هل يخطط ترامب لتقويض تحالف البريكس؟

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع عودة دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأمريكية في يناير 2025، كثرت التساؤلات والتحليلات حول موقفه من تحالف "البريكس" (BRICS)، الذي يجمع البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، إلى جانب أعضاء جدد مثل مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات وإندونيسيا. 

خلال الأيام الأخيرة، ركزت الصحف والمجلات الأمريكية الناطقة بالإنجليزية على تصريحات ترامب الحادة ضد هذا التحالف، مما أثار جدلًا حول ما إذا كان يمتلك خطة مدروسة لإضعافه أم أن تهديداته لا تتعدى كونها محاولة للحفاظ على سيادة الدولار الأمريكي أمام طموحات البريكس الاقتصادية.

أفادت مجلة "فورين بوليسي" في تقرير نشر يوم 24 مارس 2025 أن ترامب يعتبر توسع البريكس خطرًا يهدد النظام المالي العالمي الذي تقوده واشنطن، خاصة مع سعي التحالف للحد من هيمنة الدولار عبر تعزيز التجارة بالعملات المحلية أو البحث عن عملة مشتركة. 

وقد جدد ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% أو حتى 150% على دول البريكس إذا نفذت خططها، وهو ما أكده في كلمة ألقاها يوم 20 مارس 2025 بواشنطن، قائلًا: "البريكس سينتهي إذا أخذوا تحذيراتي على محمل الجد". 

هذه التصريحات أثارت نقاشًا واسعًا، إذ يرى البعض أنها تعكس نیته لتفتيت التحالف باستخدام أدوات اقتصادية قاسية.

في سياق متصل، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالًا يوم 27 مارس 2025 يربط تهديدات ترامب برؤيته الشاملة للسياسة الخارجية تحت شعار "أمريكا أولًا". 

وأوضحت أن ترامب ينظر إلى البريكس كتحدٍ للنفوذ الأمريكي، لا سيما مع انضمام دول استراتيجية مثل الإمارات وإيران، وتطلع أخرى مثل تركيا والسعودية للانضمام، وهي دول كانت تاريخيًا ضمن دائرة الحلفاء الأمريكيين. 

استشهد التقرير بمنشور لترامب على "تروث سوشال" قال فيه: "لن أدع البريكس يعبث بالدولار، وإذا حاولوا، سأجعل تجارتهم معنا مستحيلة بفضل الرسوم". هذا النهج يبرز عزمه على توظيف القوة الاقتصادية لإخضاع الدول المعارضة.

من ناحية أخرى، قدمت مجلة "نيو ريبابليك" يوم 21 مارس 2025 تحليلًا ينتقد فهم ترامب لتفاصيل البريكس، مشيرة إلى أخطائه مثل الخلط بين إسبانيا وأعضاء التحالف في تصريح عفوي. لكنها حذرت من أن تهديداته قد تؤدي إلى نتائج عكسية، إذ قد تحفز دول البريكس على الإسراع بخططها لتقليص الاعتماد على الدولار، كما ظهر في إعلان البنك الجديد للتنمية (NDB) التابع للبريكس في فبراير 2025 عن توسيع القروض بالعملات المحلية. هذا التحول قد يهدد الاقتصاد الأمريكي على المدى البعيد بدلًا من أن يحقق طموح ترامب في "سحق" التحالف.

لم تتأخر ردود فعل البريكس، إذ نقلت "تايمز أوف إنديا" يوم 21 مارس 2025 تصريحات وزير الخارجية الهندي جايشانكار، الذي أكد في البرلمان أن التحالف لا يستهدف الدولار، بل يسعى لدعم التعددية الاقتصادية العالمية. هذا الموقف يسلط الضوء على انقسامات داخلية، حيث تتبنى الهند نهجًا مرنًا بينما تدفع روسيا والصين بقوة نحو "نزع الدولرة". هذا التباين قد يجعل من الصعب على ترامب تفكيك التحالف ككيان متجانس إذا كان هذا هو هدفه.

كذلك، أشارت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" في تقرير يوم 19 مارس 2025 إلى أن ترامب قد يستخدم أدوات مثل العقوبات الاقتصادية أو الضغط الدبلوماسي على حلفاء واشنطن للابتعاد عن البريكس. لكن الصحيفة حذرت من أن هذا النهج قد يزيد من عزلة أمريكا، خاصة بعد تأكيد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا يوم 25 مارس 2025 أن "البريكس سيستمر في البحث عن بدائل للدولار مهما كانت تهديدات ترامب، فالسيادة الاقتصادية غير قابلة للمساومة". وفي السياق ذاته، كشفت الصين عن خطط لتوسيع استخدام اليوان في تجارة الطاقة مع دول الخليج، مما قد يُضعف نفوذ الدولار في أسواق النفط.

علاوة على ذلك، ذكر تقرير في "وول ستريت جورنال" يوم 26 مارس 2025 أن فريق ترامب الاقتصادي، بقيادة روبرت لايتهايزر، يفكر في تقييد الاستثمارات الأمريكية في دول البريكس كجزء من خطة شاملة للحد من تأثيرها. لكن التقرير لفت إلى أن هذه الخطوة قد تواجه معارضة من الشركات الأمريكية التي تعتمد على أسواق مثل الهند والبرازيل، مما يكشف عن العقبات الداخلية التي قد تعترض مساعي ترامب.

تظهر نوايا ترامب للتصدي للبريكس جلية، لكن ما زال من غير الواضح ما إذا كان لديه استراتيجية محكمة لتحقيق ذلك أم أن تهديداته مجرد مناورات تكتيكية. 

تشير التقارير الأخيرة إلى أن اعتماده على الرسوم والعقوبات قد يخلق ضغوطًا آنية، لكنه يواجه تحالفًا متنوعًا يملك موارد اقتصادية ضخمة وتصميمًا متزايدًا على الاستقلال المالي. ومع اقتراب قمة البريكس في البرازيل في أكتوبر 2025، ستكون الأشهر المقبلة اختبارًا حاسمًا لمدى جدية ترامب وقدرته على تحويل تهديداته إلى واقع، أو ما إذا كان البريكس سيستغل هذه الضغوط لتعزيز مكانته عالميًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق