شهدت مصر في السنوات الأخيرة تقلبات اقتصادية حادة، كان أبرزها ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، ففي سبتمبر 2023، بلغ معدل التضخم السنوي 38%، ما أثر بشكل كبير على القوة الشرائية للمواطنين وزاد من الأعباء المالية على الأسر المصرية.
ومع ذلك بدأت مؤشرات الاقتصاد الكلي تظهر تحسنًا ملحوظًا مع تراجع معدلات التضخم تدريجيًا.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كيف يؤثر تراجع التضخم على الأسر المصرية؟.
تراجع كبير للتضخم في فبراير
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تباطؤ معدل التضخم السنوي في مصر، حيث سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين 246.8 نقطة لشهر فبراير 2025، مسجلاً تضخماً سنوياً قدره 12.5% مقارنة بـ 23.2% في يناير من العام نفسه.
كما انخفض معدل التضخم الشهري إلى 1.4% في فبراير مقابل 1.5% في الشهر السابق.
لماذا تراجع التضخم في فبراير؟
ويمكن إرجاع تراجع معدلات التضخم خلال فبراير الماضي، في مصر إلى عدة عوامل رئيسية:
- السياسات النقدية المتشددة: قام البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بشكل كبير، حيث وصلت إلى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض في ديسمبر 2024، بهدف كبح جماح التضخم.
- استقرار سعر الصرف: بعد فترة من التقلبات، شهد الجنيه المصري استقرارًا نسبيًا أمام العملات الأجنبية، مما ساهم في تقليل تكلفة الواردات والحد من ارتفاع الأسعار.
- تحسن الإمدادات الغذائية: ساهمت السياسات الحكومية في تحسين الإمدادات الغذائية، مما أدى إلى استقرار أسعار السلع الأساسية.
ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يعود هذا التراجع الملحوظ في معدل التضخم إلى عدة عوامل، أبرزها انخفاض أسعار مجموعة الخضراوات بنسبة -8.2%، ومجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة -0.2%، بالإضافة إلى انخفاض أسعار السلع والخدمات المستخدمة في صيانة المنزل بنسبة -0.1%.
كما ساهم ثبات أسعار مجموعة المياه والخدمات المتنوعة المتعلقة بالمسكن، ومجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى، في تعزيز هذا الاتجاه الإيجابي.
تأثير تراجع التضخم على ميزانية الأسر المصرية
تراجع معدلات التضخم له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على ميزانية الأسر المصرية:
- زيادة القوة الشرائية: مع تباطؤ وتيرة ارتفاع الأسعار، يمكن للأسر شراء المزيد من السلع والخدمات بنفس الدخل، مما يحسن من مستوى المعيشة.
- استقرار أسعار السلع الأساسية: انخفاض التضخم يساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية والوقود، مما يقلل من الضغوط المالية على الأسر.
- تحسن الثقة الاقتصادية: استقرار الأسعار يعزز ثقة المستهلكين في الاقتصاد، مما يشجعهم على الإنفاق والاستثمار.
- تأثير إيجابي على المدخرات: مع تراجع التضخم، تزداد قيمة المدخرات الحقيقية، مما يشجع الأسر على الادخار والاستثمار.

تحديات مستمرة
وعلى الرغم من التراجع الملحوظ في معدلات التضخم، إلا أن هناك تحديات لا تزال تواجه الأسر المصرية:
- ارتفاع أسعار الوقود: في أكتوبر 2024، رفعت الحكومة أسعار الوقود بنسبة تتراوح بين 10% و17%، مما أثر على تكاليف النقل وأسعار السلع.
- عجز الموازنة: توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع عجز الموازنة في مصر إلى 10.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي، مما قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية مستقبلية.
- تحديات سوق العمل: على الرغم من التحسن الاقتصادي، لا يزال هناك تحديات في توفير فرص عمل جديدة وتحسين الأجور بما يتناسب مع تكلفة المعيشة.
ويعتبر تراجع معدلات التضخم في مصر مؤشرًا إيجابيًا يعكس تحسنًا في السياسات الاقتصادية واستقرار الأسواق، وهذا التراجع ساهم في تحسين القوة الشرائية للأسر واستقرار أسعار السلع الأساسية.
ومع ذلك، تظل بعض التحديات قائمة، مثل ارتفاع أسعار الوقود وعجز الموازنة، مما يتطلب استمرار الجهود الحكومية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
ويجب على الأسر المصرية الاستمرار في التخطيط المالي الواعي، والبحث عن فرص الادخار والاستثمار التي تتناسب مع احتياجاتهم، لضمان تحقيق استقرار مالي مستدام في ظل المتغيرات الاقتصادية المستمرة.
0 تعليق