لم تقتصر آثار الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الحكومات والشركات الكبرى فحسب، بل امتدت لتؤثر بشكل ملحوظ في رواد الأعمال داخل أمريكا، حيث وجد كثيرون أنفسهم أمام تحديات جديدة تتعلق بالتكلفة والتوريد والتوسع في الأسواق.
وتحدثت وكالة «رويترز» مع مدير متجر ألعاب يتلقى إشعارات يومية بزيادة الأسعار، وشركة مصنعة لمرطبات الشفاه تتوقع ارتفاعاً في تكلفة السلع يصل إلى 5 ملايين دولار، ومديرة قاعة حفلات موسيقية واجهت قفزة مفاجئة في الأسعار بواقع 140 ألف دولار لتركيب مقاعد جديدة في قاعة عرض.
وعبر أصحاب الأعمال عن القلق إزاء استمرار الاضطرابات الاقتصادية، فبينما أعلن ترامب تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً لعشرات الدول، رفع الرسوم على الواردات الصينية، لتصل فعلياً إلى 145% عند احتساب الرسوم التي فرضت في وقت سابق من هذا العام.
وأبقى الرسوم على الواردات من معظم الدول الأخرى عند 10% لمدة 90 يوماً. لكن لا تزال الرسوم الجمركية المفروضة على كندا والمكسيك عند 25% على السلع غير المشمولة باتفاقية التجارة الحالية.
حالة من الغموض
وقال ستيف شرايفر، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «إيكو ليبس» في سيدار رابيدز بولاية أيوا «نواجه باستمرار حالة من الغموض بشأن المستقبل وسلاسل التوريد المستقبلية لدينا».
والشركة التي يديرها شرايفر تصنع منتجات عضوية للصحة والجمال بمكونات مستمدة من أكثر من 50 دولة وتباع في 40 ألف متجر على مستوى البلاد. وتبلغ مبيعات الشركة السنوية نحو 30 مليون دولار، وفق وكالة «رويترز».
ويوم الأربعاء، وهو اليوم الذي أعلن فيه ترامب تعليق الرسوم الجمركية، أرسل شرايفر رسالة إلى 300 عميل تصنع إيكو ليبس منتجات لعلاماتهم التجارية الخاصة، يبلغهم بارتفاع الأسعار وتأجيل مواعيد التسليم.
وقال شرايفر «لا أثق بالتعليق. إنه توقف لمدة 90 يوماً، وقد يتغير الوضع مجدداً خلال 10 أيام. لا تزال هناك رسوم جمركية شاملة 10%، وهذه إضافة كبيرة لأسعارنا».
وتوقع شرايفر أن ترتفع تكلفة منتجاته على مدى 12 شهراً بمقدار 5 ملايين دولار، تضاف إلى إنفاقه السنوي المعتاد البالغ 10 ملايين دولار على مكونات لا يمكن زراعتها في الولايات المتحدة، مثل الفانيليا وزيت جوز الهند والكاكاو، من بين بنود أخرى.
وأعلن أصحاب أعمال آخرون أنهم ألغوا طلبات شراء، وأوقفوا خطط التوسع، وأجلوا مخططات توظيف.
وأكد شرايفر وآخرون أنهم تلقوا إخطارات بزيادة الأسعار من الموردين، وأنهم رفعوا بالفعل أسعارهم منذ أن بدأ ترامب الإعلان عن الرسوم الجمركية الشهر الماضي لمعالجة ما وصفه باختلالات تجارية غير عادلة.
تهديد خطير للأعمال
أما في متجر «إنتو ذا ويند» الذي يملكه بول كوسلر، وهو متجر محبوب للطائرات الورقية والألعاب في بولدر بولاية كولورادو وله تاريخ يمتد 45 عاماً، وتبلغ مبيعاته السنوية نحو 2.5 مليون دولار، فإن معظم المنتجات التي يبيعها كوسلر مصنعة في الصين.
وقال إن «الرسوم الجمركية على الصين ببساطة غير عملية، إنها تهديد خطير لأعمالنا».
وأضاف كوسلر أن زيادات الأسعار التي شهدها تراوحت بين 7 و10%، لكن هذه الزيادات تعكس الفترة القصيرة التي بلغت فيها الرسوم الجمركية على الصين 34% عقب إعلان ترامب في «يوم التحرير» عن رسوم في الثاني من أبريل.
وتابع أن الناس لن يشتروا الألعاب إذا كانوا قلقين بشأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية.
ارتفاع الأسعار
وفي دنفر بولاية كولورادو، قضت عائشة أحمد-بوست، المديرة التنفيذية لمركز نيومان لفنون الأداء بجامعة دنفر، أكثر من عام في إدارة عملية تجديد شاملة، شملت استبدال جميع المقاعد البالغ عددها 971 داخل قاعة جون سوانر جيتس للحفلات الموسيقية.
وفي أوائل عام 2024، طلبت عائشة مقاعد من شركة دوشارم، ومقرها مونتريال بكندا، مقابل ما يزيد قليلا على 560 ألف دولار أمريكي، بعد استحالة جلبها من داخل الولايات بسبب الأسعار الباهظة، وأوقفت استضافة أي عروض منذ منتصف يوليو.
وفي 5 مارس الماضي، تلقت رسالة من دوشارم تفيد بأن الشركة ملزمة بالامتثال لرسوم ترامب التجارية الجديدة وتطبيق الرسوم الجمركية الموازية على مشروعها.
وفي ذلك الوقت، كانت الرسوم الجمركية المفروضة على كندا 25%، ما يمثل زيادة قدرها 140 ألف دولار امريكي لمشروع استبدال مقاعد مركز نيومان، وهو تطور غير مرغوب فيه لمؤسسة لا تزال تحاول إعادة جمع المدخرات المخصصة لحالات الطوارئ التي نفدت بسبب جائحة كوفيد-19.
وقالت عائشة «المقاعد قيد الإنتاج بالفعل، ولا يمكننا تعديل مسارنا ببساطة. الآن نحن عالقون في محاولة إيجاد طريقة للسداد».
ويمثل هؤلاء نبذة عن معاناة أصحاب الأعمال والمديرين من آثار الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما يقدم فكرة أولية عما قد يتوقعه كثير من الأمريكيين، حتى مع تعليق جزئي للرسوم على الواردات، التي تدفعها الشركات الأمريكية، وغالباً ما يتحملها المستهلكون، لمدة 90 يوماً الأسبوع الماضي.
0 تعليق