د. وائل كامل يكتب: جامعة العاصمة ...

كشكول 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تعد الكليات الفنية في مصر، مثل كلية التربية الموسيقية والفنية، الفنون الجميلة والتطبيقية، من أبرز المؤسسات التعليمية التي تساهم في تشكيل الإبداع الثقافي والفني للأجيال القادمة. 

كما أنها تستند إلى القصور والمباني الأثرية التاريخية كمقرات لها، مما يجعل هذه الأماكن جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي للبلاد، في الآونة الأخيرة، ظهرت دعوات لنقل هذه الكليات بحجة توحيد الكليات في حرم جامعي واحد، بالإضافة إلى اقتراحات بتحويل القصور التاريخية إلى فنادق أو مشاريع تجارية. لكن هذه الخطوات قد تحمل مخاطر كبيرة على البيئة التعليمية والهوية الثقافية، وهو ما يستدعي ضرورة الحفاظ على هذه المباني وإبقائها جزءًا من العملية التعليمية.

القصور والمباني التاريخية التي تحتضن كليات الفنون في مصر ليست مجرد مبانٍ، بل هي رموز حية للتراث الثقافي والمعماري. إن الحفاظ على هذه المباني كمراكز أكاديمية، كما تفعل العديد من الجامعات العالمية مثل أكسفورد وكامبردج وهارفارد والسوربون... الخ، يساهم في الحفاظ على القيمة الثقافية والمعمارية لهذه الأماكن. فعلى سبيل المثال، جامعة أكسفورد وجامعة السوربون في باريس تحتفظان بمباني تاريخية تكمل العملية التعليمية وتدعم الأنشطة الثقافية في نفس الوقت.

تحويل هذه القصور إلى مشاريع تجارية أو فنادق قد يؤدي إلى تدمير طابعها المعماري، مما يهدد جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي المصري. البيئة التعليمية التي توفرها هذه المباني، خاصة في المجالات الفنية، لا يمكن تعويضها في المباني الحديثة. فالتفاعل مع المكان التاريخي يساهم في تحفيز الإبداع الفني للطلاب، الذين يتفاعلون مع المتاحف والأوبرا والمواقع الثقافية المحيطة.

إذا تم نقل هذه الكليات، سيخسر الطلاب هذا المورد المهم الذي يعزز قدرتهم على الابتكار والتفاعل مع تاريخهم الثقافي. فالمكان جزء أساسي من عملية التعلم الفني، وتغيير هذا السياق قد يؤثر سلبًا على نوعية التعليم. من هنا، يجب الحفاظ على القصور التاريخية كمراكز تعليمية، بما يعزز من مكانتها الثقافية والتعليمية.

تجارب الجامعات العالمية مثل جامعة أكسفورد، حيث يتم الحفاظ على المكتبات والمباني التاريخية كمراكز أكاديمية، تثبت أن المباني التاريخية يمكن أن تظل جزءًا من التعليم الأكاديمي دون المساس بتاريخها أو طابعها المعماري. أيضًا، جامعة كامبريدج تستخدم المباني التاريخية كمراكز تعليمية، وهذا يساهم في تعزيز قيمة التراث الثقافي الأكاديمي. وتجدر الإشارة إلى أن بعض كليات الجامعات الكبرى تقع خارج الحرم الجامعي الرئيسي، مما يبرهن على أنه ليس بالضرورة أن تكون جميع الكليات في نفس الموقع. على سبيل المثال، جامعة أكسفورد تتضمن كلية إدارة الأعمال  التي تقع في منطقة بعيدة عن المركز الرئيسي للجامعة، وكذلك جامعة كامبريدج التي تستخدم مباني تاريخية كمراكز تعليمية خارج الحرم الجامعي التقليدي.

على الرغم من أن تحويل القصور إلى فنادق قد يحقق عوائد مالية سريعة، فإن العوائد المستدامة تأتي من الحفاظ عليها كمرافق تعليمية وثقافية. هذا الاستخدام المستدام لا يساهم فقط في الحفاظ على التراث الثقافي، بل أيضًا في تعزيز الإبداع الفني ودعمه على المدى الطويل.

في الختام، إن نقل الكليات الفنية من مقراتها التاريخية وتحويل القصور إلى مشاريع تجارية أو فنادق يشكل خطرًا على التراث الثقافي في مصر. يجب أن تظل هذه المباني جزءًا من الذاكرة الثقافية الوطنية وتستمر في أداء دورها كمراكز تعليمية تدعم الثقافة والفنون، مما يسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية وتعزيز الإبداع الفني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق