بين بريق الدوري الإنجليزي وتحولات اللعبة
منذ تأسيس الدوري الإنجليزي الممتاز عام 1992، نشأت رواية غير معلنة مفادها أن كرة القدم الحقيقية بدأت منذ تلك اللحظة، متجاهلة قرنًا من التاريخ الكروي العريق. ومع انفصال الدوري عن شكله التقليدي وتوقيع صفقة بث تاريخية مع BSkyB، بدأت أندية إنجلترا في كسب نفوذ مالي كبير، غيّر ملامح اللعبة.
في خضم هذه التغيرات، جاء تطبيق قاعدة التمريرة الخلفية، وتبعتها لاحقًا "قاعدة بوسمان" عام 1995، التي فتحت الباب أمام اللاعبين للانتقال مجانًا بعد نهاية عقودهم. هذه القاعدة تحديدًا هي التي غيّرت حياة ماكمانامان، وجعلته أول نجم إنجليزي يوقع مع نادٍ أوروبي كبير دون مقابل.
انتقال إلى المجد.. خارج إنجلترا
في عام 1999، انتقل ستيف ماكمانامان من ليفربول إلى ريال مدريد مجانًا. لم يكن ليفربول وقتها ينافس على دوري الأبطال، ولا يشارك فيه حتى. أما ريال مدريد، فكان في طريقه لاستعادة هيبته القارية، وقد وجد في ماكمانامان لاعبًا متنوعًا، موهوبًا، وجاهزًا للتألق.
بسبب انتقاله الحر، أصبح ماكمانامان الأعلى دخلًا في كرة القدم الإسبانية، براتب أسبوعي بلغ 65 ألف جنيه إسترليني، متفوقًا على أسماء لامعة مثل لويس فيغو، ريفالدو، راؤول وروبرتو كارلوس.
إنجازات مدريدية.. وذاكرة إنجليزية قصيرة
مع ريال مدريد، فاز ماكمانامان بلقب دوري أبطال أوروبا مرتين، ولقبين في الدوري الإسباني، وكان عنصرًا أساسيًا ومحبوبًا من قبل المدرب ديل بوسكي وزملائه الكبار، من زيدان إلى راؤول. لكنه في وطنه، لم يحظَ بنفس التقدير.
رغم أدائه المبهر في يورو 1996، همّشه جلين هودل، وتجاهله كيفن كيغان، ثم جمده تمامًا سفين غوران إريكسون، الذي لم يضمه حتى إلى قائمة كأس العالم 2002، رغم مطالبات علنية من زيدان وراؤول.
انتهت مسيرته الدولية بـ 37 مباراة فقط، ليصبح واحدًا من أكثر اللاعبين إنجازًا مع الأندية، وأقلهم حضورًا مع منتخب إنجلترا.
ماكمانامان... بعيون مدريد
يقول ديل بوسكي: "كنت سعيدًا جدًا بماكا. كان فارسًا، قائدًا، لاعبًا ممتازًا. لم يشتكِ أبدًا، ولم يتراجع. لاعب رائع بكل معنى الكلمة."
واليوم، ما زال ماكمانامان يُذكَر كأسطورة في ريال مدريد، بينما يبقى اسمه غائبًا عن السرديات الكروية في إنجلترا، في مفارقة تُلخّص كيف يمكن للعبة أن تكون عادلة في الميدان... لكنها أحيانًا تظلم في الذاكرة.
0 تعليق