بنقاشات تضع الذكاء الاصطناعي في قلب التحولات الجارية، افتُتحت الدورة الثالثة من معرض “جيتكس إفريقيا” في مراكش اليوم الاثنين. ويجمع أكبر حدثٍ تكنولوجي إلى غاية 16 أبريل في “القارة السمراء” بين الجهات الفاعلة العمومية والشركات والشركات الناشئة والخبراء لمناقشة تحديات التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في قطاعات وأنشطة عديدة.
“من أبرز الملتقيات الرقمية”
أكد المدير العام لوكالة التنمية الرقمية، محمد الإدريسي الملياني، أن “جيتكس”، بوصوله ثالث دوراته المنظمة على مدى الأيام الثلاثة الحالية تحت رعاية الملك محمد السادس، أضحى “من أبرز الملتقيات الرقمية والتكنولوجية على الصعيدين الإفريقي والدولي”.
واعتبر الملياني، متحدثاً من منصة الجلسة الرئيسة للافتتاح اليوم الاثنين، أن “احتضان المغرب لهذه الدورة الثالثة من معرض جيتكس إفريقيا، ليس فقط دليلاً على الثقة المتزايدة في قدرته التنظيمية واللوجستية، بل هو أيضًا اعتراف بجهوده المتواصلة في دعم الابتكار، وتشجيع الاستثمار في التكنولوجيا وتأهيل الكفاءات الرقمية الوطنية”.
وبحسب رئيس الـ”ADD” أمام جمع غفير من رؤساء شركات وفاعلين في قطاع التكنولوجيا، فإن هذه “التظاهرة لم تعد فقط مناسبة لعرض أحدث الابتكارات، بل أصبحت فضاء استراتيجياً لتعزيز التكامل الرقمي بين الدول الإفريقية، ولبناء جسور التعاون مع شركائنا الدوليين، وتسريع وتيرة التحول الرقمي المستدام، مما يجسد بكل تأكيد طموحنا الراسخ وانخراطنا القوي لتحقيق انتقال رقمي شمولي وإرساء ثقافة رقمية جديدة تضع ضمن أولوياتها الارتقاء بالإدارة والنسيج المقاولاتي، والمجتمع، وبناء اقتصاد رقمي متطور وتنافسي”.
واعتبر المسؤول ذاته أن “800 مقاولة ناشئة، و130 بعثة رسمية دولية، إلى جانب 350 مستثمرا يبحثون عن فرص جديدة داخل السوق الإفريقية، وغيرها من المؤشرات والأرقام، كلها تكفينا فخراً في دورة هذه السنة”. وقال: “هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي مؤشرات تؤكد مدى جاذبية المغرب كفضاء للفرص الرقمية، وكرائدٍ في الدفع بقضايا التعاون جنوب-جنوب في الميدان التكنولوجي لمزيد من التنسيق والتكامل لِما يضمن الارتقاء بالقارة الإفريقية وإشعاعها على المستوى الدولي”.
وأضاف مخاطبًا المشاركين: “حضوركم المكثف اليوم، ومشاركتكم القيمة في أشغال هذا الحدث القاري المتميز، يؤكد على الاهتمام المتواصل الذي تولونه بصفة خاصة لكل المواضيع المتعلقة بالتحول الرقمي، باعتباره رافعة أساسية لدعم السيادة الرقمية ليس في بلادنا فحسب، ولكن لكافة بلدان القارة الإفريقية”، مشددا على “تشجيع الإنتاج المحلي للحلول التكنولوجية وتعزيز قدرات الابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والحكومة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، في أفق خلق بيئة رقمية قارية متكاملة قادرة على مواكبة التحولات العالمية ومواجهة التحديات التنموية المشتركة”.
“الأمن الرقمي والسيادة”
الدكتور محمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، ألحّ على “أهمية الأمن السيبراني في أي استراتيجية للتنمية الرقمية”، قائلا: “الأمن هو الركيزة التي بدونها لا يمكن لأي سيادة رقمية أن تتحقق. إنه شرط أساسي للثقة التي بدونها لا يمكن للمواطنين والشركات والحكومات أن يستحوِذُوا على تقنيات الغد”، بتعبيره.
وأشاد المسؤول الإماراتي بـ”رؤية المغرب للتحول الرقمي”، موردا أن “هذا يجعل المملكة مثالاً يُحتذى به في القارة”، مثيرا انتباه الحاضرين إلى “الحاجة الملحة إلى بناء أنظمة مرنة وقابلة للتشغيل البيني تتماشى مع المعايير الدولية، مع تكييفها مع السياقات الإقليمية”.
“الأمن السيبراني ليس مجرد مسألة تقنية، بل يجب التفكير فيه في إطار من التعاون بين الحكومات والشركات ومراكز الأبحاث. وانطلاقاً من هذه الروح، تسعى الإمارات إلى تحقيق التزامها بمعرض جيتكس أفريقيا، الذي تعتبره منصة مثالية لتطوير التآزر بين بلدان الجنوب”، وفق المتحدث عينه.
“سبورتيك” يدخل “جيتيكس”
وتعرف دورة 2025 من “GITEX AFRICA” إدراج محور “SportTech” ضمن محاورها الأساسية، لأثره الإيجابي على تطوير المنظومة الرياضية الوطنية، وتعزيز جاهزية البنيات التحتية والخدمات المرتبطة بالقطاع الرياضي، انسجامًا مع الدينامية الكبرى التي يعرفها المغرب في أفق تنظيم “مونديال 2030”.
وتناقش الدورة ذاتها، بحسب المنظمين، “مواضيع استراتيجية” تعكس دينامية التحول الرقمي في القارة الإفريقية وتوجهاتها المستقبلية، مع تمحور النسخة حول “قضايا محورية تشمل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في قطاعات متعددة كالصحة والتعليم والصناعة، والأمن السيبراني، الخدمات الذكية، التكنولوجيا المالية (Fintech)، والصحة الرقمية”.
من جانبها، أكدت تريكسي لوه ميرماند، الرئيسة التنفيذية لشركة “كاون إنترناشيونال” (أحد الأطراف المنظمة)، أن “إفريقيا تمر بنقطة تحول كبيرة في تاريخها الرقمي. ومن وجهة نظرها، تشهد كثافة التبادلات وتنوع الجهات الفاعلة الحاضرة في مراكش على تطلع القارة إلى أخذ مكانها في اقتصاد الابتكار العالمي”.
“جيتكس إفريقيا هو منصة تقارب. فلدينا شركات ناشئة وحكومات وباحثون ومستثمرون. وهذا التلاقح هو ما يسمح بظهور أفكار جريئة وتعاون غير مسبوق وحلول تتكيف مع التحديات الجديدة”، تقول لوه ميرماند، مبرزة دور المرأة والشباب في تسريع التحول الرقمي.
وأشادت الرئيسة التنفيذية لشركة “كاون إنترناشيونال” بالجهود التي يبذلها المغرب لجعل الرقمنة محركًا للنمو الشامل، داعية في الوقت نفسه إلى مزيد من التنسيق بين البلدان الأفريقية لبناء سيادة جماعية في مجال التكنولوجيا، مشددة على أن “عصر الذكاء ليس منافسة؛ إنه مهم للجميع ويمكن لإفريقيا أن تصبح واحدة من رواده شريطة أن نَسِير معًا”.
0 تعليق