علم الآثار يفتقد بنسليمان في المغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

سبع سنوات مرّت منذ رحيل أحد أبرز أعلام علم الآثار بالمغرب، الراحلة جوديا حصار بنسليمان، المتخصصة في الأركيولوجيا الإسلامية بالمغرب، التي أدارت متحف التاريخ والحضارات بالعاصمة الذي يحكي قصة البلاد عبر التاريخ وتعاقب الحضارات عن طريق اللُّقى والآثار، منذ نقوش ما قبل التاريخ على الصخور بالمجال المسمّى مغربا اليوم، فآثار الكتابة الليبيّة، سلف تيفيناغ، واللُّقى التي تحكي بعضا من حياة شمال إفريقيا القديم، ثم اللُّقى الفينيقية، والرومانية، فآثار الممالك الإسلامية.

حصار بنسليمان أسّست الفصلية العلمية “حديقة الهسبيريسات”، تيمّنا بـ”حدائق هيسبيريس” في الأساطير الإغريقية التي كانت ترى أن التفاحات الذهبية توجد بضفة “المغرب”، وفق المؤرّخ البارز إبراهيم بوطالب.

وكان للفقيدة دور مهم في السير بعلم الآثار في المغرب في طريق الاستقلال عن الفرضيات والتأويلات الاستعمارية، وهو ما أكّده عالم الآثار عبد الجليل بوزوكار، الذي يدير معهد علوم الآثار والتراث، بقوله إن مبادراتها قد ساهمت في بروز “المدرسة المغربية في علوم الآثار والتراث”.

وأضاف بوزوكار، في ورقة اطلعت عليها هسبريس، أن جوديا “أستاذة باحثة من العيار الثقيل، وأول مديرة للمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وفوق كل ذلك هي إنسانة صارمة في البحث العلمي وطيبة في تعاملها. ألّفت الكثير، وكُتب عنها الكثير أيضا، وفتحت للمرأة المغربية أبواب البحث في ميدان علوم الآثار والتراث”.

ووضّح عالم الآثار أن حصار التي كانت متخصصة في آثار الفترة الإسلامية، كانت “أول من استعمل الرفع الفوتوغراميتري بـ’جامعِ تنمل’ مع باحث ألماني، وهي من فتحت، بالتالي، الطريق لإدخال التكنولوجيات الحديثة في علم الآثار”، كما “فتحت أيضا أبواب الاستفادة والتعاون مع مؤسسات وطنية ودولية، وهو أمر بالغ الأهمية وساهم بشكل كبير في رسم المعالم الأولى للمدرسة المغربية في علوم الآثار والتراث”.

ولم يكن أثر حصار منحصرا في مد الجسور مع الجامعات الأجنبية، بل “مدت الجسور مع الجامعة المغربية، ولا أدلّ على ذلك العدد الكبير من أساتذتها وباحثِيها الذين ساهموا في التكوين والبحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث”.

ويقدّر مدير معهد الآثار بالرباط، الذي تخرّج منه ودرَّس بجامعات من بينها أوكسفورد وهارفارد، أن جوديا حصار قد جعلت الأركيولوجيا المغربية “بصبر وثبات، تأخذ طريقها المستقل عن فترة الحماية، وما صاحبها آنذاك من بعض التعصب والإقصاء ولي عنق النتائج”.

وختم بوزوكار كلمته بالقول: “واصلت الأركيولوجيا المغربية طريقها باستقلالية دون القطع مع التعاون الدولي والانخراط في المجهود الكبير للتعرف أكثر على تاريخ الإنسانية. وما تعيشه اليوم علوم الآثار والتراث من تطور، يعود فيه الفضل إلى من سيذكر فضلهم التاريخ”، ومن بينهم جوديا حصار بنسليمان، التي خدمت وكوّنت من يخدم “تاريخ المغرب المبهر بشكل كبير”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق