مرة أخرى لم يفوّت المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة دون أن يحتفي بالمغربيات الأمازيغيات ذوات الريادة والتميز في مجالاتهن، مكرما هذه السنة نساءَ يحملن قبعات فنية مختلفة، ساهمن في نقل قيم “تمازيغت” عبر أفلام الشاشة الصغيرة كما عبر وصلات ومقاطع غنائية بعضها ينتمي إلى الأنماط الغنائية التقليدية لـ”إيمازيغن”، والآخر يصهرها بشكل مبدع مع أنواع غنائية عصرية.
ونظم المعهد، بمقره بالرباط، بحضور جمع من باحثيه ومثقفين ونشطاء أمازيغ، تحت شعار “الإبداع الأمازيغي النسائي: بين التراث والحداثة”، لقاء كرّم فيه ثلاث نساء بصمن على “مسارات متميزة وإبداع مشهود” في ميادينيهن، وهن: المغنية سعيدة فكري، التي تتطرق في أغانيها، بموسيقى عصرية، “لهموم الشباب والحب والسلام”، والفنانية الأطلسية حمانة الناصيري، التي غنت رفقة عدة فنانين بارزين كمصطفى أحوزار، فضلا عن فاطمة السوسي، مجسدة دورة عبوش في الفيلم ذي الصيت: بابا علي”.
وعلى هامش التكريم يحتضن المعهد معارض فنية لمنتجات ولوحات فنية “تترجم الإبداع النسائي الأمازيغي”، حيث يصادف زوار المؤسسة زرابي زيانية “تعكس دقة نسج الأطلسيات”، مقدمة من قبل المصممة حنان حكى، وكذا لوحات فنية عن نساء “إيمازغن”، لأرليث فاطيم ديدش بنسودة، فضلا عن عرض حول “عرائس إيطو” للفنانة دعاء بن حمو.
مساهمة قوية
صباح علاش، باحثة بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، عضو في لجنة الأنشطة الوطنية والدولية بالمعهد، أكدت أن “المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية دأب منذ تأسيسه على الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق المرأة، على أنه يخلده هذه السنة بالاحتفاء بمجموعة من المبدعات في مجالات مختلفة، تشمل السينما والموسيقى، وصولا إلى الرقص”، مشيرة إلى أن “الشعار المختار يحمل دلالات كثيرة تلتقي أساسا عند أهمية الإبداع النسائي الذي تخلل الثقافة الأمازيغية منذ القدم”.
وأفادت علاش، مصرحة لجريدة هسبريس الإلكترونية على هامش الحدث، بأن “الأمازيغيات نجحن في الحفاظ على مجموعة من الفنون الأمازيغية ذات الرموز والدلالات المختلفة، مثلما حافظن على لغة وثقافة ‘تمازيغت’ في شمال إفريقيا”.
وبشأن التحديات التي تواجه تقوية الإبداع النسائي الأمازيغي في الفترة الراهنة شددت الباحثة نفسها على أن “التناقل الثقافي يعتبر محورا أساسيا للحفاظ على الثقافة الغنية التي يزخر بها التراث النسائي الأمازيغي بالمغرب”.
الأمازيغية إضافة
سعيدة فكري، المغنية الأمازيغية المكرمة، قالت: “إننا بصدد الاحتفاء بالمرأة الأمازيغية كعربون عرفان بكل ما أسدته لصالح الثقافة الأمازيغية والمغربية عموما؛ فقد بصمت على إنجازات كبيرة شأنها شأن كافة نساء المغرب”، معتبرة أن “هذه الثقافة تمثل إضافة للمرأة بالمملكة في جميع المجالات، وضمنها الثقافي والإبداعي”.
وعبرت فكري، مصرحة لجريدة هسبريس الإلكترونية على هامش الحدث، عن سعادتها الكبيرة بهذا التكريم، موردة: “كُرمت على قيد الحياة موازاة مع ألمي لفراق الفنانة الكبيرة نعيمة سميح”، ومبرزة أن هذا اليوم يعني لها الكثير، إذ ستظل ذكرى تكريمها بهذه “المؤسسة الكبيرة” مذكرة لها دائما بـ”السيدة العظيمة المتوفاة”، وأفصحت: “سأهدي لها روحيا ما سوف يمنح لي ضمن هذه المبادرة”.
وتفاعلا مع سؤال للجريدة حول فرص صمود الإبداع الأمازيغي النسائي في ظل “ميل الكثير من الشباب إلى تلاوين عصرية مختلفة”، لم تخف الفنانة اعتقادها أن “المفروض هو دعم الفن المغربي بكل أشكاله”، راجية أن “تحدث التفاتة في هذا الإطار، على أن الشباب مطالب بدوره بأن يأخذ على عاتقه الثقافة والفن واللغة الأمازيغية، ويعتمدها في تفضيلاته”.
إبداع يكافح
أما حنان حكى، وهي مصممة أزياء وعارضة للزربية الزيانية ضمن المعرض المقام، فانطلقت من أنه “إجمالا هذا اليوم يحتفى به عبر استحضار إنجازات النساء والتحديات والمشاكل التي يلاقينها في عملهن”، معرجة على “الصعوبات الكثيرة التي تعرفها حرفة النسيج التي تشتغل فيها النساء؛ فتشمل، عن تجربة شخصية، احترام الآجال، حيث تحدث تأخيرات في هذا الجانب، وعلى مستوى قياسات الزرابي”.
ورغم ذلك، كما أكدت حكى، مصرحة لجريدة هسبريس الإلكترونية على هامش الحدث، “تمكنت النساء من مواجهة كل هذه الحواجز التي تعترض كافة الزيانيات العاملات بهذا الميدان، فأنجزن هذه الزرابي التي تعرض اليوم بالمعهد”.
وفي ظل هذه الإشكالات التي تطوق الإبداع النسائي على مستوى الزربية الزيانية أوردت المصممة نفسها أنه “يجب تقوية دعم هذه الزربية؛ خصوصا أنها اليوم أمام منافسة قوية من قبل الزربية التركية، مثل باقي الزرابي المستوردة”، شارحة أن “الكثير من المغاربة بدؤوا يتخلون عن المنتج التقليدي الأصيل، ويتوجهون إلى الزرابي المصنعة ذات التكلفة المنخفضة”.
0 تعليق