الجمعة 09 مايو 2025 | 10:22 مساءً

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني
تشهد العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين تصعيدًا جديدًا في الحرب التجارية الدائرة بينهما، ما يثير مخاوف واسعة بشأن تداعياتها على استقرار أسواق الطاقة العالمية، وفي مقدمتها أسعار النفط، فبينما تواصل واشنطن تبني سياسات حمائية صارمة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، وترد بكين بسياسات توسعية مدروسة، تتصاعد التحذيرات من انعكاسات هذه المواجهة على سلاسل التوريد العالمية ومعدلات الطلب على الطاقة.
أسعار النفط العالمية
في هذا السياق، حذّر ماهر نقولا فرزلي، المستشار السابق للبنك الدولي، من أن هذا التحول في المزاج الاقتصادي العالمي يُنذر بنهاية مرحلة النيوليبرالية وبداية عهد جديد تتراجع فيه العولمة لحساب تعزيز الاقتصادات الوطنية، وهو ما قد يُدخل أسواق النفط في دوامة من التقلبات الحادة بفعل تراجع حركة التجارة العالمية واضطراب التوازن بين العرض والطلب.
قال المستشار السابق للبنك الدولي في مداخلة مع قناة "القاهرة الإخبارية"، إن الحروب التجارية والتوترات الاقتصادية بين القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، تُلقي بظلالها على أسواق الطاقة، وقد تؤدي إلى تقلبات في أسعار النفط نتيجة اضطراب سلاسل التوريد وتراجع معدلات التجارة العالمية، مؤكدًا أن المشهد الاقتصادي العالمي يسير نحو مزيد من السياسات الحمائية التي ستعيد رسم خارطة الاقتصاد الدولي في السنوات المقبلة.
وأضاف أن الولايات المتحدة تمر بتحول اقتصادي جذري يتمثل في تصاعد النزعة الحمائية، في دلالة واضحة على بداية نهاية مرحلة النيوليبرالية التي ارتكزت على مبادئ التجارة الحرة والعولمة، والتي كانت الولايات المتحدة من أبرز داعميها عقب الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أن هذا التغير جاء كرد فعل على الغضب الاجتماعي المتراكم داخل الطبقتين الوسطى والعمالية، لا سيما في الولايات ذات القاعدة الصناعية والزراعية، والتي تأثرت سلبًا بالعولمة خلال العقدين الأخيرين.
حماية الصناعات المحلية
أشار إلى أن هذا الغضب الشعبي ساهم في صعود التيارات الاقتصادية القومية، التي تطالب بحماية الصناعات المحلية، وتقليص الاعتماد على الاستيراد، وهو ما أدى إلى مراجعة جذرية لأسس الاقتصاد الكلاسيكي المعولم، وتزايد الدعوات لإعادة الاعتبار لدور الدولة في حماية القطاعات الإنتاجية الوطنية.
واعتبر فرزلي أن هذا التحول يعكس تآكل الثقة في النظام الاقتصادي النيوليبرالي، ويؤذن بمرحلة جديدة تركز على تعزيز الاقتصاد الداخلي، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان أول من التقط هذه التحولات في المزاج العام الأميركي، فبنى برنامجه الاقتصادي على سياسة حمائية مستلهمة من أفكار الرئيس الأسبق ثيودور روزفلت، وأعاد الاعتبار لمبدأ "أميركا أولًا"، عبر فرض رسوم جمركية على المنتجات المستوردة، ودعم الصناعات المحلية، بهدف التصدي لتداعيات العولمة وتفكيك سلاسل الإمداد الخارجية.
القومية الاقتصادية الصامتة
أوضح أن هذا التوجه الحمائي لا يقتصر على الولايات المتحدة فقط، بل يمتد إلى قوى اقتصادية كبرى مثل الصين، التي تنتهج ما وصفه بـ"القومية الاقتصادية الصامتة"، من خلال مبادرات استراتيجية مثل "الحزام والطريق"، التي تهدف إلى توسيع نفوذها الاقتصادي عالميًا، مع الحفاظ على حماية صناعاتها الوطنية.
ولفت إلى أن المملكة العربية السعودية تسير على النهج ذاته عبر "رؤية 2030"، التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الإنتاج المحلي، مما يعكس تحولًا عالميًا واسع النطاق من نموذج الانفتاح الكامل إلى تعزيز الاقتصادات الوطنية.
0 تعليق