غارات إسرائيلية وقت السحور تُعيد التصعيد وتخلف مئات القتلى في غزة

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

توعدت إسرائيل، الثلاثاء، حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بمواصلة القتال في غزة حتى “إعادة الرهائن” الذين تحتجزهم الحركة الفلسطينية؛ وذلك عقب غارات على القطاع المحاصر هي الأعنف منذ سريان وقف إطلاق النار بين الطرفين، أسفرت عن مقتل 413 شخصا بحسب وزارة الصحة التابعة للحركة.

وأعلنت “حماس”، في بيان، مقتل أربعة من المسؤولين في حكومتها؛ بينهم رئيس الحكومة.

وتعد الضربات انتكاسة كبرى للهدنة التي بدأت 19 يناير بعد 15 شهرا من اندلاع الحرب عقب هجوم “حماس” على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وتأتي الضربات التي أثارت مواقف دولية منددة في ظل تعثّر النقاش بشأن المراحل التالية من الهدنة وتباين للمواقف بين الطرفين.

وأعلن أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، على “إكس” فجر الثلاثاء، أنّه “بناء على توجيهات المستوى السياسي”، بدأت القوات “هجوما واسعا على أهداف إرهابية تابعة لمنظمة “حماس” الإرهابية في أنحاء قطاع غزة”.

وأفادت وزارة الصحة التابعة لـ”حماس” بأن حصيلة القتلى بلغت 413.

وقال محمد زقوت، المدير العام للمستشفيات في الوزارة ذاتها، إن غالبية الضحايا “من الأطفال والنساء”، مشيرا إلى وقوع “مئات المصابين؛ بينهم عشرات في حالات خطيرة وحرجة، جراء العدوان الإسرائيلي وسلسلة الغارات الجوية العنيفة والدموية” على القطاع المدمّر.

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أن الغارات أمر بها كل من بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء، ويسرائيل كاتس، وزير الدفاع، عقب “رفض “حماس” المتكرّر إطلاق سراح رهائننا ورفضها لكلّ المقترحات التي تلقّتها من ستيف ويتكوف، المبعوث الرئاسي الأمريكي، والوسطاء”.

وحذّرت من أنّ “إسرائيل ستتحرّك، الآن، ضدّ “حماس” بقوة عسكرية متزايدة”.

وحذر كاتس من أن الدولة العبرية لن تتوقف “عن القتال طالما لم تتم إعادة الرهائن إلى ديارهم، ولم تتحقق جميع أهدافنا من الحرب”.

وخطف خلال هجوم “حماس” 251 شخصا، من بينهم 58 لا يزالون في غزة، وتقول إسرائيل إن 34 منهم قتلوا.

وتؤكد إسرائيل، منذ بدء الحرب مع “حماس” في العام 2023، أن من أهدافها إعادة كل الرهائن و”القضاء” على الحركة.

من جهته، أكد قيادي في “حماس” لفرانس برس أن الحركة تعمل مع الوسطاء في اتفاق الهدنة، أي الولايات المتحدة وقطر ومصر، على “لجم عدوان الاحتلال”.

وأوضح “”حماس” وفصائل المقاومة في حالة انعقاد دائم لتقييم الوضع والعمل مع الوسطاء للجم العدوان”، مشددا على أن الحركة “التزمت باتفاق وقف النار ونفذته بدقة؛ لكن الاحتلال الإسرائيلي تنصل من تنفيذه، وانقلب عليه باستئناف العدوان والحرب”.

“جحيم حقيقي”

وأعادت الغارات غير المسبوقة من حيث الكثافة والنطاق منذ سريان الهدنة إلى سكان القطاع ذكريات الأيام الأولى من الحرب التي ألحقت به دمارا هائلا وأزمة إنسانية كارثية طالت سكانه البالغ عددهم 2,4 ملايين.

وقالت جيهان النحال، التي تبلغ من العمر 43 عاما والتي تقيم في حي النصر في شمال غرب مدينة غزة: “كنت أجهّز السحور للأولاد، وكنت أسمع طائرات إسرائيلية فوق غزة، وفجأة وقعت انفجارات ضخمة، وكأنها أول يوم في الحرب، وفي كل مكان صراخ ونيران تشتعل والغالبية أطفال”.

وأضافت: “لدينا شهداء وجرحى من أقاربي ولا يوجد دفاع مدني والقصف مستمر. إنّها حرب إبادة حقيقية. في كل مكان قصف. اليوم شعرت بأنّ غزة جحيم حقيقي”.
بدوره، روى رامز العمارين، البالغ من العمر 25 عاما والمقيم في خيمة بمنطقة الزيتون في جنوب شرق مدينة غزة، أنّ “القصف من الطائرات الحربية والدبابات في كل مكان. فتحوا نار جهنم من جديد على غزة”.

وأكد محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني، أن الجيش استهدف بالغارات الجوية والقصف المدفعي “خيام النازحين ومراكز إيواء النازحين ومنازل على سكّانها المدنيين، واستهدف نقاطا للشرطة والحكومة وطرقات”.

من ناحيته، قال مسؤول إسرائيلي لفرانس برس إنّ الدولة العبرية استهدفت قيادة “حماس” وبنيتها التحتية.

وقال المسؤول طالبا عدم نشر اسمه إنّ الجيش “شنّ سلسلة ضربات استباقية استهدفت قادة عسكريين من رتب متوسطة، ومسؤولين قياديين، وبنية تحتية إرهابية تابعة لمنظمة حماس الإرهابية”، مؤكدا أن العملية “ستستمر ما لزم الأمر، وستتوسّع لأكثر من ضربات جوية”.

ونعت “حماس” أربعة من قادتها؛ يتقدمهم عصام الدعاليس، رئيس حكومتها في غزة.

وامتدت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار ستة أسابيع، تمّ خلالها الإفراج عن 33 رهينة بينهم ثماني جثث، في مقابل أكثر من 1800 معتقل فلسطيني. وفي حين أعلنت إسرائيل تأييدها مقترحا أمريكيا لتمديد الهدنة حتى منتصف أبريل، شددت “حماس” على ضرورة بدء التفاوض بشأن المرحلة الثانية التي من المفترض أن تضع حدا نهائيا للحرب وانسحاب الجيش من كامل القطاع.

وفي مطلع مارس، نقلت قناة “كان” العامة عن مصادر قريبة من نتانياهو قوله إنه سينتظر ليرى ما إذا كان الوسطاء، أي قطر ومصر والولايات المتحدة، سيتمكنون من إقناع “حماس” بتمديد المرحلة الأولى تحت طائلة “استئناف القتال” في قطاع غزة.

وأفادت القناة بأن نتانياهو يعتزم ممارسة “ضغوط قصوى” على الحركة وفق خطة من ثلاث مراحل تعرف باسم “خطة الجحيم”. ونفّذت إسرائيل، إلى الآن، بندين وردا في الخطة المفترضة، هما منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وقطع الكهرباء عنه. وحسب الخطة، فالمرحلة الثالثة هي استئناف الحرب واستخدام قنابل ثقيلة وفّرتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإسرائيل.

“انقلاب” على وقف النار

وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض أنّ إسرائيل “استشارت” إدارة ترامب قبل أن تشنّ غاراتها على القطاع.

وقالت كارولاين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، لشبكة فوكس نيوز: “كما أوضح الرئيس ترامب، فإنّ حماس والحوثيين وإيران وكلّ من يسعى إلى ترويع ليس إسرائيل فحسب، بل الولايات المتحدة أيضا، سيدفع ثمنا باهظا – أبواب الجحيم ستُفتح على مصراعيها”.

واتّهمت “حماس” الدولة العبرية بـ”الانقلاب” على اتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت إنّ “نتانياهو وحكومته النازية يستأنفون العدوان وحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين العزل في قطاع غزة”، و”يأخذون قرارا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول”.

وفي بيان ثانٍ، اعتبر عزّت الرشق، عضو المكتب السياسي لـ”حماس”، أن “قرار نتانياهو بعودة الحرب هو قرار بالتضحية بأسرى الاحتلال وحكم بالإعدام ضدّهم”، مضيفا أنّ “نتانياهو قرّر استئناف حرب الإبادة بوصفها قارب نجاة له من الأزمات الداخلية”.

وطالبت “حماس” الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالانعقاد العاجل لأخذ قرار “يُلزم الاحتلال بوقف عدوانه”.

وتوالت المواقف الدولية المنددة بالغارات الإسرائيلية المتجددة.

واعتبرت مصر أن الضربات “تنذر بعواقب وخيمة على المنطقة”؛ بينما رأت تركيا أن هذه الضربات هي “مرحلة جديدة في سياسة إبادة”.

بدورها، حذّرت الرئاسة الروسية من “دوامة التصعيد” في غزة؛ بينما أعرب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عن “صدمته” حيال الضربات.

ردّ “غير مقبول بتاتا”

ويأتي هذا التصعيد بعدما أعلنت إسرائيل، الأحد، أنّها أرسلت مفاوضين إلى مصر ليناقشوا مع الوسطاء المصريين قضيّة الرهائن في غزة.

وبدأت، الأسبوع الماضي في الدوحة، مفاوضات غير مباشرة بشأن وقف دائم لإطلاق النار؛ لكنّ الوفدين غادرا، الجمعة، العاصمة القطرية دون إحراز تقدّم.

وكانت إسرائيل سمحت، خلال المرحلة الأولى، بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، قبل أن تعلّق دخولها في الثاني من مارس الجاري.

وفي مقابلة أجرتها معه محطة “سي إن إن” الأحد، قال المبعوث الأمريكي إنّ مقترحه يتضمّن عودة خمسة رهائن أحياء؛ من بينهم الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر، في مقابل إطلاق سراح “عدد كبير من السجناء الفلسطينيين”.

وأشار ويتكوف إلى أن ردّ “حماس” عليه كان “غير مقبول بتاتا”.

وكانت الحركة أعربت، الجمعة، عن استعدادها للإفراج عن عيدان ألكسندر وتسليم رفات أربعة إسرائيليين من حاملي الجنسية الأمريكية، في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

وبغية الانتقال إلى المرحلة الثانية، تطالب إسرائيل بإبعاد قيادة “حماس” من غزة حيث تتولّى الحركة الحكم منذ 2007 وتفكيك ذراعها العسكرية ونزع سلاحها.

وأسفر هجوم “حماس” عن مقتل 1218 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية، تشمل الرهائن الذين قُتلوا في الأسر.

وأدّت الحرب في غزة إلى مقتل 48577 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها “حماس” وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. ولا تشمل هذه الحصيلة قتلى الثلاثاء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق