شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية والعالمية حيث وصلت إلى مستويات قياسية جديدة بفعل تصاعد التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي. 

ووفقًا لتقرير صادر عن منصة "آي صاغة"، فقد زادت أسعار المعدن النفيس بشكل ملحوظ، مدفوعة بالطلب القوي على الذهب كملاذ آمن في ظل الظروف الراهنة وهو ما يدعم توقعات استمرار الصعود لأسعار الذهب الفترة المقبلة.

ارتفاع قياسي في أسعار الذهب محليًا وعالميًا

وصرّح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة "آي صاغة" المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، بأن الأسعار المحلية للذهب شهدت ارتفاعًا وقد سجل سعر جرام الذهب عيار 21 نحو 4،275 جنيهًا، بينما ارتفعت الأوقية عالميًا بمقدار 31 دولارًا، لتصل إلى 3،032 دولارًا، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق.

وأضاف إمبابي أن أسعار الذهب لبقية الأعيرة جاءت على النحو التالي:

عيار 24: سجل 4،880 جنيهًا للجرام.

عيار 18: بلغ 3،660 جنيهًا للجرام.

عيار 14: وصل إلى 2،847 جنيهًا للجرام.

الجنيه الذهب: بلغ 34،160 جنيهًا.

تحليل لحركة الأسعار خلال الأيام الماضية

وأشار التقرير اليومي لمنصة "آي صاغة" إلى أن أسعار الذهب في الأسواق المحلية ارتفعت بنحو 90 جنيهًا خلال تعاملات أمس الاثنين. حيث افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 4،210 جنيهات، قبل أن يختتمها عند 4،230 جنيهًا. وفي الوقت ذاته، شهدت البورصة العالمية ارتفاعًا في سعر الأوقية بقيمة 16 دولارًا، حيث بدأت التداولات عند 2،985 دولارًا، قبل أن تغلق عند 3،001 دولار.

التوترات الجيوسياسية تعزز الطلب على الذهب

ويرى إمبابي أن أسعار الذهب تواصل موجة ارتفاعاتها المتتالية، مدفوعة بالأحداث الجيوسياسية المتصاعدة، حيث أدى تجدد الصراع في الشرق الأوسط إلى زيادة إقبال المستثمرين على الذهب كملاذ آمن. فقد تصاعدت الغارات الجوية على قطاع غزة، مما أسفر عن سقوط أكثر من 400 قتيل وفقًا لتقارير صحفية. كما أدى انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين إلى تفاقم مخاوف الأسواق المالية، مما دفع المستثمرين إلى تعزيز استثماراتهم في الذهب.

العوامل الاقتصادية وتأثيرها على أسعار الذهب

ولم تقتصر أسباب ارتفاع الذهب على الأوضاع الجيوسياسية، بل ساهمت عوامل اقتصادية عالمية أخرى في تعزيز مكاسبه. فقد جاءت هذه القفزة قبل ساعات من المكالمة الهاتفية المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بهدف التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن يصوّت البرلمان الألماني اليوم على ميزانية جديدة قد تزيد الإنفاق الدفاعي بنحو 49 مليار دولار، مما يعزز حالة عدم اليقين الاقتصادي عالميًا.

من جانب آخر، فإن السياسات الحمائية التي تنتهجها إدارة الرئيس ترامب، بما في ذلك فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم، ساهمت في زيادة قلق الأسواق بشأن تأثير هذه السياسات على الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى ارتفاع الطلب على الذهب باعتباره مخزنًا للقيمة.

توقعات أسعار الذهب: هل يستمر الارتفاع؟

منذ بداية العام، ارتفع الذهب بنسبة 15%، محققًا أعلى مستوياته القياسية 14 مرة. ويتوقع المحللون استمرار هذه المكاسب إذا استمرت العوامل المحفزة الحالية، وسط تزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن، والتوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة.

في هذا السياق، رفع بنك "يو بي إس جروب" توقعاته لسعر الذهب إلى 3،200 دولار للأوقية، مشيرًا إلى احتمالات اندلاع حرب تجارية عالمية طويلة الأمد، وهو سيناريو قد يدفع المستثمرين إلى تكثيف مشترياتهم من المعدن الأصفر. كما قامت عدة بنوك استثمارية، من بينها سيتي بنك، وجولدمان ساكس، وماكواري، وآر بي سي، بمراجعة توقعاتها لسعر الذهب خلال الأسابيع الأخيرة، لتعكس الاتجاه الصعودي القوي للأسعار.

دور البنوك المركزية في دعم أسعار الذهب

وتشهد الأسواق العالمية توجهًا متزايدًا من البنوك المركزية نحو تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، حيث قامت بشراء أكثر من 1،000 طن من الذهب سنويًا على مدار السنوات الثلاث الماضية. ويُعَد هذا الاتجاه أحد العوامل الأساسية التي دعمت أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة.

قرارات الفيدرالي الأمريكي وتأثيرها المحتمل

ويترقب المستثمرون اجتماع لجنة السوق المفتوحة بالفيدرالي الأمريكي المقرر انعقاده يومي الثلاثاء والأربعاء، وسط توقعات بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير بعد أن تم خفضها بمقدار 100 نقطة أساس منذ سبتمبر الماضي. وإذا قرر الفيدرالي استئناف سياسة التيسير النقدي في يونيو المقبل، فمن المتوقع أن يعزز ذلك الطلب على الذهب ويدفع أسعاره إلى مستويات أعلى.