وسط الرهان على مضاعفة أعداد الشركات الناشئة وخريجي التخصصات الرقمية بحلول سنة 2030، في إطار استراتيجية “المغرب الرقمي”، أكد خبراء في التطوير الرقمي والمعلوماتي أن القفزة المرتقب أن تشهدها حركة البيانات عبر الهاتف المحمول وعدد مستخدمي الهواتف الذكية في منطقة الغرب الإفريقي أساسا بحلول السنة المذكورة، “تعد هذه الشركات وهؤلاء الخريجين بفرص واعدة، شريطة اغتنام الفرصة لمواكبة تسيد فاعلين من جنسيات أخرى، أساسا مصر، على سوق المنطقة”.
وأظهر تقرير حديث للجمعية العالمية لمستغلي شبكات الهاتف المحمول، المعروفة اختصارا بـ”GSMA”، أن “منطقة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “CEDEAO”، من المتوقع أن يسجل بها أعلى معدل لحركة البيانات عبر الهاتف المحمول بحلول سنة 2030، أي ما يعادل 10,1 جيجابايت”، حسبما أكدت وكالة “إيكوفين” المتخصصة في الأنباء الإفريقية، مفيدة بأن هذا النمو سيكون مدفوعا “بزيادة استخدام الهواتف الذكية”.
وفي هذا الصدد، “تقدّر الجمعية أن يرتفع معدل اعتماد الهواتف الذكية من 51 في المئة في سنة 2023 إلى 81 في المئة بحلول سنة 2030″، على أن منطقة المجموعة المذكورة ستظل “الأكثر ديناميكية، وذلك بفضل استجابتها السريعة في تنفيذ الإجراءات اللازمة لتطوير قطاع الاتصالات؛ (إذ) يتوقع أن يرتفع معدل اعتماد الهواتف الذكية في غرب إفريقيا من 54% المسجل في عام 2023 إلى 83% بحلول سنة 2030”.
ووفق التقرير ذاته، فبينما يتوقع أن يسجل العالم ما يقرب من 800 مليون مشترك جديد في خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول بحلول عام 2030، فإن نيجيريا، البلد الغرب إفريقي، سيجل بها لوحدها ما يصل إلى 32 مليون مشترك إضافي في الخدمة بحلول السنة ذاتها.
وأوضح الخبراء المغاربة في ميدان التطوير الرقمي أنه “بالنظر إلى ما كشفت عنه السنوات الأخيرة من تغيرات في تفضيلات خريجي التخصصات الرقمية بالمغرب؛ بحيث أصبح جزء مهم منهم يقصدون الأسواق الإفريقية، وكذا لما يتميزون به والشركات المغربية الناشئة من صيت كبير داخل هذه الأسواق، فإن التطورات التي تتوقعها الجمعية على صعيد القطاع الرقمي بغرب إفريقيا تعد بمضاعفة حضور الفاعل الرقمي المغربي بهذه المنطقة”.
“فرص واعدة”
قال حسن خرجوج، خبير في التطوير الرقمي والمعلوماتي، إن “دول منطقة غرب إفريقيا تبصم على تطور كبير على مستوى الرقمنة، شأنها شأن غالبية الدول الفقيرة التي تتخذ هذا التوجه، بغرض محاربة نسب البطالة المرتفعة وندرة فرص العمل”، مستحضرا “على سبيل المثال، دولة نيجيريا التي يقطنها حوالي 200 مليون نسمة، نسبة كبيرة منهم تستخدم الهواتف الذكية”.
وأوضح خرجوج، ضمن تصريح لهسبريس، أن “التطور المرتقب لحركية البيانات عبر الهاتف المحمول، والتصاعد المتوقع لعدد مستخدمي الهواتف الذكية بغرب القارة السمراء، يحملان فرصا مهمة للشركات المغربية الناشئة العاملة في مجالات رقمية مختلفة، وكذلك بالنسبة للشباب خريجي الشعب الرقمية”، مشددا على أن “الدولة المغربية برمتها ستستفيد، خصوصا من خلال تضاعف مداخيلها من العملة الصعبة”.
وشرح الخبير في التطوير الرقمي أن “بيع الخدمات الرقمية داخل الأسواق الإفريقية ذات الكثافة السكانية العالية سوف يدر مداخيل مهمة من العملة الصعبة على خزينة المغرب، ما سينعكس على العملة الصعبة”، مبرزا على صعيد آخر أن “الفرص التي تتيحها الأسواق المذكورة في هذا الصدد، من شأنها جعل الكفاءات المغربية في الميادين الرقمية تحس باستقلاليتها وقدرتها على تفجير طاقاتها الإبداعية”.
واستحضر المصرح نفسه “وجود تصاعد ملحوظ لخريجي المدارس العليا المغربية في التخصصات الرقمية الذين بدؤوا يقصدون العمل في الأسواق الإفريقية بعد التخرج، بالنظر إلى كبر هذه الأسواق بالدرجة الأولى”، مستشهدا مرة أخرى بـ”مثال نيجيريا، التي بها عدد كبير من المغاربة النشطين في كافة المجالات المعلوماتية، بما فيها ما يتصل بالتجارة الإلكترونية، وكذلك الشأن بالنسبة لموريتانيا حيث تمكن جزء مهم منهم في تأسيس شركاته الخاصة”.
وشدد خرجوج على ضرورة “عمل المغرب على مواكبة تسيد الشركات المصرية العاملة في الميدان الرقمي على مستوى القارة الإفريقية”.
خبرات مطلوبة
الطيب الهزاز، خبير في الأمن المعلوماتي، أوضح أنه “في طليعة المستفيدين من التطور المرتقب لحركية البيانات عبر الهاتف المحمول وعدد مستخدمي الهواتف الذكية بمنطقة الغرب الإفريقي، تأتي شركات الاتصالات”، مفيدا بأن “الشركات المغربية الفاعلة في مجال تطوير تطبيقات خدمات التوصيل وغيرها، التي تضاعف عددها بشكل كبير في إطار الاستراتيجيات الرقمية التي سنها المغرب، ستكون بدورها مستفيدة بشكل كبير”.
واستحضر الهزاز، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الشركات الناشئة المغربية تبصم على حضور قوي، اليوم، في كافة مناطق القارة الإفريقية، وليس في غربها فقط؛ بحيث نرى اليوم هذه الشركات تغزو أسواق جميع الدول الإفريقية”، بتعبيره، مردفا أنه “أصبح لديها صيت كبير على الصعيد الإفريقي في مجالات البرمجة والذكاء الاصطناعي”.
وشدد الخبير في الأمن المعلوماتي على أن “المغرب أصبح يعتمد بشكل كبير جدا على الأسواق الإفريقية لتسويق إنتاجه من الخدمات الرقمية مختلفة المجالات”.
ولاحظ الهزاز بدوره أن “خريجي المدارس المغربية في الشعب المرتبطة بالرقمنة أصبح لديهم ميل واضح خلال السنوات الأخيرة للاشتغال بالبلدان الإفريقية، وهو ما يتضح من خلال زيارة هذه الدول”، كاشفا أن “المغاربة أصبحوا اليوم مطلوبين بقوة للعمل في شركات ناشئة وتكوين أخرى بالقارة الإفريقية، نظرا لما أبانوا عنه من كفاءات وخبرات في ميادين الرقمنة”.
0 تعليق