صليب , في ظل أجواء أربعاء الرماد ، الذي يمثل مناسبة دينية هامة في التقويم المسيحي، ظهر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال إحدى الفعاليات الرسمية بالعلامة على جبينه، مما أثار نقاشًا واسعًا حول دلالات هذا الفعل الدينية والسياسية.
هذا الظهور الذي تزامن مع بداية الصوم الكبير لدى الكاثوليك، طرح تساؤلات حول مدى توافق ذلك مع القيم المسيحية ومدى توظيف الرموز الدينية في السياسة.
صليب الرماد تقليد ديني أم توظيف سياسي؟
ماركو روبيو، المعروف بانتمائه إلى اليمين المحافظ، ظهر بهذه العلامة خلال مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، وهو ما لفت الأنظار وأثار العديد من التعليقات.
ويُعتبر أربعاء الرماد يومًا دينيًا يرمز إلى التوبة والتذكير بفناء الإنسان، حيث يتم وضع الصليب المصنوع من رماد النخيل المحروق على جباه المصلين خلال القداس، ثم يُمسح لاحقًا عند مغادرتهم الكنيسة.
في هذا السياق، أوضح الأب رفيق جريش، المتحدث السابق باسم الكنيسة الكاثوليكية، أن هذا الطقس متبع في الكنائس الكاثوليكية في هذا اليوم كجزء من الاستعداد الروحي للصوم الكبير، لكنه عادة لا يُستخدم خارج الإطار الديني.
إلا أن ظهور وزير الخارجية الأمريكي بهذه العلامة أثناء حديثه عن سياسات بلاده الخارجية، لا سيما في قضايا مثل غزة وأوكرانيا، أثار تساؤلات حول ما إذا كان الأمر يعكس إيمانًا شخصيًا، أم أنه محاولة لتوجيه رسائل سياسية ودينية.
المطران عطا الله حنا يعقب على صليب الرماد لوزير الخارجية
من جانبه، علّق المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس في القدس، على الواقعة، مؤكدًا أن التفاخر بالصليب يتطلب الالتزام بقيم المحبة والعدالة، وليس مجرد ارتدائه كشعار. وقال المطران:
“من يريد أن يزين جبينه، عليه أن يتعلم من المصلوب قيم المحبة والرحمة والإنسانية. لا يكفي أن يرتدي الشخص رمزًا دينيًا، بل يجب أن يكون منحازًا للمظلومين والمتألمين، وليس داعمًا للظلم والاستبداد.”
وأضاف أن المسيحي الحقيقي لا يمكن أن يدعم السياسات القمعية التي تضر بالشعوب، مؤكدًا على ضرورة إزالة الظلم عن الشعب الفلسطيني والسعي إلى السلام والعدالة. كما انتقد استخدام الرموز الدينية في السياسة، معتبرًا أن ذلك يضر بجوهر الرسالة المسيحية ويشوهها.
قداس في البيت الأبيض وردود أفعال متباينة
في سياق متصل، أقيم قداس خاص في البيت الأبيض بمناسبة أربعاء الرماد، حيث أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسيدة الأولى ميلانيا ترامب بيانًا بهذه المناسبة، جاء فيه:
“في هذا اليوم، ننضم إلى عشرات الملايين من المسيحيين الذين يبدؤون موسم الصوم الكبير، وهو وقت للصلاة والصيام والتأمل.”
وأضاف البيان أن الصليب المرسوم على الجباه يذكر الإنسان بفنائه، ويؤكد الحاجة إلى محبة المسيح ورحمته اللامتناهية.
ومع ذلك، كان الظهور العلني لروبيو أثناء حديثه عن السياسة الخارجية أكثر ما أثار الجدل. فقد رأى البعض في ذلك محاولة لإظهار تدينه وتأكيد هويته الدينية، بينما اعتبر آخرون أن تداخل الدين مع السياسة في هذا الشكل قد يكون غير مناسب، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا دولية حساسة.
تعكس هذه الواقعة الجدل الدائم في الولايات المتحدة حول دور الدين في الحياة السياسية. فبينما يؤكد البعض أن إظهار الانتماء الديني في الفضاء العام هو حق شخصي، يرى آخرون أن استخدام الرموز الدينية في السياسة قد يؤدي إلى تسييس الدين واستغلاله لتحقيق مكاسب سياسية.
0 تعليق