نبّه مسؤولون وخبراء مغاربة في الذكاء الاصطناعي إلى أن تسريع وتوسيع إدماج آليات وأدوات ذكاء الآلة في القطاع الفلاحي الوطني، يستوجب “أولا، بناء قاعدة بيانات ضخمة وموثوقة؛ حتى يتم ضمان فعالية توظيفه”، مفيدين بأن “المغرب مطالب بالثقة في القدرة على ابتكار وتطوير نماذج ذكية، بأقل تكلفة طاقية، خصوصا مع إثبات تجارب دولية، الصينية أساسا، ذلك”.
المتحدّثون أكدوا في مداخلاتهم خلال ندوة قاربت “الفلاحة الذكية.. كيف يحسّن الذكاء الاصطناعي التوظيف الفعال للمياه في الزراعات”، ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، على “أهمية توظيف ذكاء الفلاحة في التقليص من مستويات هدر المياه”، مقدّمين “عدة نماذج قائمة لذلك بالمغرب، تشمل تقديم الإرشاد للفلاحين وضبط مدد السقي”.
وجرى على هامش هذه الندوة التوقيع على اتفاقية شراكة بين مجموعة القرض الفلاحي للمغرب، المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني، وشركة “PORTNET S.A”، البوابة الوطنية الموحدة لإجراءات التجارة الخارجية، بحضور أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
وذكر بلاغ صحافي توصلت به هسبريس أن هذه الاتفاقية تهدف إلى “إرساء منظومة رقمية متكاملة لتدبير الكفالات البنكية في سياق عمليات استيراد الحبوب والبقوليات، بما ينسجم مع جهود الرقمنة التي يشهدها القطاع”.
بيانات موثوقة
لبنى المنصوري، مديرة قطب الفلاحة الرقمية بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، شددت على أنه “قبل التفكير في تعزيز توظيف الذكاء الاصطناعي بالميدان الفلاحي، يجب توفير قاعدة بيانات ضخمة وموثوقة لضمان فعاليته، خاصة في ما يتعلق باتخاذ القرارات الفلاحية”.
وأضافت المنصوري، في مداخلتها خلال الندوة المذكورة، أن “توظيف الذكاء الاصطناعي في تدبير وإدارة المياه ينطوي على أهمية كبرى، خصوصا في فترات الجفاف (…) إذ يمكن اعتماده لتقليل هدر المياه وتقوية الفلاحة الدقيقة”، مبرزة أن “استخدامه في تحسين الأصناف الفلاحية يلفت الانتباه إلى أهمية إعداد البيانات مستقبلا”.
على صعيد متصل، أخبرت المسؤولة ذاتها بأن الوزارة عملت على “وضع منهجية منظمة لتعزيز الابتكار الرقمي في القطاع الفلاحي المغربي، بالاعتماد على دراسات مقارنة مع التجارب الدولية”، موضحة أنه “جرى بالأساس تحديد ثلاثة محاور رئيسية في هذا الجانب، هي التدريب المتقدّم في الميدان الرقمي، وجمع وإدارة البيانات، وتطبيق الذكاء الاصطناعي”.
كما نبّهت المنصوري إلى أن “التكلفة الطاقية لإجراء بحث بواسطة الذكاء الاصطناعي، شات جي بي تي مثلا، أعلى عشر مرات مقارنة بتكلفة البحث على غوغل”.
ذكاء أقل تكلفة
وأشار محسن الكديسي، أستاذ جامعي باحث في الذكاء الاصطناعي، إلى أنه “في الوقت الذي كان يتم الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي يتطلب بنية تحتية ضخمة ومتطلبات مكثفة واستهلاكا هائلا للطاقة، جاءت الصين بابتكارات أثبتت أنه يمكن تطوير ذكاء اصطناعي اقتصادي، يحقق الأداء المطلوب مع الحفاظ على البيئة، سواء على مستوى الخوادم أو توظيف الذكاء الاصطناعي”.
وقال الدكيسي ضمن مداخلته خلال الندوة ذاتها: “اليوم علينا أن نتعلم من هذه الابتكارات، وأن نتعود على إنتاج تقنيات أجود بموارد أقل”، مُعرّجا على استعراض نماذج لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفلاحة مغربية.
وذكر الأستاذ الجامعي عينه أن “ثمة ثلاثة نماذج أساسا؛ أولها يتعلّق بمراقبة استهلاك الطاقة والمياه في الضيعات، حيث طوّرت شركة ناشئة فرنسية (…) نظاما بسيطا يعمل على جمع البيانات من مصادر المياه مثل الآبار، وتوفير مراقبة في الوقت الفعلي لاستهلاك المياه عبر أجهزة الاستشعار”.
أما النموذج الثاني، وفق المتحدّث ذاته، “فهو ابتكار مغربي حصل على جوائز في مجال التكنولوجيا، يتعلّق بتطبيق ‘مرشد’ الذي يعمل عبر واتساب على تقديم استشارات فلاحية للفلاحين حول المحاصيل، وترشيد استهلاك المياه والأسمدة، وحتى استخدام المبيدات المناسبة”، مفيدا بأن “ميزة هذا التطبيق هي عمله بلغات متعددة، ضمنها العربية والفرنسية والعامية”.
ولفت الدكيسي إلى أن النموذج الثالث يتعلّق بشركة “AgriEdge”، “التي تعد من أوائل الشركات التي وظفت الذكاء الاصطناعي في الفلاحة؛ حيث يُرسل نظامها تقارير يومية عبر واتساب، وبلغة بسيطة، تلخص لصاحبها كل المعطيات المستجدة بشأن الضيعة على صعيد التربة والاستهلاك والمدخلات الفلاحية وغيرها”.
0 تعليق