في ظل تقلبات أسعار النفط، يظل استكشاف آبار النفط عالية التأثير -الآبار منخفضة التكلفة وذات البصمة الكربونية الأقل- المفتاح لخلق القيمة على المدى الطويل.
وبحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، تواجه الشركات -حاليًا- معضلة حقيقية: كيف يمكنها التوفيق بين الحفاظ على الانضباط الرأسمالي على المدى القصير وخلق قيمة طويلة الأمد؟
ووفقًا للتوقعات، قد تتراوح أسعار النفط بين 60 و65 دولارًا للبرميل حتى عام 2026؛ ما يشير إلى انخفاض قدره 15-20 دولارًا مقارنة بالعام الماضي، مع مخاوف الركود الاقتصادي.
وهذا التراجع يضع الشركات أمام ضغوط كبيرة؛ حيث تقترب الأسعار من نقطة تعادل التدفق النقدي للقطاع عند 62 دولارًا للبرميل.
أهمية الاستثمار في استكشاف آبار النفط عالية التأثير
أظهر التقرير الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي أن الإنفاق التقديري أو الاختياري -الجزء المخصص من الموازنة للمشتريات غير الضرورية- عادةً ما يكون هو الخيار الأمثل للحفاظ على توزيعات الأرباح واستقرار الموازنة وقت انخفاض التدفقات النقدية، إلى جانب تقييم موازنة الاستكشاف والمشروعات في مرحلة ما قبل قرار الاستثمار النهائي، بحثًا عن هامش ربح.
وفي هذا السياق، حذّرت كبيرة المحللين في قطاع الاستكشاف لدى وود ماكنزي، سيمران باندا، من اتخاذ قرارات متهورة قد تؤثر في إستراتيجيات الاستثمار.
كما أكد التقرير ضرورة مواصلة الاستثمار في الاستكشاف؛ فعلى الرغم من التوقعات بتباطؤ نمو الطلب على النفط خلال العامين المقبلين نتيجة للرسوم الأميركية؛ فإن الطلب سينمو تدريجيًا فيما بعد.
ومع تراجع إنتاج الحقول القائمة، من المتوقع حدوث فجوة في الإمدادات تصل إلى 20 مليون برميل يوميًا بحلول 2034، ويمكن تلبية الفجوة من خلال استكشاف آبار النفط عالية التأثير.
وأشار -أيضًا- إلى التحسن في أداء الاستكشاف خلال العقد الأخير تقنيًا وتجاريًا؛ فرغم انخفاض الإنفاق على الاستكشاف والتقييم إلى النصف بين 2019 و2023 مقارنة بالسنوات الـ5 السابقة؛ فقد حافظت الصناعة على حجم الاكتشافات نفسه (قرابة 100 مليار برميل نفط مكافئ)، وتحسّنت العوائد الكاملة من 11% إلى 17% لشركة إيني على سبيل المثال.

استكشافات المياه العميقة
بالإضافة إلى ذلك، لن يمنع الانضباط الرأسمالي من فتح مسارات جيولوجية جديدة، ولا سيما مع ظهور اكتشافات بحجم مليارات البراميل من النفط مكافئ كل 18 شهرًا تقريبًا.
وأوضح التقرير أن اكتشافات المياه العميقة التي يزيد عمقها على 1500 متر أكبر 4 مرات في المتوسط من تلك الموجودة على الجرف القاري، وقد شكّلت المصدر الأكبر للقيمة المضافة لشركات النفط خلال السنوات الـ5 الماضية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
على سبيل المثال، تمكّنت شركات مثل إكسون موبيل وهيس في غايانا، وإيني في كل من ساحل العاج وإندونيسيا وقبرص، وتوتال إنرجي في ناميبيا، من خلق قيمة لا تقل عن 5 مليارات دولار لكل شركة بين عامي 2019 و2023.
كما حقّقت شركات النفط الوطنية نجاحات لافتة، مثل شركة سينوك الصينية في غايانا وحوض تشيوندونغنان الصيني، كما برزت شركة قطر للطاقة في مشروعات ناميبيا، وسجّلت شركة تباو التركية حضورًا قويًا.

الرهان على استكشاف آبار النفط عالية التأثير
في الوقت نفسه، أرجع التقرير تراجع أداء الاستكشاف خلال العامين الماضيين إلى اعتماد نهج متحفظ في تقدير احتياطيات اكتشافات النفط الجديدة، وتردد الشركات في تجديد محافظها تحت ضغط تحقيق أهداف الحياد الكربوني ومخاوف ذروة الطلب.
ومع تباطؤ زخم تحول الطاقة عالميًا، وتحول أمن الطاقة إلى أولوية، بدأت الشركات في إعادة توجيه بوصلتها نحو استكشاف آبار النفط عالية التأثير.
وتشير التوقعات إلى حفر عدة آبار في الأشهر الـ12 المقبلة باحتياطيات محتملة تتجاوز حاجز المليار برميل نفط مكافئ، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومن أبرز هذه المناطق:
- حوض "أورانج" الذي يمتد بين ناميبيا وجنوب أفريقيا، مع خطط لشركة توتال إنرجي وقطر للطاقة وراينو ريسورسز لتقييم وحفر آبار جديدة.
- حوض والفيس في ناميبيا؛ إذ تعتزم شيفرون حفر بئر جديدة.
- منطقة فالكاو في ساو تومي وبرينسيب على يد شركة شل، باحتياطيات تُقدر بـ1.5 مليار برميل.
- تقييم منطقة استكشاف ماكاو التابعة لشركة توتال إنرجي في سورينام، إلى جانب منطقة "أراكو ديب" التابعة لشركة شل، باحتياطيات محتملة لكل منها تتجاوز المليار برميل.
وخلص التقرير إلى أنه رغم أن 75% من هذه الآبار قد لا تترجم إلى نجاحات تجارية؛ فإن احتمال الوصول إلى اكتشافات قد تفوق كلفة الحفر بعشرات المرات يجعل هذه المخاطرة ذات جدوى اقتصادية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
0 تعليق