طفل , في قلب الدمار وتحت الأنقاض في قطاع غزة، وبينما تُمطر القذائف بلا رحمة، عثر الأهالي على ورقة صغيرة كُتبت عليها كلمات تُجسد نقاء الطفولة وعظمة الإيمان. كانت تلك الورقة وصية تلميذ الشهيد عمر محمد الجماصي، الذي لم يمهله القدر لكتابة المزيد. بكلمات بسيطة ومؤثرة، ترك عمر أثرًا خالدًا في وجدان كل من قرأ رسالته الأخيرة.
طفل فلسطيني يكتب وصيته
“أنا عمر الجماصى ، انا عليا دين (و هو احد شيكلل) من ولد إسمه عبدالكريم النيـرب.. والولد ساكن في شارع أبو نافذ و أنا يا أحبابى بحبكم وبتمنى ألا تتركوا الصلاة.. وأن تحافظوا على قراءة القرآن والاستغفار.”
وصية عمر ليست مجرد كلمات، بل صرخة براءة في وجه آلة الحرب، وتذكير مؤلم بأن أطفال غزة لا يعيشون طفولتهم كباقي أطفال العالم، بل يواجهون الموت ويكتبون وصاياهم في سن لا يُفترض فيها أن يعرفوا شيئًا عن الحرب أو الديون أو الفقد.
تصعيد إسرائيلي جديد ومعاناة إنسانية مستمرة
في ظل تصاعد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، أعلنت قوات الاحتلال أوامر إخلاء عاجلة لسكان مناطق عبسان، القرارة، وخربة خزاعة جنوب القطاع، وطالبتهم بالتوجه إلى مراكز الإيواء في منطقة المواصي، بحجة أن الفصائل تطلق الصواريخ من مناطق سكنية. هذه الادعاءات جاءت مع انتهاء هدنة استمرت شهرين، كانت بوساطة مصرية-قطرية-أمريكية.
ومع استئناف العمليات العسكرية، شنت الطائرات الإسرائيلية غارات مكثفة مستخدمة الأحزمة النارية بشكل واسع، ما أدى إلى سقوط مئات الشهداء والجرحى، في مشهد دموي بات يتكرر يوميًا، وسط صمت دولي مقلق.
ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد بلغ عدد الشهداء منذ 18 مارس أكثر من 921 شهيدًا، بالإضافة إلى 2,054 مصابًا. وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، استُشهد 26 فلسطينيًا، وأُصيب أكثر من 70 آخرين، مع استمرار تعذر وصول طواقم الإسعاف إلى العديد من الجرحى المحاصرين تحت الأنقاض.
وصية طفل وجراح غزة تُخاطب العالم: أين الضمير الإنساني؟
في وقتٍ تستمر فيه الغارات على الأحياء السكنية، تعرضت منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة لقصف مدفعي عنيف. كما ادعى الجيش الإسرائيلي أن قذائف هاون أُطلقت عليه في خان يونس، ودهست إحدى جرافاته العسكرية عبوة ناسفة دون إصابات. ومع ذلك، يتواصل العدوان بلا هوادة، ويُفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع يعيش تحت حصار وتجويع ممنهجين.
وسط هذا الواقع المأساوي، تُطلق غزة نداء استغاثة جديدًا للعالم. فالأطفال يُستشهدون، والمنازل تُهدم، والعائلات تُشرد، بينما تستمر الإدانات الدولية دون أي تحرك فعلي يوقف هذا العدوان.
وصية عمر الجماصي ليست مجرد رسالة، بل شهادة حية على بشاعة الحرب ونقاء الضحايا، ورسالة موجهة إلى الإنسانية جمعاء: هناك شعب يُباد، وأطفال يُكتب لهم الموت بدل الأحلام، فهل من مُجيب؟
0 تعليق