تستعد البنوك المركزية في عدد من الاقتصادات الإفريقية الرئيسية إلى تعديل سياساتها النقدية من خلال خفض أسعار الفائدة في ظل تراجع الضغوط التضخمية، أو الإبقاء عليها دون تغيير في ظل غموض المشهد الاقتصادي.
ووفقا لتقرير صادر عن وكالة "بلومبرج"، تمثل الاجتماعات المقبلة أول تحرك للسياسات النقدية في هذه الدول منذ فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية عالمية بنسبة 10%، وأخرى أكثر حدة بنسبة 145% على الواردات من الصين - الشريك التجاري الأكبر لإفريقيا - قبل أن تخففها لاحقا إلى 30% لمدة 90 يوما.
وأشار التقرير، إلى أنه من المتوقع أن تخفض كل من جنوب إفريقيا وكينيا وموزمبيق وإسواتيني وليسوتو أسعار الفائدة، بينما يرجح أن تبقي دول مثل نيجيريا وزامبيا وأنجولا وغانا على معدلاتها الحالية على أن تبدأ خفضها تدريجيا في النصف الثاني من العام مع تسارع وتيرة انخفاض التضخم.
وكان صندوق النقد الدولي قد خفّض في أبريل الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في هذه الدول لعام 2025، باستثناء إسواتيني، مشيرًا إلى "تراجع الطلب الخارجي، وضعف أسعار السلع الأساسية، وتضييق الأوضاع المالية" مع تأثيرات أشد على الدول المصدّرة للسلع والدول ذات العلاقات التجارية الأكبر مع الولايات المتحدة.
وتوقع التقرير أن يبقي البنك المركزي النيجيري سعر الفائدة الأساسي عند 27.5% للمرة الثانية على التوالي خلال اجتماعه يوم غد الثلاثاء، سعيا لاحتواء الضغوط السعرية خاصة أن معدل التضخم لا يزال مرتفعا عند 23.7%.
وقد تحسن أداء النيرة النيجيرية مؤخرًا بعد تراجعات حادة في أبريل بفعل انخفاض أسعار النفط، السلعة التصديرية الأهم للبلاد.
ووفقا لمذكرة صادرة عن بنك "جيه بي مورجان"، قد يكون هناك "مجال لخفض الفائدة" في النصف الثاني من العام إذا استمر تراجع التضخم.
أما أنجولا، ثالث أكبر منتج للنفط في إفريقيا، فمن المتوقع أن تُبقي على سعر الفائدة عند 19.5% للاجتماع السادس على التوالي يوم /الأربعاء/ المقبل، بانتظار تقييم أثر انخفاض أسعار النفط منذ يناير، وكذلك تأثير الزيادات المرتقبة في أسعار الماء والكهرباء الشهر المقبل على التضخم، الذي تراجع إلى 22.3% في أبريل بعد أن بلغ ذروته عند 31.1% في يوليو الماضي.
كذلك يتوقع أن تتخذ كل من زامبيا وغانا موقفا حذرا، بعدما خفضتا أسعار الفائدة بشكل مفاجئ في اجتماعهما السابق إلى 14.5% و28% على التوالي، حيث تنتظر الحكومتان نتائج استقرار العملة لمعرفة أثره على التضخم.
وفي موزمبيق، التي تتمتع بأسعار فائدة حقيقية موجبة، يتوقع أن يقوم البنك المركزي بخفض الفائدة للمرة التاسعة على التوالي بمقدار 50 نقطة أساس لتصل إلى 11.25%، بحسب توقعات بنك "راند ميرشنت"، وقد بلغ معدل التضخم هناك 4.8% في مارس الماضي.
أما جنوب إفريقيا، فمن المنتظر أن تستأنف دورة التيسير النقدي بخفض سعر الفائدة 25 نقطة أساس ليصل إلى 7.25%، مدعومة بتحسن شروط التبادل التجاري بفضل ارتفاع أسعار الذهب وتراجع أسعار النفط، ما يعزز أداء العملة المحلية (الراند) ويخفف الضغوط التضخمية، وقد ارتفع الراند بنحو 2% أمام الدولار منذ أبريل، في حين بقي التضخم دون مستوى 4.5%، وهو منتصف النطاق المستهدف من قبل البنك المركزي منذ أغسطس الماضي.
وتشير هذه التطورات إلى تحول ملحوظ في السياسات النقدية الإفريقية باتجاه دعم النمو، خصوصًا في ظل انحسار الضغوط التضخمية واحتياج الاقتصادات الناشئة إلى تخفيف القيود المالية وسط تباطؤ عالمي وتحديات تجارية متزايدة.
0 تعليق