المرابط: تسمية الأندلس قبطيّة .. والتعايش لا يعني "إنكار التاريخ"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال يونس المرابط، الباحث في الاستشراق الإسباني، إن لفظ “الأندلس” هو الاسم العربي الذي أطلقه الفاتحون على المنطقة التي استوطنوها بشبه الجزيرة الإيبيرية؛ لكن تغيب مراجع تستند إلى مصادر تاريخية في هذا الباب، وتكثر فرضيات من بينها أصل إسباني للتسمية يعود به إلى شبه جزيرة “أطلنتس”، وهولندي يعود به إلى ‘لاند هاوس’ المستعمل بمعنى الأرض الكثيرة المقتطعة للجرمان الوندال، والرأي الأرجح يعود إلى المستعرب الإسباني فيديريكو كورينتي قرطبة؛ الذي يعيد التسمية إلى الأصل القبطي المصري، انطلاقا من “إمندرليس”، التي سمعها العرب “أمندليس”، وتولّد بعد ذلك لفظ “الأندليس” أو الأندلس إثر تعريبها.

جاء هذا في لقاء الباحث مع الإعلامي عدنان ياسين، في بودكاست “في الاستشراق”، الذي يعرض عبر منصة “مجتمع”، حيث قال المرابط إن المصادر اللاتينية والعربية المكتوبة داخل شبه الجزيرة الإيبيرية وخارجها تجمع على أن دخول المسلمين تم “في فترة من الوهن والضعف والانحطاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني لشبه الجزيرة” التي عرفت “نظام السخرة”، واستعباد طبقة الرق التي لا تتزوج إلا بإذن السيد ويمكن أن يقسّم أبناؤها بين الأسياد، مع سيطرة طبقة قليلة على مناطق شاسعة.

وتحدث الباحث عن منطلقين للنظر إلى الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية؛ أحدهما يلفظه من كينونة الذات الإسبانية، والآخر يتبناه معتبرا إياه عنصرا أساسيا في تشكل هذه الكينونة.

وتطرق المتحدث إلى الإرهاصات غير المؤسّسة لأفكار التحول الثقافي للأندلس وعدم حدوث الفتح العسكري، وهي أفكار تبلورت علميا في القرن العشرين، ونفت فتح المسلمين للأندلس، ولها خلفية قومية إسبانية.

وحول أطروحة إنكار الفتح، ذكر الباحث أن أصحابها وضعوا خطبة طارق بن زياد ضمن الأساطير المؤسسة للفتح. ثم استدرك قائلا: “لكن، علينا أن ننتبه إلى أن الأسطورة تشاع لغرض، وكان هذا من مصلحة الأطراف العربية والأمازيغية والإسبانية؛ علما أن الخطبة العربية لابن زياد الأمازيغي بالفصاحة المرويّة أمر لا يستقيم، لكن يستفيد الأمازيغي منها لأنها تظهره مؤهلا للحديث بالعربية بشكل يقارن أو يفوق العربي، ومسألة تفيد الجيش الإسباني بتحويل طارق بن زياد إلى كتلة استشهادية تصعب مقاومتها فقد حرقت حتى سفنها مما يبرر الهزيمة، والعرب يستفيدون منها بإظهار جهل طارق العسكري”.

وحول الوجود الإسلامي الذي استمر ثمانية قرون، ذكر يونس المرابط أنه “كان خيرا خاصة للأقليات الدينية بالأندلس، بعد الحالة التي كانوا يعيشونها إبان الحكم القوطي (…) فقد تخلصوا من الجبايات المسلطة عليهم دينيا ودنيويا، مما كان عنصرا في سرعة أسلمة المجتمع (…) مقابل جزية بسيطة المبلغ لغير المسلمين، والزكاة للمسلمين”.

وبشأن الاختلافات المستمرة حول دخول الإسلام للأندلس، ذكر الباحث أن “التعايش لا يتطلب بالضرورة نفي الحدث التاريخي، أو إنكاره. ويمكن طي صفحة الماضي، بتجنب التمركز على الذات، والنظر على أننا الأصل والباقي هو الهامش.. وللأسف، هناك غاية من إنكار الفتح للخطاب الوطني القومي الكاثوليكي؛ فإلى اليوم يستعمل هذه الورقة في حربه ضد الإسلام والمسلمين، وهو ما يعاني منه المهاجرون، من طرف اليمين المتطرف.

لكن “التعايش ممكن، ويتطلب طي صفحة الماضي دون إنكارِ التاريخ”، ومن أمثلة ذلك “أكاديمية المملكة المغربية التي تنظم مبادرات مشتركة للحوار بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وعملها مستمر بندوات ومؤتمرات وأبحاث”، لكن يحتاج الأمر عملا أكثر في الجامعات؛ فتوجد شُعَب إسبانية تشتغل بدقة على قضايا مثل القضايا المناقشَة، و”نحتاج اعتماد وحدات بحث بالمغرب تعرّف بالتراكم وتترجمه، وتسهل بالتالي الحوار بين الضفتين”.

وختم يونس المرابط كلمته بقول إن “النقاش الأكاديمي عندما يتوسع، يمسّ الأطراف المهتمة والأطراف التي تحب الاطلاع؛ وهذا من شأنه التأثير على التمثلات والتصورات التي يبنيها كل طرف على حدة، ويسهل التواصل ما بين مختلف الذهنيات”.

" frameborder="0">

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق