أصوات شعرية مغربية كانت محطّ إنصات، الجمعة بالشارقة الإماراتية، خلال فعاليات الدورة 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يستضيف المملكة ضيف شرف.
وعبر قصائد نشرت في دواوين صدرت منذ عقود، وأخرى صدرت حديثا، قُدّمت بالمعرض تجربتان شعريتان مغربيتان، هما تجربة محمد الأشعري وتجربة وفاء العمراني، اللّذين قدّمهما الشاعر رئيس بيت الشعر بالمغرب مراد القادري.
“قرابة الشعر”
في تقديمه للشاعرين، قال مراد القادري، رئيس بيت الشعر بالمغرب، إنه بوصفه شاعرا مغربيا ومسؤول مؤسسة ثقافية مغربية، يعبر عن سعادته “بأن يكون بلدي ضيف شرف هذه الدورة بالشارقة؛ ففي ذلك تأكيد على متانة وقوة العلاقات التي تجمع بين بلدي المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة”.
وأضاف: “هذا اللقاء الشعري إشارة إلى التعاون المهم الذي ربط المغرب بالحقل الثقافي بالشارقة، مجسدا في إنشاء دارين للشعر، بكل من تطوان ومراكش، حيث تكاملت الجهود بين هاتين الدارين ومؤسسة بيت الشعر في المغرب، المؤسَّسةِ سنة 1996 كمؤسسة ثقافية مدنية مستقلة، من أجل التعريف بالشعر، وتعزيز حضوره قراءة ونشرا وترجمة، وتطوير الحركة الثقافية بالمغرب، وتعزيز العرض الشعري”.
وتحدث القادري عن القرابات التي تجمع المغرب والإمارات: “قرابات اللغة، والدين، والعادات، والتقاليد”، ثم استحضر “التجربة التي عشناها في بيت الشعر مع دُورِ الشعر التي تأسست بمبادرة من السلطان القاسمي، ووفّرت نوعا آخر من القرابة هي قرابة الكلمات، ومنحتنا إمكانية لتطوير الصِّلاتِ السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين البلدين”.
هنا، تطرق القادري إلى “القرابة الشعرية” بوصفها “قرابة انتماء لذات الحلم والدهشة والتطلع لغد أجمل”؛ فـ”الشعر ضروري في مثل هذا المحفل الثقافي والإنساني، الذي لم يكن ليكتمل دون برمجة أمسيات ولقاءات شعرية يشارك فيها شعراء مغاربة من مختلف الحساسيات والأصوات… وتزداد أهمية الشعر خاصة في مثل هذه اللحظات، لحظات الجراحات الكبيرة، وكوارث الحروب، وصرخات الحروب غير بعيدة عن المكان الذي نحن فيه”، لكن يبقى “الشعر بوصلة تنير معالم طريق البشرية، لتجد ما ضاع منها في خضم الاقتتال والاحتراب”.
وشدّد رئيس بيت الشعر بالمغرب على “الحاجة إلى الشعر؛ النجمة القادرة على إضاءة ما في دواخلنا، وتيسير علاقتنا بذواتنا والآخر والعالم، بعيدا عن الإقصاء والعنف، قريبا من الأخوة، والحلم، والجماعة”.
“الشعر المغربي”
تحدث مقدم الموعد الشعري بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، مراد القادري، عن “الشعر المغربي” الذي هو “اليوم مكون من مكونات الخريطة الراهنة للشعرية العربية، وهو جغرافية شعرية قائمة بذاتها، وشهد إبدالات عديدة، وتأثر بروافد حضارية وشعرية متعددة، وتحاورت أجياله مع شعريات ونصوص وتجارب شعرية شتى لإنتاج نصها الشعري الخاص في الأخير”.
وقرّب القادري جمهور معرض الكتاب من الفضاء والمناخ السياسي والثقافي الذي يتسم بالتعدد، والذي اشتغل فيه الشعراء المغاربة، منفتحين على “مرجعيات نظرية ونقدية”، مما “أتاح لوجوهه ورموزه تطوير قصيدتهم، والذهاب بها إلى أقاص بعيدة في المعنى والدلالة”، بتعبير “متعدد الألسن، بالعربية، والأمازيغية، واللهجات الدارجة، والحسانية الصحراوية، والفرنسية، ولغات أجنبية وإنسانية أخرى، مثل الإنجليزية والهولندية”.
هذا الشعر متجدّد المراجع والنفَس والرؤى يجرّ خلفه جذورا وامتدادا في التاريخ بالمغرب “منذ عهد المرابطين، وتواصل بنفس الزخم على امتداد العصور الأخرى، أما الشعر الأمازيغي فيعود إلى ما هو أقدم من ذلك قبل استقرار القبائل العربية بالمغرب”.
كما وقف مراد القادري عند محطة مهمة في سنة 1929، هي أول أنطولوجيا للشعر المغربي أعدها الناقد محمد بلعباس القباج، وقدّم فيها شعراء المغرب وشعره، مشيرا إلى تجدد نشرها مؤخرا.
ووصل بعد هذا رئيس بيت الشعر بالمغرب إلى أمسية الشارقة المنصِتة للشعر المغربي في منصة معرض الكتاب، عبر “شاعرين يمثلان مَلمحا مهما داخله، بالمواظبة والوفاء للشعر، والإنصات له في الكتابة والحياة، بمسار إبداعي وشعري يكشف حيوية الشعر المغربي، وقدرته على اكتساب جدارة شعرية داخل اللغة العربية، والتحليق في سماء الإبداع، لتستضيفه لغات عالمية، تكشف تجربتهما الشعرية، التي هي من أنضج الممارسات النصية المكتوبة باللغة العربية في بلدنا”.
0 تعليق