استعاد الاقتصاد العالمي استقراره، لكن الاقتصادات النامية لا تزال تواجه تحديات كبيرة، وفي ظل سعي البلدان لتعزيز النمو وتحقيق التنمية المستدامة، يُعد تمكين المرأة اقتصادياً إحدى الركائز الأساسية لتحقيق النجاح. عندما تتمكن النساء والفتيات من تحقيق أقصى استفادة من إمكاناتهن، فإن ذلك يُحدث أثراً إيجابياً يمتد إلى أسرهن ومجتمعاتهن المحلية بل والمجتمع بأسره، ما يُسهم في خلق فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وتشير الدراسات إلى أن الاستثمار في الفرص الاقتصادية للمرأة يُحدث تأثيراً مضاعفاً في الحد من الفقر وتعزيز الرخاء، حيث تعيد النساء استثمار ما يصل إلى 90% من دخلهن في أسرهن ومجتمعاتهن المحلية، فالعمل ليس مجرد مصدر للدخل فحسب، بل يحقق الكرامة، وهو القصد من الحياة، ويرتقي بها.
على المستوى العالمي، يمكن أن يؤدي تحقيق المساواة بين الجنسين في فرص العمل والأجور إلى زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 20%، ومع ذلك، لا تزال الفجوة بين الجنسين قائمة، حيث لم تتجاوز نسبة مشاركة النساء في سوق العمل في 2023 55%، مقارنة بـنحو 75% للرجال، وفي بعض المناطق، تنخفض مشاركة المرأة إلى نحو 20%، وعند دخول المرأة سوق العمل، تزداد احتمالية حصولها على وظائف غير رسمية، وغير مستقرة، ومنخفضة الأجر.
يُعد ضمان توفير مزيدِ من فرص العمل الأفضل للنساء، بما في ذلك وظائف المستقبل، عاملاً أساسياً في بناء عالم أكثر ازدهاراً ورفاهاً للجميع، لكن، تلوح في الأفق أزمة وظائف محتملة، حيث يُتوقع أن ينضم 1.2 مليار شاب إلى سوق العمل خلال العقد المقبل، في حين، من المتوقع أن يوفر سوق العمل 420 مليون فرصة عمل فقط، ما قد يترك الملايين، لا سيمّا الشابات، دون وظائف مناسبة.
استجابةً لهذه التحديات، يُعد توفير فرص العمل ركيزة أساسية في جميع جهود التنمية التي تبذلها مجموعة البنك الدولي، وفي العام الماضي، أطلق البنك الدولي المجلس الاستشاري رفيع المستوى المعني بالوظائف، بهدف صياغة سياسات وبرامج عملية توسِّع نطاق فرص العمل في الاقتصادات النامية، مع تركيز خاص على تمكين النساء والشباب.
يُعد التعليم أحد الركائز الأساسية لتمكين الشابات اقتصادياً، حيث تزيد فرص النساء الحاصلات على تعليم عالٍ في دخول سوق العمل الرسمية وتحقيق مستويات دخل أعلى، إلا أن نسبة الخريجات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لا تزال تقل عن 50% في معظم البلدان، ما يستلزم تحسين معدلات التحاق الشابات وإكمالهن الدرجات العلمية في هذه مجالات.
لذلك، لا يعمل البنك الدولي وشركاؤه على الاستثمار في تعليم الفتيات والشابات وحسب، بل أيضاً على دعم البرامج التي تسهّل انتقالهن من الدراسة إلى سوق العمل، وتعزز تنمية المهارات، وتمكّنهن من الالتحاق بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، على سبيل المثال، في بنن أطلقت هيئة التشغيل الوطنية برنامج "أزولي" في إطار مشروع البنك الدولي لإدماج الشباب، بهدف معالجة مشكلة البطالة والبطالة المقنعة بين النساء والشباب الذين يواجهون تحديات في الحصول على التعليم أو لم تُتح لهم فرصة الالتحاق به. وأسهم مشروع مساندة المجتمعات المحلية لتوفير سُبل كسب الرزق للشباب في جمهورية قيرغيز، وهو برنامج لتقاسم المنافع في إطار مشروع البنك الدولي للمساندة المجتمعية في آسيا الوسطى وجنوب آسيا-1000، في سد الفجوة في توظيف النساء من خلال تطوير المهارات وتعزيز فرص تشغيل الشباب.
تُمثِّل النساء في عديد من البلدان الركيزة الأساسية للقطاع الزراعي، حيث يشكِّلن نحو 50% من القوى العاملة في الزراعة، ويقمن بدور محوري في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز التغذية، ورغم أن النظم الغذائية الزراعية تشكّل مصدراً رئيسياً لكسب الرزق بالنسبة للنساء، فإن إنتاجيتهن تظل محدودة بسبب العقبات التي تواجههن، مثل صعوبة الحصول على التمويل والمستلزمات الزراعية، وندرة خدمات الإرشاد الزراعي، فضلاً عن التحديات المتعلقة بملكية الأراضي وحقوقها، وعلى المستوى العالمي، لا تمتلك النساء سوى 20% فقط من الأراضي الزراعية، ما يقوّض فرصهن في الوصول إلى الموارد واتخاذ القرارات في هذا القطاع الحيوي.
إطلاق العنان لإمكانات المرأة الاقتصادية

إطلاق العنان لإمكانات المرأة الاقتصادية
0 تعليق