بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، نظم مركز الدراسات التعاونية للتنمية المحلية بالناظور (سيكوديل)، بشراكة مع المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني، مساء أمس الأربعاء، حفل توقيع الديوان الشعري “أزكّو” والمجموعة القصصية “ثلويزين” للشاعرة والكاتبة الأمازيغية حياة بوترفاس.
خلال هذا اللقاء المندرج ضمن الأنشطة الثقافية التي ينظمها مركز “سيكوديل”، قدم الدكتور جمال الدين الخضيري، أستاذ جامعي بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، قراءة في المؤلفين تحت عنوان “النّزعة القصصية عند حياة بوترفاس من خلال ديوانها الشعري (أزكّو: العبور) ومجموعتها القصصية (ثلويزبن: قطع نقدية ذهية)”.
وأشار الخضيري، في حفل التوقيع الذي قام بتسييره الشاعر رضوان بن شيكر، إلى أن ثمة روابط بين مؤلَّفيْ المبدعة بوترفاس؛ لأنهما يصدران عن تجربة واحدة حتى وإن تغير الجنس الأدبي، مؤكّدا أن “تيمة السفر والعبور والانتقال والحركة متحكمة في العملين، سواء داخليا ونفسيا بواسطة صراع الكاتبة مع ذاتها وانتقالها من موقف إلى آخر، أو فيزيقيا وماديا وذلك بالانتقال في الزمان والمكان”.
وأبرز المتحدث أن مجموعة من القصائد تدل على ذلك وتتوافر فيها النزعة القصصية الدرامية من قبيل قصيدة “يدجّيس ن الناظور” (بنت الناظور)؛ إذ “تحكي هذه القصيدة الدرامية (محاورة بين الفتاة وبين راعي غنم وجدته جالسا تحت شجرة في الخلاء) معاناة فتاة مع محيطها وابتعاد الحبيب عنها وانتظارها له، لكن خاب مسعاها لأن ظروف الحبيب كانت قاسية في بلاد المهجر، مما اضطره للزواج بفتاة أجنبية قصد تسوية وضعيته القانونية مضحيا بمبادئه ووعوده المقدمة”.
وأوضح الباحث أن النص عبارة عن قصة شعرية لجأت فيه المبدعة إلى استعمال جمل قصيرة، واستعمال علامات الاستفهام والأسلوب الحواري. والشيء نفسه بالنسبة لمجموعة من القصائد من مثل “ثمديث” (الليل) و”أمان ذ ييمان” (الماء والذات).
وتطرق الخضيري في مداخلته إلى مجموعة بوترفاس القصصية، مبرزا بعض خصائصها، مشيرا إلى أنها “يطغى عليها الطابع التسجيلي الواقعي، لذلك ظلت المجموعة وفية لذكر أسماء أماكن معروفة بالمدينة، والإشارة إلى بعض العادات والتقاليد التي تتميز بها المنطقة”، مؤكدا أن “بعض نصوص المجموعة ينقصها التحبيك وعناصر السرد الرصين، لذلك سقطت في التقريرية والإخبار على حساب التخييل والتشويق”.
وأنهى المتدخل حديثه مشيدا بالمبدعة حياة بوترفاس، التي تتميز بتوظيف لغة أمازيغية أنيقة، وتنهل من قاموس أمازيغي صاف وغني، واعتبرها “من الأصوات النسوية المتميزة وذات رؤية عميقة وعارفة بخبايا وثقافة المجتمع الأمازيغي”.
وفي كلمتها بالمناسبة، تحدثت الشاعرة حياة بوترفاس عن الفعل الإبداعي في علاقته بالحداثة، مشيرة إلى أن الباحث أحمد عصيد في كتابه “دراسات في الأدب الأمازيغي” اعتبره مشروعا حداثيا؛ لتعتبر من جهتها أن “فعل الكتابة بالأمازيغية هو في حد ذاته حداثة؛ لأنه انتقل بهذه الثقافة من العفوية والارتجال التي تختزل قيم وخبرات الجماعة وحكمتها إلى تجربة الفرد والذاتية، ووضع الفرد مركز العملية الإبداعية ومركز الكتابة”.
وقالت بوترفاس إن الدواوين التي كتبت في المرحلة الأولى كانت عن مواضيع سياسية وثقافية للتصدي للتهميش والإقصاء الذي طال هذه اللغة وثقافتها، مؤكدة أن اللغة الأمازيغية يمكن أن يبدع بها الإنسان الأمازيغي مثلها مثل اللغات الأخرى، لتنتقل بعد ذلك إلى التواصل مع الثقافات الأخرى فكريا وفلسفيا وجماليا لتثبت هذه المرة أن الأمازيغية لغة وثقافة كونية.
وخُتم حفل التوقيع بإلقاء المحتفى بها قصيدة شعرية من ديوانها “أزكّو”، قبل أن توقع نسخا من مؤلفيها للحضور وتكريمها من طرف رئيس مركز “سيكوديل”، الأستاذ صالح العبوضي، بباقة ورد وهدية رمزية.
0 تعليق