ارت الرسوم الجمركية، التي أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مساء الأربعاء، عن فرضها على العديد من دول العالم موجة غضب عالمية عارمة وسط تحذيرات من تبعات هذا القرار والتأثير على الاقتصاد العالمي وإشعال حرب تجارية واقتصادية.

وسترتفع الرسوم الجمركية على الصين، أكبر مُصدر للسلع في العالم، إلى أكثر من 54% بعد أن فرض ترامب رسومًا جمركية إضافية بنسبة 34%، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 20% فرضها على بكين هذا العام، فيما سيواجه الاتحاد الأوروبي رسومًا جمركية إجمالية تصل إلى 20%، بينما ستواجه الواردات من اليابان رسومًا جمركية بنسبة 24%، وستُفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على صادرات المملكة المتحدة، وسيبدأ تنفيذ الرسوم الجمركية الشاملة بداية من اليوم 4 أبريل الجاري، لكن ستدخل الرسوم الجمركية المتبادلة حيز التنفيذ في 9 أبريل الجاري.

رفض دولي لقرارات ترامب الجمركية

وطالت قرارات ترامب حتى حلفاء الحلفاء الولايات المتحدة، فقد أعرب رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، الخميس عن أسفه للقرار، مؤكدا أنه "من المؤسف للغاية" أن تفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات اليابانية على الرغم من مساهمتها الكبيرة في الاقتصاد الأمريكي، وذلك وفق وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية.

وأضاف إيشيبا أن الشركات اليابانية، خاصةً شركات صناعة السيارات، تُعد أكبر مستثمر عالمي في الولايات المتحدة منذ عام 2019، ما يوفر فرص عمل لملايين الأمريكيين.

وأكد إيشيبا أن اليابان ستواصل مطالبة الولايات المتحدة بشدة بإعادة النظر في إجراءاتها الجمركية، وأنه سيتفاوض مباشرةً مع ترامب، متى ما رأى ذلك مناسبًا.

من جهتها حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، من أن الرسوم الجمركية ستُوجه "ضربة قوية" للاقتصاد العالمي، وقالت إن الاتحاد يُجهز إجراءات مضادة.

فيما قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن الرسوم الجمركية تُمثل "هجومًا" على نظام تجاري حقق ازدهارًا عالميًا، وساهمت أمريكا نفسها في تصميمه.

وأكد شولتز، الخميس، من برلين أن "الاقتصاد العالمي بأسره سيعاني من هذه القرارات غير المدروسة"، محذرا من أن "الإدارة الأمريكية تنطلق في طريق لن يكون في نهايته إلا الخاسرون".

كما انتقد نائب رئيس وزراء فيجي، بيمان براساد، الخميس، الرسوم الجمركية البالغة 32% المُعلنة على صادرات دولة فيجي الصغيرة إلى الولايات المتحدة، واصفًا إياها بأنها "غير متناسبة" و"غير عادلة".

وصرح براساد، أمس، على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الولايات المتحدة شريك تجاري رئيسي للدولة التي يبلغ عدد سكانها 924 ألف نسمة، حيث تُمثل 10% من إجمالي الواردات والصادرات، وتُعدّ المياه المعبأة أكبر صادرات فيجي إلى الولايات المتحدة، وتمتلك شركة أمريكية عملاقة أشهر علاماتها التجارية - مياه فيجي.

وبررت الإدارة الأمريكية الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها فيجي بزعم أن الدولة الواقعة في المحيط الهادئ تفرض رسومًا جمركية بنسبة 63% على البضائع الأمريكية التي تصل إلى شواطئها، فيما نفى براساد هذا الرقم، مُصرّحًا بأن فيجي لا تفرض مثل هذه الرسوم الجمركية على أي دولة.

كما حذر قوه جيا كون المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، أمس بأنه "لا رابح في الحروب التجارية وحروب الرسوم الجمركية"، مشيرا إلى أن السياسات الحمائية ليست مخرجًا.

ودعا الولايات المتحدة إلى تصحيح ممارساتها الخاطئة وحل النزاعات التجارية مع جميع الدول، بما فيها الصين، من خلال المشاورات القائمة على المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة.

وأضاف قوه جيا كون أن الرسوم الجمركية تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، و"تضر بالمصالح المشتركة لشعوب جميع الدول، ولا تساعد في حل مشاكل الولايات المتحدة نفسها.

كذلك صرح وزير الاقتصاد الإسباني، كارلوس كويربو، بأن التوصل إلى حل تفاوضي مع الولايات المتحدة ضروري لرابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، إلا أن إسبانيا مستعدة لاتخاذ خطوات لحماية شركاتها وصناعاتها.

وقال كويربو في مقابلة مع إذاعة "RNE" الخميس، بعد إعلان الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على الاتحاد الأوروبي، إنه يجب حماية العلاقة التجارية والاقتصادية بالغة الأهمية بين أكبر شريكين في العالم.

فيما قال نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد، روبرت هابيك، أمس، إن هوس الولايات المتحدة بالرسوم الجمركية قد يُطلق شرارة دوامة قد تدفع الدول إلى الركود وتسبب أضرارًا جسيمة في جميع أنحاء العالم.

قال هابيك: "من الجيد أن المفوضية الأوروبية لا تزال تسعى إلى حل تفاوضي مع الولايات المتحدة. لا يزال هناك بعض الوقت لذلك. ولكن إذا لم ترغب الولايات المتحدة في حل تفاوضي، فسيقدم الاتحاد الأوروبي ردًا متوازنًا وواضحًا وحازمًا. لقد استعدينا لذلك".

من جانبه قال رئيس الوزراء كير ستارمر إن حكومة المملكة المتحدة سترد "بهدوء ورصانة" على إعلان ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات من بريطانيا.

وقال ستارمر لقادة الأعمال المجتمعين في مقر رئاسة الوزراء في 10 داونينج ستريت، أمس إنه "من الواضح أن هناك تأثيرًا اقتصاديًا"، لكنه لا يزال يأمل في رفع الرسوم الجمركية من خلال اتفاقية تجارية مع واشنطن.

وأضاف ستارمر: "المفاوضات بشأن اتفاقية ازدهار اقتصادي مستمرة، وسنناضل من أجل أفضل صفقة لبريطانيا"، محذرا من أنه لا أحد ينتصر في حرب تجارية وهذا ليس في مصلحة بريطانيا الوطنية".

كذلك ردّت تايوان على فرض ترامب رسوم جمركية بنسبة 32%، واصفةً إياها بأنها "غير معقولة إطلاقًا ومؤسفة للغاية"، مضيفةً أنها "ستتقدم باحتجاج رسمي للولايات المتحدة".

وصرح المتحدث باسم مجلس الوزراء، لي هوي تشيه، في بيان رسمي أن معدل الضريبة المقترح لا يعكس الوضع الاقتصادي والتجاري الفعلي بين تايوان والولايات المتحدة، وهو مجحف بحق تايوان، مشيرا إلى أن طريقة حساب الرسوم غير علمية وغير واضحة، ولا تعكس الدرجة العالية من التكامل في هيكل التجارة بين تايوان والولايات المتحدة، ولا تعكس العلاقة التجارية الفعلية.

وأضاف لي أن صادرات تايوان إلى الولايات المتحدة، وما يقابلها من فائض تجاري، ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ويعكس ذلك بشكل رئيسي زيادة الطلب من عملاء الولايات المتحدة على أشباه الموصلات والمنتجات ذات الصلة، وخاصة منتجات الذكاء الاصطناعي.

كذلك أكدت رئيسة الوزراء التايلاندية استعداد بلادها للتفاوض مع الولايات المتحدة لإيجاد توازن تجاري عادل لكلا الجانبين، بعد إعلان ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 36% على تايلاند.

وصرحت بايتونغتارن شيناواترا الخميس بأن تايلاند ملتزمة بالعمل مع الولايات المتحدة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، داعية المصدرين التايلانديين بالبحث عن أسواق إضافية لمنتجاتهم لتقليل مخاطر الاعتماد على سوق رئيسية واحدة.

فيما دعا القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية، أمس، إلى اتخاذ إجراءات طارئة سريعة لدعم صناعة السيارات، وغيرها من الشركات التي يُحتمل تأثرها بالرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب، متعهدًا ببذل جهود حكومية كاملة لمعالجة ما وصفه بـ"حرب رسوم جمركية عالمية" وشيكة.

وعقد هان، الذي يشغل منصب القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية في ظل استمرار عزل الرئيس يون سوك يول بسبب فرضه الأحكام العرفية، اجتماعًا مع مسئولي التجارة والسياسة الخارجية بعد أن أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على كوريا الجنوبية.

وخلال اجتماع حكومي طارئ، أصدر رئيس الوزراء هان دوك سو تعليماته للمسئولين بالعمل مع مجموعات الأعمال لتحليل تأثير زيادات الرسوم الجمركية الأمريكية، والانخراط بنشاط في مفاوضات مع واشنطن "لتقليل الأضرار" على اقتصاد كوريا الجنوبية، وفقًا لوزارة التجارة.