في ظل تحديات اقتصادية عالمية وإقليمية غير مسبوقة، يبرز الاقتصاد المصري كقصة نجاح تحدت التوقعات، حيث استطاع تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يظهر صلابة وقوة ملحوظة وسط أزمات مثل جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والحرب في غزة، وتقلبات أسعار الطاقة والغذاء.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الصلابة لم تأت من فراغ، بل هي نتاج رؤية استراتيجية بعيدة المدى ركزت على بناء بنية تحتية استثمارية متينة، وإطلاق مشروعات عملاقة، ودعم المنتج المحلي، مما جعل مصر نموذجًا يحتذى به في المنطقة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كيف نجحت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في العبور بالدولة المصرية من أشد المحن.
رؤية استباقية وبنية تحتية استثمارية
ومنذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم في يونيو 2014، وضعت مصر نصب أعينها هدفًا طموحًا، وهو تحويل الاقتصاد من حالة الركود والضعف إلى قوة قادرة على مواجهة الصدمات، وكان الرهان الأكبر على تطوير البنية التحتية كمحرك رئيسي للنمو.
وشهدت البلاد طفرة غير مسبوقة في مشروعات الطرق والكباري، حيث تم تنفيذ شبكة طرق بطول يزيد عن 4800 كيلومتر، إلى جانب إنشاء محطات كهرباء عملاقة مثل تلك في العاصمة الإدارية الجديدة والبرلس وبني سويف، التي أضافت 14400 ميجاوات للشبكة القومية باستثمارات تجاوزت 6 مليارات يورو.
وهذه المشروعات لم تعزز قدرة مصر على تلبية احتياجاتها المحلية فحسب، بل فتحت الباب أمام تصدير الطاقة إلى دول الجوار مثل الأردن وليبيا.
وفي مجال التكنولوجيا، أثمرت جهود التحول الرقمي عن بنية تحتية تكنولوجية متطورة، حيث أصبحت مصر مركزًا إقليميًا للاستثمارات في هذا القطاع، فقد أشار تقرير نشر في عام 2021 إلى أن الشركات المصرية باتت تنافس نظيراتها العالمية في مشروعات البنية التحتية التكنولوجية بإفريقيا والشرق الأوسط، بفضل استثمارات ضخمة وصلت إلى مليارات الجنيهات.
مشروعات عملاقة تغير المشهد الاقتصادي
ولم تكتف الدولة بتطوير البنية التحتية التقليدية، بل أطلقت مشروعات عملاقة أعادت تشكيل المشهد الاقتصادي، ومن أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة، الذي عزز الإيرادات السنوية للقناة، ومشروع "الدلتا الجديدة" الذي يهدف إلى زراعة 2.2 مليون فدان، معتمدًا على نهر صناعي فريد ينقل المياه المعالجة لاستصلاح الأراضي الصحراوية.
كما برزت مدن صناعية مثل "جيبتو فارما"، أكبر مدينة لصناعة الأدوية في الشرق الأوسط، التي تستهدف إنتاج 150-200 مليون عبوة سنويًا، مما يعزز الاكتفاء الذاتي ويفتح أسواقًا تصديرية جديدة.

ومشروع "رأس الحكمة"، الذي تم توقيعه في 2024 بالتعاون مع الإمارات، يعد نموذجًا آخر، حيث يتوقع أن يجذب استثمارات بقيمة 110 مليارات دولار بحلول 2045، ويسهم بنحو 25 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي، مع توفير 750 ألف فرصة عمل.
وهذه المشروعات لم تكن مجرد أحلام على الورق، بل خطوات ملموسة جعلت مصر وجهة استثمارية عالمية.
دعم المنتج المحلي وقوة الاقتصاد
ووسط التحديات الخارجية، كان دعم المنتج المحلي ركيزة أساسية في استراتيجية السيسي، وساهمت مبادرة "ابدأ"، التي أطلقت لتطوير الصناعة المصرية، في تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز التصدير، حيث ارتفعت الصادرات الصناعية بنسبة 73.8% في 2023 مقارنة بـ2014.
كما ساهمت المناطق الصناعية الجديدة، التي بلغ عددها 12 منطقة بمساحة 42 مليون متر مربع، في توفير مئات الآلاف من فرص العمل.
وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية العالمية، أظهر الاقتصاد المصري مرونة استثنائية، فقد رفع صندوق النقد الدولي تقديراته لنمو الاقتصاد المصري، مشيدًا بالإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة تداعيات الجائحة.
وفي 2024، تجاوزت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 40 مليار دولار، متخطيةً المستهدفات بفضل صفقات مثل "رأس الحكمة" ومشروعات الهيدروجين الأخضر.
ويمكن القول إن الرئيس السيسي نجح في صنع معجزة اقتصادية وسط عالم مضطرب، حيث أثبتت مصر أنها قادرة على تحمل الصدمات بفضل بنية تحتية استثمارية قوية، ومشروعات عملاقة غيرت قواعد اللعبة، ودعم مستمر للمنتج المحلي.
وبينما تتطلع البلاد إلى المستقبل، تبقى هذه الرؤية الطموحة شاهداً على قدرة مصر على استعادة مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية.
0 تعليق