"نزيف" مناصب الشغل يتصدر "التحديات الحكومية" خلال الدخول السياسي المقبل

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

“معطيات مقلقة” كشفت عنها المديرية العامة للدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية بخصوص استمرار “نزيف” مناصب الشغل بالمغرب، إذ أفادت أن الاقتصاد الوطني فقد 82 ألف منصب خلال الربع الثاني من السنة الجارية، بفعل ارتفاع عدد المناصب المفقودة في العالم القروي تحديدا (141 ألف منصب) مقارنة بـ86 ألف منصب خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية.

وعلاقة بهذه الأرقام يبدو أن ملف التشغيل من المرتقب أن يكون من أكثر الملفات السوسيواقتصادية التي سيثار بخصوصها نقاش بين الحكومة والمعارضة، التي عادة ما تسجل ضرورة المرور إلى حلول ابتكارية من شأنها إيقاف ما يعتبره البعض “نزيفا”، بعدما سبق للمندوبية السامية للتخطيط أن أفادت أن عدد المناصب المفقودة خلال السنة الماضية وصل إجمالا إلى 297 ألف منصب شغل.

الحكومة بدورها تبدو مدركة لحساسية هذا الموضوع وثقله السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إذ أكدت في أول مجلس لها، الخميس الماضي، على لسان رئيسها عزيز أخنوش، عزمها الانكباب “في أفق النصف الثاني من الولاية الانتدابية على توطيد دينامية الاستثمار وفرص الشغل”.

“تحد مستمّر”

في تعليقه على الموضوع ذكر المحلل الاقتصادي محمد جدري أن “المملكة فقدت خلال السنة الماضية 297 ألف منصب شغل بالعالم القروي، ويبدو من خلال الأرقام التي أفرجت عنها المديرية، مؤخرا، أن عدد المناصب المفقودة خلال متم السنة سيرتفع مقارنة بالسنة السابقة”، مشيرا إلى أن “استمرار نزيف مناصب الشغل بالمغرب مرده إلى إنهاك ست سنوات من الجفاف الحاد للقطاع الفلاحي، الذي لا يزال المشغل الرئيسي للمملكة وشبه الوحيد تقريبا في العالم القروي”.

وأضاف جدري، في تصريح لهسبرس، أن “الحكومة أبانت بالفعل خلال النصف الأول من ولايتها بأن التشغيل على رأس أولوياتها، وقامت بمجهودات كبيرة لخلق وتشجيع الاستثمارات في صناعة السيارات والطائرات والخدمات وغيرها، إلا أن هذه الاستثمارات رغم خلقها مناصب مهمة تبقى غير قادرة حتى الآن على استيعاب الآلاف من مناصب الشغل التي يتم فقدانها في القطاع الفلاحي على وجه التحديد”.

وأبرز أن “الحكومة مدعوة مع بدء الدخول السياسي والاجتماعي إلى الاستمرار في تدبير التعايش مع نزيف مناصب الشغل بالعالم القروي المرتقب أن يستمرّ حتى ضمان السيادة المائية سنة 2026″، مشيرا إلى أن “بلوغ 36 محطة لتحلية مياه البحر في أفق هذه السنة سيجعل المملكة على موعد مع مواسم فلاحية متوسطة بهطول تساقطات مطرية مهمة أو بدونها، مما سيرفع مناصب الشغل في العالم القروي من جديد”.

وعن الإجراءات التي يمكن بها ترجمة هذا التدبير، قال المحلل الاقتصادي ذاته: “يجب القطع مع الإجراءات الترقيعية على غرار برنامجي “فرصة” و”أوراش”، والاتجاه نحو أخرى مستدامة على غرار تدعيم المبادرة الخاصة من خلال مواكبة المقاولات الصغيرة، وتسهيل ولوجها إلى التمويلات البنكية، وتمكينها من التمييز الإيجابي فيما يتعلق بالصفقات العمومية، خصوصا الصفقات الصغيرة بالجماعات الترابية، عدا عن تقريب آجال الأداء بالنسبة لها”.

“النزول إلى الميدان”

وقال المحلل الاقتصادي إدريس الفينة إن “مناصب الشغل المفقودة بشكل عام تترجم عدم فعالية السياسة الاستثمارية المتبعة من طرف الحكومة الحالية؛ إذ رغم عملها على الرفع من حجم الاستثمارات في المغرب خلال السنوات الأخيرة، فإن قدرة هذه الاستثمارات على خلق مناصب شغل مهمة لا تزال ضعيفة ودون المستوى المطلوب”.

وفي تصريحه لهسبريس أوضح الفينة أن “تواصل نزيف مناصب الشغل في العالم القروّي نتيجة حتمية لتوالي ست سنوات من الجفاف، ومن الممكن أن يؤدي هذا الوضع إلى زيادة الضغط على مناصب الشغل بالوسط الحضري”، قبل أن يضيف أن “الحكومة مطالبة بعدم الاختباء وراء الجفاف، والعمل على النزول إلى الميدان لإعداد دراسات يمكن الاستناد إليها لابتكار حلول لتجاوز ارتهان ساكنة العالم القروي إلى مناصب القطاع الفلاحي”.

ولفت إلى أن “الدخول السياسي والاجتماعي الحالي فرصة للحكومة لكي تتأطر بالتوجيهات الملكية فيما يخص التشغيل، من خلال تبني سياسة استثمارية وتشغيلية فعالة ترتكز على إطلاق مشاريع تشغيل محددة عوض جعل البلاد مختبرا لتجارب ترقيعية كبرنامج “فرصة” على سبيل المثال، وتحرص على ضمان التوزيع العادل للاستثمارات التي تقوم بها”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق