يعود الحديث عن مشروع النفق البحري الذي سيربط المغرب بإسبانيا إلى الواجهة مجددًا، ليُحيي حلمًا ظل معلقًا لعقود. فقد كان المهندس الفرنسي لوران دو فيلدوميل أول من طرح هذه الفكرة عام 1869، حين اقترح إنشاء معبر سككي تحت مضيق جبل طارق، إلا أن المشروع ظل مجرد رؤية طموحة لم تتبلور بشكل رسمي إلا في أواخر القرن العشرين.
وفي مقال توصلت به هسبريس بعنوان “نفق المغرب-إسبانيا: بوابة جديدة لتعزيز التجارة واللوجستيك بين أوروبا وإفريقيا”، يشير يونس بومعاز، الأستاذ الباحث بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير في سطات، إلى أن المشروع “يمثل حلقة وصل حيوية بين قارتين، وهو أكثر من مجرد بنية تحتية ضخمة، بل خطوة استراتيجية قد تعيد رسم خارطة التجارة العالمية”.
نص المقال:
يُعتبر مشروع النفق البحري الذي يربط بين المغرب وإسبانيا، حلمًا يراود الضفتين منذ أكثر من قرن. فقد طرح المهندس لوران دو فيلدوميل عام 1869 فكرة إنشاء معبر سككي تحت مضيق جبل طارق، يربط إفريقيا بأوروبا على امتداد حوالي 42 كيلومترًا، منها 28 كيلومترًا تحت البحر. غير أن هذا التصور لم يبدأ في اتخاذ شكل مؤسسي إلا في أواخر القرن العشرين.
أُطلق المشروع رسميًا عام 1979 بمبادرة من الملكين الحسن الثاني، ملك المغرب وخوان كارلوس الأول، ملك إسبانيا، حيث أُدرج ضمن اتفاقيات ثنائية تهدف إلى إنشاء رابط ثابت بين القارتين. ومن أجل دراسة جدواه، أنشأ البلدان لجنة مشتركة مغربية إسبانية، وأسس كل منهما شركة متخصصة لمتابعة الأبحاث الفنية والهندسية المتعلقة بالمشروع.
لا يقتصر هذا المشروع الطموح على رمزيته السياسية في تعزيز العلاقات بين الرباط ومدريد، بل تحركه أيضًا دوافع عملية واستراتيجية. فمن شأن هذا النفق أن يوفر وسيلة نقل أسرع من العبارات البحرية وأقل تكلفة من الرحلات الجوية، مما يسهل الربط المباشر بين شمال إفريقيا وأوروبا. كما سيعزز التعاون الاقتصادي المغربي-الإسباني الذي يشهد بالفعل ازدهارًا ملحوظًا، سواء في قطاعات السياحة أو التجارة. وعلى نطاق أوسع، سيساهم هذا المشروع في تسهيل المبادلات بين أوروبا وإفريقيا، مما يجعل منه جسرًا جيواقتصاديًا وبشريًا بين قارتين ظلّ يفصل بينهما مضيق طبيعي لآلاف السنين.
الرؤية الاستراتيجية للمشروع
– الوضع الحالي للمشروع
بعد عقود من الدراسات المتقطعة، يشهد مشروع نفق المغرب-إسبانيا اليوم دفعة حاسمة نحو التنفيذ. ففي عام 2023، أعادت حكومتا البلدين هذا الملف إلى الواجهة، مستفيدتين من تحسن العلاقات الدبلوماسية بينهما. خلال الاجتماع رفيع المستوى المغربي-الإسباني في فبراير 2023، أكد الجانبان عزمهما المشترك على “بدء مرحلة جديدة” لتحقيق هذا الحلم القديم. وفي مارس 2024، جددت إسبانيا تأكيدها على الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع، داعية إلى تنظيم اجتماع “في أقرب الآجال” بين الهيئات الإسبانية والمغربية من أجل تسريع وتيرة الدراسات اللازمة. هذا الحراك يعكس التزامًا سياسيًا متجددًا من البلدين لدفع المشروع قدمًا.
على الصعيد العملي، تُرجم هذا الزخم إلى إطلاق دراسة جدوى جديدة واسعة النطاق. وفقًا لمعلومات صادرة عن شركة “SECEGSA” الإسبانية، تم اختيار شركة دولية في أواخر 2024 لتنفيذ هذه الدراسة، بتمويل قدره 296,400 يورو (حوالي 3 ملايين درهم مغربي). وقد وقع الاختيار على الفرع الإسباني لمجموعة “Herrenknecht” الألمانية، الرائدة عالميًا في مجال تصنيع آلات حفر الأنفاق، والتي ستُكلَّف بتحليل الشروط التقنية لحفر النفق. وينص العقد على تقديم نتائج الدراسة بحلول يونيو 2025.
بالتوازي مع ذلك، تم تخصيص ميزانيات عامة جديدة من قبل إسبانيا لتحديث البيانات التقنية واستقطاب خبراء دوليين، في خطوة تمثل أول استئناف شامل للدراسات منذ 2014.
وفقًا لـ “SECEGSA، تُقدَّر التكلفة الإجمالية للمشروع ” بحوالي 6 مليارات يورو. وتجري حاليًا دراسة مسار النفق الذي سيربط بين منطقة مالاباطا، بمدينة طنجة المغربية، وبونتا بالوما، بالقرب من طريفة في منطقة الأندلس الإسبانية، بطول إجمالي يناهز 42 كيلومترًا. من هذه المسافة، سيكون هناك 27.7 كيلومترات من النفق البحري، إلى جانب مقاطع برية على جانبي المضيق.
القدرة الاستيعابية المتوقعة لهذا الممر تعكس حجم المشروع الضخم، حيث يُتوقع أن يعبر من خلاله أكثر من 12 مليون مسافر ونقل حوالي 13 مليون طن من البضائع سنويًا، مما يجعله رابطًا استراتيجيًا بين أوروبا وإفريقيا.
– مدى قابلية المشروع للتنفيذ
يمتلك مضيق جبل طارق خصائص جيولوجية فريدة تجعل تنفيذ النفق تحديًا هندسيًا بالغ التعقيد. إذ تصل أعماق قاع البحر في بعض المناطق إلى 900 متر، إلى جانب النشاط الزلزالي الملحوظ في المنطقة، مما يستدعي تصميم هيكل قادر على تحمل ظروف جيولوجية قاسية. وتشير دراسات أجراها المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي إلى أن إنشاء هذا النفق سيتطلب استخدام مواد مبتكرة وتقنيات لم تُستخدم من قبل في مشاريع بهذه الضخامة.
على الرغم من هذه التحديات، فإن التطورات التكنولوجية تفتح آفاقًا واعدة لتجاوز العقبات. على سبيل المثال، يمكن اللجوء إلى تقنية الأنفاق المغمورة أو تقنيات الحفر تحت البحر لتقليل المخاطر المرتبطة بالعمق الكبير. وفقًا لمقال نُشر في مجلة “Sciences et Avenir، فقد قدمت ” شركات دولية متخصصة في البنية التحتية البحرية حلولًا تقنية متطورة تتناسب مع طبيعة هذا المشروع. وتُظهر هذه الابتكارات ليس فقط الإمكانات الهندسية الهائلة، بل أيضًا القدرة على تعبئة خبرات عالمية لتحقيقه.
وعلى الرغم من بعض المتغيرات غير المؤكدة، فإن الجدوى التقنية للمشروع أصبحت أكثر واقعية بفضل التقدم التكنولوجي المستمر. فالتحدي لا يكمن فقط في إمكانية حفر النفق -إذ يُجمع الخبراء على أن التقنيات المتاحة اليوم قادرة على إنجازه، كما حدث في مشروع نفق المانش بين فرنسا وإنجلترا- بل في كيفية تنفيذه بأفضل الطرق وأقل التكاليف.
السنوات القادمة ستكون حاسمة في تحديد الخيارات التقنية الأنسب، مثل اختيار آلات الحفر، أساليب البناء، وتدابير السلامة. كما سيكون من الضروري تأمين التمويل اللازم لضمان إطلاق المشروع فعليًا. ولن يكون من الممكن إعطاء إشارة البدء لأحد أكثر المشاريع الهندسية طموحًا في القرن الحادي والعشرين إلا بعد استكمال هذه المتطلبات الأساسية.
الرهانات الجيوسياسية والاقتصادية
– تأثير المشروع على العلاقات الثنائية والتعاون الإقليمي
يتجاوز نفق مضيق جبل طارق كونه مجرد مشروع هندسي ضخم؛ فهو قبل كل شيء مشروع جيوسياسي بامتياز. تاريخيًا، عكست فكرة إنشاء رابط دائم بين المغرب وإسبانيا مستوى الحوار القائم بين الرباط ومدريد. ففي عام 1979، جاء إدراج المشروع على الأجندة الثنائية في سياق تقارب سياسي بين البلدين.
وبنفس المنطق، فإن إعادة إحياء المشروع اليوم تتزامن مع تحسن ملحوظ في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. فبعدما ظل مجرد رؤية طموحة طوال أربعين عامًا، عاد هذا المشروع العملاق إلى الواجهة مع استعادة الثقة المتبادلة بين الحكومتين، خصوصًا بعد فترة من التوتر الدبلوماسي عام 2021 بسبب بعض الخلافات السياسية. ومع تجدد الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا في 2023-2024، أصبح النفق رمزًا ملموسًا لهذا التحالف المتجدد، ومشروعًا يوحد مصير البلدين حول هدف طموح مشترك.
ولكن أبعد من الإطار الثنائي، يُدرج هذا المشروع ضمن رؤية أوسع للتعاون الأورو-متوسطي والأفرو-أوروبي. فإنشاء بنية تحتية دائمة تربط أوروبا بإفريقيا سيعزز حتمًا التكامل الإقليمي. ومن منظور الاتحاد الأوروبي، يُنظر إلى هذا النفق على أنه امتداد طبيعي لشبكة النقل العابرة لأوروبا نحو الجنوب، مما يدعم الروابط السياسية والاقتصادية والإنسانية مع القارة الإفريقية.
يحظى كذلك هذا المشروع بإجماع دولي متزايد، حيث أعربت عدة قوى عالمية عن دعمها له، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، المملكة المتحدة، الصين، والولايات المتحدة، وكلها ترى في المشروع فرصة لتعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع كل من إفريقيا وأوروبا. بالإضافة إلى ذلك، أبدت دول الخليج وآسيا، مثل اليابان، الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، اهتمامها بالمشاركة في هذا المشروع الطموح، بالنظر إلى تأثيره المحتمل على إعادة تشكيل خريطة المبادلات التجارية الدولية.
على الصعيد المالي، أبدت مؤسسات مالية دولية كبرى استعدادها للمساهمة في تمويل المشروع، من بينها البنك الدولي، البنك الإفريقي للتنمية، البنك الإسلامي للتنمية، والبنك العربي. ويعود هذا الحماس إلى البعد القاري للمشروع، حيث إن إنشاء محور بري مباشر بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا سيجعل من نفق المغرب-إسبانيا عنصرًا استراتيجيًا في ممرات التجارة الأفرو-أوروبية المستقبلية.
– التأثير على التجارة الدولية واللوجستيك
من الناحية الاقتصادية، يُعد إنشاء رابط سككي ثابت تحت البحر الأبيض المتوسط نقطة تحول رئيسية في التبادل التجاري واللوجستيك بين إفريقيا وأوروبا.
حاليًا، يعتمد تدفق البضائع والمسافرين بين المغرب وإسبانيا – والتي تُعد البوابة الجنوبية لأوروبا – على النقل البحري (عبّارات بين طنجة والجزيرة الخضراء/طريفة) والنقل الجوي. لكن مع إنشاء النفق، سيتم تشغيل قطارات للشحن والركاب بشكل مستمر، مما يساهم في كسر العزلة الجغرافية عن القارة الإفريقية وتسهيل تدفق البضائع والأشخاص بفعالية أكبر.
وفقًا للمحللين، فإن هذا المشروع يمكن أن يؤدي إلى خفض كبير في تكاليف النقل وتقليل أوقات العبور. فربط شبكات السكك الحديدية المغربية والإسبانية (ومن ثم الأوروبية) سيعزز تكامل سلاسل التوريد بين إفريقيا وأوروبا، مما يتيح للشركات من كلا الجانبين تحسين تنافسيتها التجارية.
تشير التوقعات الأولية إلى أن هذا الممر الثابت قد يستوعب حوالي 13 مليون طن من البضائع سنويًا بحلول عام 2050، مما يجعله طريقًا حيويًا جديدًا للتجارة العابرة للقارات.
سيؤدي هذا المشروع كذلك إلى تعزيز مكانة المغرب كمحور لوجستي إقليمي، حيث سيمثل امتدادًا بريًا لميناء طنجة المتوسط، أحد أكبر الموانئ في إفريقيا والمتوسط. في المقابل، ستعزز إسبانيا دورها كبوابة رئيسية للتجارة الأوروبية مع إفريقيا، مما يرسخ موقعها كمركز لوجستي وجمركي رئيسي في جنوب أوروبا.
سيكون للنفق تأثير كبير على تنقل الأشخاص، حيث تتوقع الدراسات أن يستقبل أكثر من 12 مليون مسافر سنويًا بمجرد تشغيله بكامل طاقته.
لن يكون التأثير مقتصرًا على المجال الاقتصادي فقط، بل سيساهم أيضًا في تعزيز العلاقات الاجتماعية والثقافية بين الضفتين.
تعتبر تحسينات البنية التحتية للنقل من العوامل الأساسية في دفع عجلة التنمية المحلية. ويمكن لهذا المشروع أن يحفز الاقتصادات المحلية في كل من شمال المغرب وجنوب إسبانيا عبر استقطاب استثمارات جديدة في قطاعات اللوجستيك، الصناعة الموجهة للتصدير، والسياحة.
إضافة إلى ذلك، سيسهم المشروع في إعادة توزيع التدفقات التجارية العالمية عبر تقديم بديل بري جزئي عن الطرق البحرية التقليدية. وفي ظل التنافس العالمي على ممرات التجارة والنقل، فإن إنشاء هذا الرابط البري الثابت سيمنح أوروبا وإفريقيا ميزة استراتيجية عبر توفير طريق أكثر كفاءة وأقل تكلفة مقارنة بالشحن البحري.
لا يقتصر تأثير النفق على تحسين التجارة الثنائية بين المغرب وإسبانيا، بل يمتد إلى التعاون الأوروبي-المتوسطي وتعزيز المبادلات الأوروبية-الإفريقية. وهذا ما يفسر الاهتمام المتزايد من المؤسسات الدولية والمستثمرين العالميين الذين يرون فيه أداة لتسريع التكامل الاقتصادي بين الشمال والجنوب.
في النهاية، يُعد نفق المغرب-إسبانيا أحد أكثر المشاريع الطموحة في القرن الحادي والعشرين، حيث يُجسد رؤية مستقبلية تقوم على ترابط الشبكات اللوجستية كوسيلة لتعزيز الاندماج الاقتصادي بين ضفتي البحر المتوسط.
الآفاق المستقبلية للمشروع
تتعدد السيناريوهات المحتملة، وتتراوح بين الأكثر تفاؤلًا والأكثر تحفظًا.
السيناريو المتفائل: نحو تحقيق الحلم خلال جيل واحد
في هذا السيناريو، تُسفر دراسات الجدوى الجارية حاليًا عن نتائج إيجابية بحلول عام 2025، مما يمنح المشروع ضمانات تقنية كافية. بناءً على ذلك، يتوصل المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن خطة تمويل متعددة السنوات، تجمع بين التمويل الأوروبي، الميزانيات الوطنية، ومساهمات المؤسسات الدولية.
قد يتم الإعلان عن جدول زمني للتنفيذ، مع انطلاق أعمال البناء بحلول عام 2030. وسيتم تنفيذ المشروع على مدى 15 عامًا تقريبًا، حيث ستبدأ أعمال الحفر من جهتي طنجة وطريفا، يليها تجميع المسارات الحديدية وأنظمة الأمان.
في هذا السيناريو، قد يكون الافتتاح الرسمي للنفق في منتصف القرن (2040-2050)، مما يحقق الرؤية الطموحة لربط إفريقيا بأوروبا خلال جيل واحد. ومن شأن هذا الإنجاز أن يحقق الفوائد المتوقعة، مثل زيادة تدفق السلع والأفراد وتعزيز التكامل الاقتصادي، مما سيغير المشهد الجغرافي والاقتصادي للمنطقة بشكل دائم.
السيناريو التدريجي: إنجاز جزئي أو تنفيذ على مراحل
في هذا السيناريو، يتم تنفيذ المشروع بطريقة تدريجية أو جزئية. فقد يختار الشركاء في البداية إنشاء نفق حديدي مبدئي بقدرة محدودة أو بطريق مفردة بدلًا من طريق مزدوجة، مما يقلل التكلفة ويسمح باختبار فعالية النموذج قبل التوسع الكامل.
في هذا السيناريو، قد يتم تشغيل النفق بشكل كامل بحلول 2060، مما يسمح بتوزيع الاستثمارات على مدى أطول وتخفيف العبء المالي عن الحكومات المعنية.
السيناريو المتشائم: التأجيل أو التخلي عن المشروع
هناك دائمًا احتمال تأجيل المشروع أو حتى إلغائه بالكامل، في حال واجه صعوبات غير متوقعة:
– التغيرات السياسية قد تؤدي إلى إعادة ترتيب الأولويات الحكومية، مما قد يؤدي إلى تراجع الدعم السياسي للمشروع.
– أزمة اقتصادية كبرى قد تجعل الحكومات تتردد في الاستثمار في مشروع مكلف بهذا الحجم.
– تجدد التوترات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا قد يبطئ التعاون المشترك اللازم لتنفيذه.
– اكتشاف عوائق تقنية غير قابلة للتجاوز، مثل نشاط زلزالي مرتفع للغاية أو ارتفاع التكاليف بشكل غير متوقع، مما قد يجعل المشروع غير قابل للتنفيذ عمليًا.
إذا تحقق هذا السيناريو، فسيظل مضيق جبل طارق يُعبر بالوسائل التقليدية (العبارات والطائرات)، مع التركيز على تحسين الخدمات البحرية والجوية بدلًا من إنشاء رابط ثابت. ومع ذلك، فإن الدراسات التي أُنجزت حتى الآن لن تذهب سدى، بل ستشكل رصيدًا معرفيًا يمكن الاستفادة منه في المستقبل إذا توافرت الظروف المناسبة لإعادة إحياء المشروع.
باختصار، يُعد مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا أحد أضخم المشاريع البنية التحتية في القرن الحادي والعشرين، حيث يجمع بين وعود مستقبلية كبرى وتحديات هندسية وسياسية معقدة. نابعًا من رؤية استراتيجية تهدف إلى تقريب القارتين الإفريقية والأوروبية، يستمد هذا المشروع شرعيته من الفوائد المتعددة التي قد يجلبها:
– تسهيل حركة الأفراد والبضائع بين الضفتين.
– تعزيز التعاون الاقتصادي بين الشمال والجنوب.
– ترسيخ الروابط الجيوسياسية بين أوروبا وإفريقيا عبر رابط مادي دائم.
في نهاية المطاف، يظل نفق جبل طارق حلمًا جيوسياسيًا واقتصاديًا يراود صناع القرار على ضفتي المتوسط. حلم مكلف ومعقد، لكنه يعكس تطلعات عالم أكثر ترابطًا. وإذا تحقق، فسيُسجل صفحة جديدة في التاريخ، عنوانها: قارة إفريقية متصلة بأوروبا، ليصبح أسطورة جغرافية قديمة واقعًا ملموسًا بفضل التعاون الدولي والتقدم التكنولوجي.
0 تعليق