يتجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب هذا الأسبوع، في ظل حالة من الغموض تكتنف مستقبل الاقتصاد الأمريكي بسبب التوترات التجارية التي أشعلتها سياسات الرسوم الجمركية للرئيس دونالد ترامب.
وتتوقع الأسواق المالية أن يثبت الفيدرالي النطاق المستهدف لسعر الفائدة بين 4.25% و4.50%، مواصلاً سياسته النقدية الحذرة، وسط بيانات متباينة بين تحسن في سوق العمل من جهة، وتصاعد المخاوف من تداعيات التضخم والرسوم الجمركية من جهة أخرى.
سياسة ترامب التجارية تضغط على المشهد الاقتصادي
فرضت الإدارة الأمريكية رسوما جمركية مرتفعة على الصين، إلى جانب رسوم نسبتها 10% على معظم الواردات من دول أخرى، و25% على سلع استراتيجية مثل الفولاذ والسيارات والألومنيوم، في إطار سعيها لإعادة التفاوض مع الشركاء التجاريين بحلول يوليو المقبل.
ويخشى اقتصاديون أن تؤدي هذه السياسات إلى رفع الأسعار وتباطؤ النمو على المدى القصير، ما قد يدفع الفيدرالي إلى تمديد فترة التثبيت النقدي.
وقالت لوريتا ميستر، الرئيسة السابقة لفيدرالي كليفلاند وأستاذة الاقتصاد حالياً، إن على الفيدرالي أن يركز على كبح التضخم: "إذا عاد التضخم للارتفاع، سنخسر التقدم الذي حققناه في السنوات الثلاث الماضية".
التضخم يقترب من المستهدف.. ولكن المخاطر قائمة
تشير البيانات الأخيرة إلى اقتراب معدل التضخم من الهدف الرسمي البالغ 2%، بينما ظلت البطالة عند مستويات منخفضة تاريخياً. ومع ذلك، تُظهر مؤشرات ثقة المستهلكين تراجعاً في التفاؤل وقلقاً متزايداً بشأن مستقبل الأسعار.
وفي السياق ذاته، قال جيم بولارد، الرئيس السابق لفيدرالي سانت لويس: "الفيدرالي في موقع جيد للتعامل مع الاضطرابات التجارية الجارية، ولا حاجة لتعديلات مستعجلة في السياسة حالياً".
سوق العمل القوي يؤجل خفض الفائدة
أظهرت بيانات الوظائف لشهر أبريل نمواً فاق التوقعات، ما خفف من الضغوط على صناع السياسة النقدية لخفض الفائدة في المدى القريب. ونتيجة لذلك، قامت مؤسسات مالية كبرى مثل غولدمان ساكس وباركليز بتأجيل توقعاتها لخفض الفائدة من يونيو إلى يوليو المقبل.
وكتب فريق باركليز في تقرير: "الخفض في يوليو يمنح الفيدرالي فرصة لرؤية بيانات إضافية، ويقلل من عدم اليقين الناتج عن الرسوم الجمركية والسياسات المالية".

تضارب التقديرات بشأن توقعات التضخم
تشير بعض الاستطلاعات إلى تصاعد توقعات التضخم على المدى الطويل، وسط مخاوف من أن الرسوم التجارية قد ترفع الأسعار بشكل دائم. وترى ميستر أن "افتراض استقرار التوقعات تضخمياً قد يكون مخاطرة"، مؤكدة الحاجة إلى بيانات أكثر صلابة.
في المقابل، يؤكد بولارد أن مؤشرات السوق تعكس واقعاً أكثر دقة من الاستطلاعات، قائلاً: "الاستطلاعات قد تتأثر بعوامل سياسية، ولا ينبغي المبالغة في قراءتها".
يجد الفيدرالي نفسه أمام معادلة صعبة: موازنة بين مؤشرات اقتصادية مشجعة وضغوط تجارية قد تقوّض الاستقرار. وبينما تبقى الفائدة ثابتة على الأرجح هذا الأسبوع، فإن تحركات ترامب التجارية ستظل عاملاً محورياً في تحديد وجهة السياسة النقدية الأمريكية في النصف الثاني من 2025.
0 تعليق