في خطوة بارزة تعزز الشراكات الدفاعية بين تركيا ومصر، أعلنت شركة "هافيلسان" التركية المتخصصة في الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا عن توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي مع مصنع "قادر" للصناعات المتطورة، التابع للهيئة العربية للتصنيع في مصر، لإنتاج مركبات برية غير مأهولة (UGVs).
تم الكشف عن هذا التعاون يوم الأربعاء، 26 مارس 2025، في حدث وصفه موقع "ميليتري نيوز" بأنه الأول من نوعه بين البلدين في مجال التكنولوجيا العسكرية الحديثة، مما يعكس طموحًا مشتركًا لتطوير قدرات دفاعية متقدمة تستجيب لمتطلبات النزاعات المعاصرة.
الاتفاقية تنص على بدء إنتاج هذه المركبات في مصنع "قادر" خلال النصف الثاني من عام 2025، حيث ستتولى "هافيلسان" تقديم الدعم الفني والتراخيص اللازمة، بالإضافة إلى تدريب الفرق المصرية على تشغيل وصيانة هذه الأنظمة. وفي تصريح لشوكت أونال، نائب المدير العام لـ"هافيلسان"، أشار إلى أن "هذا المشروع ليس مجرد نقل تكنولوجيا، بل شراكة طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية للبلدين، مع التركيز على دمج الذكاء الاصطناعي وأنظمة التحكم المتطورة".
وأضاف موقع "ميليتري بريك" أن المشروع قد يشمل في مرحلة لاحقة تطوير نسخ متعددة الاستخدامات، مثل مركبات للدعم القتالي أو النقل اللوجستي في المناطق النائية.
يأتي هذا التعاون في أعقاب تحسن العلاقات الثنائية بين أنقرة والقاهرة، التي شهدت تقاربًا ملحوظًا منذ زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في فبراير 2024، حيث تم الاتفاق على تعزيز التعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك الصناعات الدفاعية. تركيا، التي أثبتت تفوقها في تصنيع الطائرات بدون طيار مثل "بيرقدار TB2"، تسعى من خلال هذا المشروع إلى توسيع نطاق خبرتها في الأنظمة غير المأهولة لتشمل المركبات البرية، بينما تستفيد مصر من بنيتها الصناعية القوية وقربها من أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا لتصبح مركزًا إقليميًا للإنتاج.
تُعد المركبات البرية غير المأهولة (UGVs) من أبرز الابتكارات في التكنولوجيا العسكرية، حيث تُصمم لأداء مهام متنوعة تشمل الاستطلاع، الكشف عن الألغام، الدعم اللوجستي، وحتى المشاركة في العمليات الهجومية، مع تقليل المخاطر على الأفراد.
وستزود هذه المركبات بأنظمة تحكم عن بُعد متطورة، وكاميرات عالية الدقة، وأجهزة استشعار متقدمة تمكنها من العمل في بيئات قاسية مثل الصحارى أو المناطق الحدودية.
ومن المتوقع أن تُجهز النسخة الأولية بقدرات استطلاع متقدمة، مع خطط لإضافة أنظمة تسليح خفيفة في المستقبل.
يتميز مصنع "قادر"، الواقع في مدينة حلوان جنوب القاهرة، بتاريخ طويل في إنتاج المركبات المدرعة مثل دبابة "فهد"، مما يجعله قاعدة مثالية لاستيعاب هذا المشروع.
وسيبدأ التعاون بمرحلة تجريبية تشمل تصنيع ثلاثة نماذج أولية بحلول نهاية 2025، يتبعها تقييم ميداني للأداء في ظروف تشغيلية حقيقية، على أن يتم الانتقال إلى الإنتاج الضخم في منتصف 2026 إذا أثبتت التجارب نجاحها.
ويتوقع الخبراء أن يصل الإنتاج السنوي إلى حوالي 50 مركبة في المرحلة الأولى، مع إمكانية تصديرها لاحقًا إلى دول مثل السعودية والإمارات.
أكدت مصادر عسكرية مصرية أن هذا المشروع يندرج ضمن رؤية مصر 2030 لتوطين الصناعات الدفاعية، مشيرة إلى أن التعاون مع تركيا سيوفر فرصًا لنقل الخبرات وتدريب الكوادر المحلية على أحدث التقنيات. كما يعكس المشروع تكاملًا بين القدرات التركية في الابتكار التكنولوجي والإمكانات الصناعية المصرية، مما قد يعزز القدرة التنافسية للبلدين في سوق الأسلحة العالمي الذي يشهد طلبًا متزايدًا على الأنظمة الذكية.
في الختام، يُشكل هذا التعاون بوابة لتعزيز العلاقات التركية-المصرية على المستويين العسكري والاقتصادي، وربما يُمهد لمشاريع مستقبلية تشمل تطوير أنظمة بحرية أو طائرات بدون طيار مشتركة. وبينما تترقب الأوساط العسكرية النتائج الأولية لهذا المشروع، يبقى التركيز منصبًا على كيفية استغلال هذه الشراكة لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة، وتعزيز مكانة البلدين كلاعبين رئيسيين في مجال التكنولوجيا الدفاعية
0 تعليق