تسارع وتيرة نمو القروض البنكية .. "دوامة" تبتلع الأسر وتحرك عجلة الاقتصاد

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

بينت الأرقام الرسمية التي كشف عنها البنك المركزي نهاية الأسبوع الماضي، تسارع وتيرة الاقتراض البنكي بشكل يجعلها سائرة في طريق الارتفاع، خاصة مع شهر يوليوز من صيف 2024، حيث صعدت الوتيرة الاستهلاكية بشكل مثير تزامنا مع متتالية المصاريف والإنفاق في موسم العطلة الصيفية، فضلا عن استعدادات معظم الأسر للدخول المدرسي.

وتسارعت القروض الاستهلاكية الموجهة للأسر المغربية، حسب نشرة الإحصائيات النقدية، الصادرة عن بنك المغرب، لتنمو وتتزايد بنسبة 1 في المائة إجمالا، الشق الأكبر منها كان موجها للاقتراض من أجل الغرض الاقتصادي المتمثل في العقار والسكن الذي تسارع نموه بـ1,7 في المائة، فيما نمت القروض الاستهلاكية إلى 0,9 في المائة خلال الشهر ذاته.

وإجمالا، عرفت القروض البنكية الموجهة “للقطاع غير المالي” تسارعا في النمو من 1,2 في المائة إلى 2,8 في المائة خلال شهر يوليوز الماضي، وهو ما شد انتباه خبراء ومحللين اقتصاديين أبرزوا أن ذلك “تحصيل حاصل وتأكيد لفرضية ضعف أو تراجع القدرة الشرائية للأسر، فضلا عن تراجع القدرة على الادخار”.

الوضعية المالية للأسر في المغرب إلى حدود سبعة أشهر من السنة الجارية، لم تغب عن مضامين المذكرة الشهرية الأخيرة حول “الظرفية” (عدد 330 لشهر غشت)، التي تصدرها مديرية الدراسات والتوقعات المالية (وزارة الاقتصاد والمالية)، والتي رسمت صورة “أكثر تفاؤلا”.

وسجلت المديرية، وفق ما اطلعت عليه هسبريس، أنه “في عام 2024، كان من الممكن أن تستفيد الأسر من تباطؤ التضخم (+1.3% في يوليوز بعد أن كان +4,9% في الشهر ذاته العام السابق). كما أنه سيكون مدعوما بالاتجاه الإيجابي في نهاية يونيو من التحويلات من المغاربة المقيمين في الخارج (+1.8%) والاقتراض الاستهلاكي (+0.5%). وينبغي أن يستفيد أيضا من التحويلات التي تقوم بها الدولة في إطار الدعم الاجتماعي المباشر، وكذلك من الزيادات الأخيرة في الدخل بعد الحوار الاجتماعي”.

“دوامة تبتلع الأسر”

بحثا عن تفسيرات ممكنة للأرقام سالفة الذكر، تواصلت هسبريس مع خالد حمص، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس–الرباط، الذي أفاد بأن “بنك المغرب حاول طيلة الأشهر الماضية أن يكبح إمكانيات الحصول على وسائل الأداء، بما فيها القروض وتوفير السيولة، لكي يحد من الدخول في دوامة الاستهلاك عن طريق الاقتراض”.

وعلق حمص على أرقام الاقتراض من طرف الأسر قائلا إنها “تبقى نسبا عادية طبيعية، إن لم تكن مرتفعة أكثر”، مشيرا إلى أن “التضخم الذي يستمر إحساس الأسر به في قفتهم اليومية، يخفض بشكل ملموس القدرة الشرائية للأفراد كما الأسر”، مع استحضار “ضعف القدرة الطبيعية على الادخار رغم الأزمات لدى نوعية من المستهلكين المغاربة”.

في المقابل، لفت المحلل الاقتصادي ذاته إلى أن “عددا من المواطنين بالمغرب مأخوذون باتجاه استهلاكي ذي منحى مرتفع، ما يجعلهم بين مخالب دوامة الاقتراض”، مؤكدا أن معظمهم “ذوو قابلية وإصرار ملح على الاستهلاك”، وهو ما يمكن أن يفسر الإقبال على قروض الأسر وارتفاعها صيفا بحكم الظرفية.

وأكد أن “للاقتراض بعض المزايا المتمثلة في أهميته لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني من حيث رفع الطلب الداخلي ودينامية الإنتاج لدى المقاولات”، قبل أن يستدرك بأن “القروض تغذي الاقتصاد الاستهلاكي ولكنها في صالح المنظومة البنكية وقد ترفع مخاطرها الائتمانية”.

وعزا أستاذ الاقتصاد “لجوء المغاربة إلى الاقتراض بحكم التفكير الفوري في متتالية المصاريف لحل مشاكل آنية، مثل عيد الأضحى أو العطل الصيفية أو مناسبة الدخول المدرسي-التعليمي”، محذرا من آثار التضخم المستمرة على القدرة الشرائية المتآكلة”، معتبرا أن “هذا ما يرفع من نسبة مديونية الأسر وقد يشكل خطورة على الاستقرار المالي والأسري والاجتماعي لعدد من الفئات الاجتماعية ضحية دوامة الاقتراض”.

“مدخرات منهكة”

عبد الرزاق الهيري، محلل مالي وأكاديمي اقتصادي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أبرز أن “موجات ودورات التضخم المتوالية منذ منتصف سنة 2022 قد أنهكت مدخرات الأسر، خصوصا الأسر ذات الدخل المحدود أو الوضعية المالية الهشة، بل حتى تلك المنتمية لتصنيف المتوسطة”.

واعتبر الهيري، ضمن قراءة تحليلية قدمها لهسبريس، أن “معطى إنهاك المدخرات بالنسبة للأسر قد عمق فعليا الاحتياجات المالية للأسر والقطاع غير المالي بصفة عامة، وفق ما تؤكده الأرقام الرسمية للسلطات المالية المغربية”.

في سياق متصل، توقف الخبير الاقتصادي ذاته عند ارتفاع قروض السكن والعقار بنحو 2%، قائلا إن هذا الارتفاع “عائد في جزء كبير منه إلى تسجيل طلبات دعم السكن المباشر بشكل متزايد منذ إطلاقه بداية هذه السنة حسب السياسة الاجتماعية التي انتهجتها الحكومة الحالية”.

كما أثار إشكالية مفادها أن “مصاريف الدخل لدى عدد كبير من الأسر المغربية تتوجه إلى تسديد ديون قديمة أو تكون في حكم المتعثرة (créances en souffrance)”، مسجلا أن “دوامة الاقتراض قد ابتلعت كثيرا من الأسر التي بدأت تعيش حياتها المالية العادية بحضور القروض الاستهلاكية ضمن تركيبتها”، معتبرا أن جزءا كبيرا منها خصص لمصاريف السفر والعطلة الصيفية تزامنا مع شهر يوليوز.

“لم يعد خافيا أن القدرة الشرائية للمغاربة قد صارت تقريبا منهارة أو هشة”، يخلص الهيري، منوها إلى أن “الأثر الفعلي للزيادات الأخيرة في أجور القطاع العام يلزمه وقت كي يتبلور، فضلا عن انتظار الانتقال الفعلي لتطبيق قرار خفض سعر الفائدة من طرف بنك المغرب في مجلسه الفصلي الثاني في يونيو 2024”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق