د. مارجو حداد تكتب| "عايشة الدور".. دنيا سمير غانم بين التلقائية والبحث عن العمل الأيقوني

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في كل موسم رمضاني، تظهر أعمال درامية وكوميدية تحاول أن تحجز لنفسها مكانًا في ذاكرة الجمهور. بعضها ينجح، وبعضها يمر مرور الكرام، لكن هناك فنانين يملكون القدرة على خطف الأنظار، حتى لو لم يكن العمل بنفس مستوى موهبتهم. 

دنيا سمير غانم واحدة من هؤلاء. هذا العام، تطل على الجمهور بمسلسل “عايشة الدور”، تجربة جديدة تُضاف إلى مسيرتها، لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل وصل هذا العمل إلى مستوى إمكانياتها الفريدة؟

بناء القصة… بين الكوميديا والدراما الاجتماعية

“عايشة الدور” يقدم فكرة تدور حول شخصية تتقمص أدوارًا مختلفة في حياتها، ليس فقط في التمثيل، بل حتى في الواقع، وكأنها ترفض أن تعيش ذاتها الحقيقية. الفكرة بحد ذاتها تفتح مجالًا واسعًا للكوميديا الذكية، خاصة عندما يكون البطل قادرًا على التنقل بين الشخصيات بسلاسة، كما تفعل دنيا سمير غانم. لكن يبقى التحدي الأكبر: هل السيناريو استطاع أن يواكب هذا التنوع؟.

الكوميديا في هذا العمل تعتمد بشكل أساسي على كوميديا الموقف، لا على النكتة الجاهزة أو التهريج البصري. هذه نقطة إيجابية تحسب للمسلسل، خاصة في وقت أصبحت فيه بعض الأعمال الكوميدية تعتمد على الصراخ والمبالغات. لكن في الوقت نفسه، هناك شعور بأن العمل لم يستثمر الفكرة بشكل كامل، وكأنه ظل يلامس السطح دون أن يغوص في العمق الحقيقي لها.

دنيا سمير غانم.. موهبة تتجاوز العمل

دنيا في هذا المسلسل تؤكد مرة أخرى أنها تمتلك خفة ظل طبيعية، لا تحتاج إلى تصنع أو مبالغة. تلقائيتها، قدرتها على التنقل بين الحالات المختلفة، ذكاؤها في اختيار تفاصيل الشخصية، كلها عناصر تجعلها ممثلة من طراز نادر. 

لكن هنا تحديدًا تكمن المفارقة: دنيا سمير غانم تبدو دائمًا أكبر من الأدوار التي تُكتب لها. في كل مشهد، تشعر بأنها تضيف من روحها إلى الشخصية أكثر مما تضيف الشخصية إليها، وكأنها تُحاول أن ترتقي بالنص، بدلًا من أن يرتقي النص بها.

الإخراج والإيقاع.. هل خدم الفكرة؟

المسلسلات الكوميدية دائمًا ما تواجه تحديًا في الإيقاع، يجب أن تكون سريعة بما يكفي لتُحافظ على انتباه المشاهد، لكن دون أن تفقد تماسكها. “عايشة الدور” يحاول أن يحافظ على هذا التوازن، لكن هناك لحظات يبدو فيها أن بعض المشاهد كان يمكن اختصارها أو معالجتها بطريقة أكثر ديناميكية. 

ربما يعود ذلك إلى رغبة صناع العمل في منح المسلسل طابعًا خفيفًا، لكنه في بعض الأحيان يؤدي إلى بطء لا يخدم الفكرة الأساسية.

بين النجاح والبحث عن العمل الأيقوني

“عايشة الدور” بلا شك تجربة ممتعة، ويُثبت مرة أخرى أن دنيا سمير غانم لا تزال قادرة على تقديم الكوميديا الذكية دون اللجوء إلى الأساليب المستهلكة. لكنه يترك أيضًا شعورًا بأننا لم نرَ بعد العمل الذي يُجسد موهبتها الكاملة. دنيا فنانة تمتلك قدرات متعددة، من التمثيل إلى الغناء إلى الكوميديا، وتحتاج إلى نص وإنتاج يضعان هذه العناصر في عمل واحد يُكتب لها وحدها.

السؤال الذي يبقى مفتوحًا: متى ستحصل دنيا سمير غانم على العمل الذي يضعها في مصاف الأسماء الخالدة في الكوميديا العربية؟ متى يأتي العمل الذي يصبح “علامتها المسجلة”، كما فعل “فطوطة” مع سمير غانم، و”ألف ليلة وليلة” مع شريهان؟.

حتى ذلك الوقت، ستظل دنيا “تعيش الدور”، لكن الجمهور ينتظر اليوم الذي تعيش فيه “الدور الذي لا يُنسى”.

د. مارجو حداد - أستاذ صناعة الأفلام الجامعة الأمريكية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق