يوم العمال العالمي وتجربة حياة

صدي العرب 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
احتفل العالم يوم الحادي من مايو بيوم العمال العالمي، وهي ذكرى نحيي فيها عمال العالم وتهنئتهم بعيدهم؛ تقديرًا لجهودهم ومساعيهم وقدرتهم على الإنجاز لخير الوطن والبشرية، ونحن ندرك طبعًا أنه لولا هؤلاء العمال في مختلف مجالاتهم لما تحقق ما نصبو إليه ولما بلغنا المآرب التي ننشدها.. تحية العمال لها في نفوسهم وقع حسن ويشعرون بأن هناك من يقدرهم وينزلهم المكانة التي يستحقونها، وهم يتقاضون أجورهم وفي ذلك جزاءً للعمل الذي يقومون به، قد نختلف في القيمة ومقدارها غير أن الرزق الحلال مهما صغر فله قيمته ومعناه ويدخل الرضا إلى النفوس المتعبة.

تذكرت تلك الأيام التي كنَّا ندرس فيها في المرحلة الإعدادية والثانوية، وكيف كنَّا في العطلة الصيفية نعمل مع عمال البناء في قريتنا البديع، وكنَّا نفخر بأن ما ننجزه ستظل ذكراه خالدة عند رجال ونساء القرية، ورغم التعب والتوجيه الصعب أحيانًا من المسؤول عنا، فقد تعلمنا منهم يرحمهم الله الشيء الكثير، فالإنجاز المتقن يتطلب البذل والعطاء والتعلم من الأخطاء، وقادتنا تجربتنا في القرية لأن نتطلع في إحدى الصيفيات للعمل أنا وصديقي المرحوم أحمد بن سعيد بن عبداللطيف الودعاني الدوسري مثواه الجنة ورضوان النعيم للعمل في ميناء الملك عبدالعزيز بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، وكانت تجربة تعلمنا منها 

الكثير وفرحنا بما حصلنا عليه من راتب أسبوعي ولقينا كل الدعم والمؤازرة والتشجيع من قبل إدارة الميناء والشركات العاملة فيه وجئنا إلى أهلنا في مملكة البحرين ونحن نفخر بما حصلنا عليه نتيجة عملنا في تسجيل البضائع بالميناء، لطالبيها من الشركات والمؤسسات والأفراد من مختلف دول العالم وكانت تجربة شعرنا يومها إن العمل من أجل لقمة العيش فيه عزة وكرامة، وكنَّا نفخر بأن هذه التجربة مرَّت والحمد لله بسلام رغم ما شابهها من مخاطر وسهر وتعب ولكنها هذه هي الحياة لا تكون إلا من خلال التعب والجهد والمثابرة، حتى لو اضطر الواحد منا للغربة التي كان يصفها الأجداد والآباء «إن في الغربة كربة».

ولكن الحياة فيها أخذ وعطاء ويمر الإنسان بظروف تجعله يعيش التجربة بما فيها من أجل مواجهة الصعاب والاستعانة بالأصدقاء، وزملاء العمل في التغلب على هذه الصعاب وتجاوزها.

وأنا أتذكر تلك الأيام تدور في مخيلتي وجوه الرجال المواطنين الذين بذلوا الكثير من أجل إسعاد أهلهم المواطنين، وعملوا في البناء وجلب الأحجار ومواد البناء، وعملوا في الصباغة ومختلف أعمال النجارة وتسليك الكهرباء ومد أنابيب المياه وكانوا يعرفون على مستوى مدنهم وقراهم بل بعضهم يعرف في وطننا البحرين لما لهم في خبرة وتجربة، فقد قيل لنا إن عمال شركة بابكو من المواطنين عندما بدأ اكتشاف النفط في الثلاثينات 1932م عمل بعضهم في اللحام وتوصيل أنابيب الغاز والبترول وتمت الاستفادة من 

خبرتهم وتجربتهم في خطوط التابلاين بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، واشتهر عمال البحرين آنذاك بالخبرة والتجربة وكان يشار إليهم بالبنان، وكنَّا نحن أبناء البلاد نفخر ونعتز بهم وكانوا كلما التقينا بهم في المقاهي الشعبية في المدن والقرى يتحدثون عن تجربتهم في هذه الخطوط البترولية والغازية ويشعرون بالزهو والفخر إنهم أسهموا مع الأشقاء في بناء الأوطان.

سيظل العمل اليدوي والفكري مدعاة فخر واعتزاز لمن ينجز الخير للأوطان، ومن واجبنا أن نقدِّر العمل الذي يقوم به أبناء البلاد ويسعون بكل إخلاص وتفانٍ من أجل إتقان العمل الذي يقومون به.

كان العمال البحرينيون الذين يعملون في إنجاز بعض الأعمال في بيوتنا يوفر لهم رب البيت الفطور والذي نسميه في لهجتنا المحلية «الريوق»، كما يوفر لهم أحيانًا وجبة الغداء إذا امتد العمل لفترة أطول، فرغم قلة المعروض عليهم من مال إلا أنهم شعروا بأن الواجب يحتم عليهم إن الإتقان في العمل أهم من حفنة المال التي يتقاضونها، فالقناعة عندهم كانت رفيعة وكان إحساسهم بأنهم يقدمون الخدمة لأهلهم لا تقاس بأي ثمن، وكانوا يؤمنون «بأن في القناعة كنزًا لا يفنى»، فالمجتمع بحاجة إلى بعضه بعضًا والعمل الشريف جزاؤه الجنة.. لابد من تقدير العمل وتقدير من ينجز العمل بكفاءة ومقدرة، بحيث يشعر هو بالرضا لما أقدم عليه ويرى البشر والترحيب من صاحب العمل فيكون الرضا مشتركًا والمصلحة واحدة.

إن الاحتفال بعيد العمال يظل تقليدًا محبذًا وعلينا أن نؤمن بالقيم والمضامين التي يحملها هذا الاحتفال المقدر.

وعلى الخير والمحبة نلتقي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق