لماذا رفع صندوق النقد الدولي ...

بانكير 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطوة تعكس تفاؤلاً متزايداً بمستقبل الاقتصاد المصري، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر إلى 3.8% للعام المالي 2024/2025، و4.3% للعام التالي 2025/2026، في تحديث لافت لتقديراته السابقة.

وهذا التفاؤل ليس مجرد أرقام، بل انعكاس لمرونة اقتصادية متميزة وسط تحديات عالمية معقدة، بدءًا من التوترات الجيوسياسية وصولاً إلى تباطؤ النمو العالمي، فما الذي يقف وراء هذا التحول الإيجابي؟.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نسلط الضوء على العوامل الرئيسية التي دفعت صندوق النقد إلى تعزيز ثقته في الاقتصاد المصري، من إصلاحات جريئة واستثمارات أجنبية ضخمة إلى انتعاش القطاعات الحيوية، في رحلة نحو نمو مستدام يعزز مكانة مصر كواحدة من الاقتصادات الواعدة في المنطقة.

الإصلاحات الاقتصادية أساس الثقة الدولية

ويأتي رفع التوقعات في ظل استمرار مصر في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل بدعم من صندوق النقد الدولي، وفي ديسمبر 2022، وافق الصندوق على برنامج قرض بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرًا، يهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي ودعم القطاع الخاص.

وهذا البرنامج، الذي يخضع لمراجعات دورية، ساهم في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، بما في ذلك تقليص عجز الموازنة وتعزيز الاحتياطيات الأجنبية.  

والإصلاحات شملت تحرير سعر الصرف، مما ساهم في جذب استثمارات أجنبية مباشرة وتقليل الضغوط على العملة المحلية، كما عملت الحكومة على تحسين مناخ الأعمال من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتشجيع القطاع الخاص، مما عزز الثقة في قدرة الاقتصاد على تحقيق نمو مستدام.  

انتعاش القطاعات الحيوية

وشهدت عدة قطاعات اقتصادية في مصر تحسنًا ملحوظًا، ساهم في تعزيز التوقعات الإيجابية، وقطاع السياحة، على سبيل المثال، استعاد عافيته بعد التحديات التي فرضتها جائحة كورونا والأزمات الجيوسياسية.

وسجلت إيرادات السياحة 13 مليار دولار، بفضل فعاليات مثل افتتاح المتحف المصري الكبير، وهذا الانتعاش يتوقع أن يستمر في 2025، مدعومًا بتحسين البنية التحتية السياحية وزيادة الترويج للوجهات المصرية.  

وإلى جانب ذلك، ساهمت مشروعات قومية ضخمة، مثل "حياة كريمة"، في تحفيز النمو الاقتصادي. هذه المشروعات، التي تركز على تطوير المناطق الريفية وتحسين جودة الحياة، أدت إلى زيادة الإنفاق الاستثماري، مما ينعكس إيجابيًا على معدلات التشغيل وتقليل البطالة.  

46.jpg
الاقتصاد المصري

الاستثمارات الأجنبية محرك النمو

وجذبت مصر استثمارات أجنبية كبيرة، خاصة من دول الخليج وصناديقها السيادية، التي رأت في مصر فرصًا استثمارية واعدة، وهذه الاستثمارات، التي شملت قطاعات مثل الطاقة المتجددة والعقارات، عززت النمو الاقتصادي وساهمت في استقرار السوق المحلي.  

كما دعمت صفقات استثمارية كبرى، مثل تطوير منطقة رأس الحكمة بالتعاون مع الإمارات، تدفقات رأس المال الأجنبي، مما ساعد على تحسين ميزان المدفوعات وتقليل الضغط على الاحتياطيات النقدية.  

تراجع التضخم وزيادة المرونة الاقتصادية

وتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض معدلات التضخم في مصر تدريجيًا، من 33.4% في 2024 إلى 19.7% في 2025، ثم إلى 12.5% بحلول 2026، وهذا التراجع يعكس نجاح السياسات النقدية في السيطرة على الأسعار، مدعومة بتحسين سلاسل التوريد العالمية واستقرار أسعار السلع الأساسية.

وعلى الرغم من التحديات العالمية، مثل تصاعد التوترات التجارية وانخفاض توقعات نمو الاقتصاد العالمي إلى 2.8% في 2025، أظهر الاقتصاد المصري مرونة كبيرة، في حين أن سياسات الدولة الاقتصادية والهيكلية شكلت حائط صد ضد الصدمات الخارجية، مما ساهم في الحفاظ على استقرار السوق المحلي.  

وصندوق النقد الدولي أوصى بمواصلة الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتحسين الحوكمة لضمان استدامة النمو، كما شدد على ضرورة التوازن بين السياسات قصيرة الأجل لمواجهة التضخم والسياسات طويلة الأجل لدعم النمو.  

ويعكس رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري ثقة متزايدة في سياسات الإصلاح الاقتصادي ومرونة الاقتصاد المحلي، ومن خلال الاستثمارات الأجنبية، تحسين القطاعات الحيوية، والسياسات النقدية الفعالة، تستعد مصر لتحقيق نمو مستدام في السنوات القادمة.

ومع استمرار التحديات العالمية، يبقى الالتزام بالإصلاحات والمرونة الاقتصادية مفتاحًا لتعزيز مكانة مصر كواحدة من الاقتصادات الواعدة في المنطقة.  

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق