بعد شهر من الصيام والعبادة، تأتي خطبة عيد الفطر لتكون محطة للتذكير والتأطير، وتسلط الضوء على معاني هذه الفريضة وأثرها في تهذيب النفوس وتقوية الروابط الاجتماعية، سواء في الدول ذات الغالبية المسلمة أو في البلدان التي يحضر فيها المسلمون كجزء من النسيج المجتمعي.
وفي مدينة العيون، لم يكن عيد الفطر مجرد مناسبة احتفالية؛ بل كان فرصة للتأمل في معاني الصيام، والنظر في أثر هذا الشهر المبارك على الأفراد والمجتمع، حيث جاءت الخطبة لتضع هذه العبادة في سياقها التصوري ومقاصدها السامية، مبرزة روح التآخي والتكافل التي يتركها شهر رمضان في النفوس وتجددها خلال فرحة العيد.
واستقبلت ساحة المشور غربي مدينة العيون، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، الآلاف من الراغبين في أداء صلاة عيد الفطر وهم يصدحون بأسماء التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح. كما تقاطر المصلون على أكبر مصلى بالصحراء المغربية فرادى وجماعات، رجالا ونساء، من أجل تتويج شهر رمضان بأداء صلاة العيد والاستماع إلى الخطبة ورفع الدعاء الصالح.
وفي هذا الصدد، أبرز محمد الحلاوي، إمام وخطيب مسجد مولاي عبد العزيز بالعيون، الدلالات الكبيرة لهذا اليوم الجليل، مؤكدا أنه يوم فرح وشكر لله على نعمة التوفيق لصيام رمضان وقيامه، ومشددا على أنه “مناسبة لتعظيم شعائر الإسلام من خلال التكبير وصلة الأرحام وإدخال السرور على قلوب المسلمين”.
وأضاف الحلاوي، في خطبة العيد التي حضرها على وجه الخصوص عبد السلام بكرات والي جهة العيون الساقية الحمراء، ومولاي حمدي ولد الرشيد رئيس جماعة العيون وسيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء ووفد رسمي مرافق، أن فرحة العيد لا تقتصر على المظاهر الاحتفالية؛ بل تمتد إلى معاني التكافل والتراحم، حيث شرع الله زكاة الفطر لتكون طهرة للصائم وتعبيرا عن روح التعاون بين المسلمين، داعيا إلى ضرورة الالتزام بهذه الفريضة وإيصالها إلى مستحقيها.
كما ذكّر الإمام، في خطبته، أن العيد يأتي تتويجا لشهر من الصيام والقيام، ودعوة لإظهار الفرح المشروع الذي أوصى به النبي ﷺ حين قال: “للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه”، مشيرا إلى أنه من الواجب على المسلمين المحافظة على مكتسبات شهر رمضان، من طاعة وتقوى وحسن أخلاق، لافتا إلى أن “العيد لا ينبغي أن يكون انقطاعا عن الطاعات؛ بل استمرارا لها وتجديدا للعهد مع الله على السير في طريق الخير والاستقامة”.
وشدد على أن صلة الرحم والتآخي بين أفراد المجتمع من مقاصد عيد الفطر، إذ ينبغي للمسلمين أن يستثمروا هذه المناسبة في تقوية روابط المحبة والتسامح وتجاوز الخلافات، إحياء لقيم الإحسان والتواصل التي يدعو إليها الدين الإسلامي.
وفي السياق ذاته، دعا محمد الحلاوي إلى التمسك بالقيم الإسلامية والحرص على أداء الحقوق والواجبات، مذكرا بأن العيد هو محطة للتجديد الروحي وتعزيز معاني الرحمة والإحسان وبأن السعيد الحقيقي هو من استغل هذه المناسبة في التقرب إلى الله والعمل الصالح.
وفي الختام، ابتهل الخطيب وجموع المصلين بالصحراء المغربية إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين ويقر عينه بولي عهده الأمير مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه الأمير مولاي رشيد، ويحفظه في كافة أفراد أسرته الملكية الشريفة. كما رفعت أكف الضراعة إلى الله عز وجل بأن يمطر سحائب الرحمة والرضوان على فقيدي الوطن والإسلام الملكين المجاهدين محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما، ويطيب ثراهما.
0 تعليق