُحفزهم على تحسين أدائهم”، مستدركا بأنه “رغم ذلك، قد ينشغل الأطفال والمراهقون بالألعاب الإلكترونية التي تستهلك وقتهم دون فائدة، أو يجد بعضهم أنفسهم عرضة لخطابات متطرفة تبعدهم عن روح الإسلام السمحة”.

وفي هذا السياق، تأتي المسابقات المنظمة عن بعد، وفقا للباحث ذاته، “كعامل أساسي في جذب الأبناء إلى مراتع الخير، حيث توفر لهم بيئة آمنة ومشجعة لاختبار مهاراتهم في التلاوة والتجويد، وتحفزهم على التنافس في مجالات تعود عليهم بالنفع، بعيدا عن المحتويات السلبية”، موضحا أنه “من خلالها تجد الناشئة فرصة للانخراط في أجواء إيمانية تُقوي صلتها بالقرآن الكريم، وتزرع فيها حب التلاوة والحفظ، مما يسهم في بناء شخصياتهم على أسس الاعتدال والوسطية”.

استهداف التحصين

قال حسن الموس، باحث في العلوم الشرعية عضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث، إن “مسابقات تجويد القرآن الكريم التي يتم تنظيمها خلال شهر رمضان الكريم، من حيث الجوهر ليست بعمل جديد عن المغاربة، الذين ثبت عبر التاريخ ارتباطهم القوي بكتاب الله، إلى حد أن ابن خلدون تحدث في مقدمته عن تميز المغاربة فيه حفظا ومدارسة وتجويدا”.

وأوضح الموس، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه العناية بالقرآن الكريم تظهر بشكل بارز، وتتكرس”، مفيدا بأن “لهذه المسابقات دورا كبيرا في تحصين الشباب المغربي ورفع تمسكه بالتدين المعتدل وإبعاده عن الجماعات المتطرفة والإرهابية، مما ينسجم مع بقاء المغرب منذ دخله الإسلام متبنيا لنموذج التدين المعتدل والمسالم والمتعايش”.

“فكل هذه المسابقات تصب في اتجاه حفظ أبناء وطننا وتأهليهم لأن يصيروا متمسكين بدينهم وخدومين لمصلحة وطنهم”، يضيف الباحث نفسه.

وعد الموس أن هذه الفعاليات، “هي تتويج لعمل دؤوب طيلة السنة؛ فوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لديها كتاتيب قرآنية في أغلب المساجد، يقبل عليها الأطفال، وإن كانوا متمدرسين، أساسا خلال عطلة نهاية الأسبوع: السبت والأحد، وأيام الأربعاء”، مستحضرا “وجود تلاميذ اجتازوا البكالوريا، وفي الوقت نفسه تمكنوا من ختم القرآن الكريم”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق