تواصل دبلوماسي بين المغرب وتونس .. مؤشرات مطمئنة أم مجاملات ديبلوماسية؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

عقب مرور سنتين على القطيعة الديبلوماسية بين المملكة المغربية والجمهورية التونسية، التي أحدثها استقبال الرئيس قيس سعيد لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي، التقى وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة نظيره التونسي محمد علي النفطي، الثلاثاء، بالعاصمة الصينية بكين، على هامش الاجتماع الوزاري التحضيري لمنتدى التعاون الاقتصادي الصيني الإفريقي “فوكاك” الذي افتتحت أشغاله الأربعاء 4 شتنبر.

وزارة الخارجية التونسية، التي نشرت صورة مرفقة للقاء ودردشة الوزيرين على حسابها الرسمي في منصة “إكس”، أشارت إلى أن وزيرها محمد علي النفطي التقى في إطار مشاركته بالمنتدى المذكور “مع عدد من نظرائه من الدول المغاربية والإفريقية، تناول معهم علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين تونس وهذه الدول وسبل تعزيزها”.

ويأتي هذا اللقاء بعد نحو أسبوع على أول اتصال رسمي بين الرباط وتونس، تمثل في مهاتفة وزير الخارجية ناصر بوريطة نظيره التونسي محمد علي النفطي لتهنئته على تقلد هذا المنصب، فيما أكد الجانبان بالمناسبة “عمق ومتانة الروابط الأخوية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، والحرص المشترك على دعم أواصر التعاون بين الجمهورية التونسية والمملكة المغربية في مختلف المجالات”، وفق ما أوردته الخارجية التونسية في بيان نشر على صفحتها بـ”فيسبوك”.

وتتباين قراءات المحللين الذين تحدثوا لهسبريس حول مدى ترجمة هذه الخطوات المتقاربة لنهاية حالة القطيعة الديبلوماسية المستمرة بين البلدين منذ غشت 2022، إذ بينما يؤيد بعضهم هذا الطرح متسلحا “بوجود توجه عام لدى قيس سعيد لإعادة السياسة الخارجية التونسية إلى سكتها المعهودة قبيل توليه الرئاسة، مما يترجم بتعيين الوزير النفطي”، يذهب آخرون إلى أن “هذه الاتصالات الرسمية مجرد مجاملات ديبلوماسية تقتضيها الروابط المشتركة”، منبّهين إلى أن “تكفير تونس عن خطأ استقبال غالي يبقى الخيار الوحيد لإعادة سكة العلاقات إلى مسارها الصحيح”.

“مؤشرات مطمئنة”

في تعليقه على الموضوع قال المحلل السياسي رشيد لزرق إن “هذه الاتصالات المغربية التونسية الرسمية تعد مؤشرات مطمئنة عن اقتراب حدوث انفراجة في القطيعة الديبلوماسية بين المغرب وتونس، خاصة أنها تأتي قبيل تنظيم الانتخابات الرئاسية التونسية المزمع تنظيمها مطلع أكتوبر المقبل”.

وأوضح لزرق، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الأحداث تأتي في إطار تعيين الوزير الجديد محمد علي النفطي، الذي ينظر إليه على أنه اتجاه من الرئيس قيس سعيد لإعادة النظر في توجهات السياسة الخارجية التونسية في الفترة السابقة في ظل ما تعرفه المنطقة من تحولات جيوسياسية”، معتبرا أن “تأكيد وجود هذا الاتجاه عموما، والرغبة في إعادة الدفء إلى العلاقات المغربية التونسية على وجه الخصوص، يبقى معلّقا إلى حين مرور الانتخابات الرئاسية”.

ولفت إلى أن “استقبال الرئيس التونسي للأمين العام للجبهة الانفصالية كان خيارا معاكسا لدأب السياسة الخارجية التونسية، التي ظلّت طوال عقود من النزاع المفتعل على الحياد الإيجابي للملف، وهو ما يترجم بافتقاره إلى الخبرة الديبلوماسية الكافية، ووضعه تونس في تبعية للجزائر وإيران في ظل الأزمة الخانقة التي كانت تطوّق الاقتصاد التونسي”.

وأبرز المحلل السياسي، في ختام تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “إعادة العلاقات المغربية التونسية إلى سكتها الصحيحة تتطلب من تونس إصلاح الخطأ الذي ارتكبته بحق القضية الوطنية، بتبني الحياد الإيجابي، مما سيؤهلها إلى لعب دور مهمّ على مستوى المنطقة”.

“مجاملات ديبلوماسية”

من جهته قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، إن “المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية المغربي ونظيره التونسي واللقاء الذي تمّ بينهما على هامش اللقاء التحضيري لمنتدى “فوكاك” يندرجان بالنسبة للمغرب في إطار المجاملات الديبلوماسية مع بلد تجمعه به روابط الأخوة والانتماء إلى الفضاء المغاربي والعربي والإفريقي، التي تبقى متينة في ظل القطيعة الديبلوماسية كما في الظروف العادية”.

وأضاف الشيات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “استقبال الرئيس التونسي زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية قبل سنتين شكّل مسّا غير مسبوق من تونس بقضية وجودية بالنسبة الرباط، التي لم تكن تنتظر من السلطات التونسية أكثر من البقاء على الحياد الإيجابي، الذي حافظت عليه طيلة عقود من هذا النزاع المفتعل”، مشيرا إلى “أن تأكيد الملك محمد على أن قضيّة الصحراء المغربية النظارة التي يقيس بها المغرب صدق الصداقات يجعل إعادة الدفء إلى العلاقات المغربية- التونسية رهينا بتعبير تونس عن موقف متقدم بشأن هذه القضية”.

وأوضح أن “إصلاح الشرخ في العلاقات بين البلدين يعتمد على قيام تونس بمعالجته من مصدره، أي استقبال غالي، من خلال اتخاذ خطوات توازي الشكليات الديبلوماسبة تصحح من خلالها هذا الخطأ الديبلوماسي. دون ذلك، فإن مختلف الاتصالات الهاتفية واللقاءات غير المبرمجة تبقى مجاملات ديبلوماسية لا أقلّ ولا أكثر”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق