دوافع إقدام قُصر وشباب مغاربة على مغامرة الهجرة الجماعية صوب سبتة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

تعيش مدينة الفنيدق وعدد من المدن الشمالية على وقع محاولات الهجرة الجماعية صوب سبتة، وهي المحاولات التي سبق التخطيط والدعوة لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولقيت استجابة من قبل كثيرين كان هدفهم الوصول إلى ما يعتبرونه “بر الأمان”، هربا من ظروف معيشية صعبة.

وتتعدد دوافع هجرة الشباب المغربي، لكن يظل الدافع الاقتصادي والاجتماعي أهمها. وفي المقابل يرى خبراء أن ما حدث في الفنيدق قد يكون “بفعل فاعل” أو “مؤامرة محبوكة”.

في هذا الإطار قال محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، إن “قيام الشباب بمحاولات الهجرة له دافعان، أولهما شخصي، والثاني مرتبط بالوطن والتوقعات بشأن المستقبل”.

وأضاف بنعيسى ضمن تصريح لهسبريس أن “الدافع الشخصي هو الوضع الاجتماعي والاقتصادي”، وزاد موضحا: “أغلب الشباب والقاصرين المقبلين على الهجرة يوجدون خارج المدرسة، الجامعة، أو التكوين المهني، يفتقرون إلى أي كفايات أو مؤهلات معرفية، تواصلية…. وينحدرون من أسرة فقيرة وهشة، تعيش على موارد ضعيفة جدا”.

أما الدافع الثاني، بحسب المتحدث ذاته، فهو أن “جل هؤلاء الشباب فاقدون للأمل في الوطن والمستقبل، وهذا بدوره ناتج لواقع المغرب الذي يعيش حالة ركود، وهو الواقع الذي يتمظهر من خلال الخطاب التشاؤمي السائد في شبكات التواصل الاجتماعي”.

وأردف رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان: “هذان الدفعان يحفزهما المخيال الاجتماعي لدى الشباب بأن أوروبا هي الفردوس المفقود”.

من جانبه قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن “هناك أطرافا خارجية تريد العبث في شمال المملكة، وتعمل على إنضاج الشروط الموضوعية والذاتية لاختلاق حادث عرضي قد ينتج عن عملية تنفيذ القانون، من خلال إشعال الوضع الاجتماعي، خدمة لمصالحها الضيقة كما حدث في أحداث الريف سنة 2017 بالاعتماد على أساليب الجيل الرابع من الحروب، بنشر الأخبار الزائفة والحملات التضليلية من جهات معروفة تتحرك وفق مخططات تتوافق مع أجندات خارجية مكشوفة”.

وأضاف البراق ضمن تصريح لهسبريس: “توجد أيضا أطراف في الداخل تستفيد من إنهاك جهود الدولة أو إشغال مؤسساتها الإستراتيجية في مواجهات عبثية مع شباب مغربي مشكلته الحقيقية أنه ضحية سياسات حكومية فاشلة، وكائنات سياسية تقوم بتدبير الشأن العام بمبدأ المزايدات السياسية، في تنصل تام من مسؤولياتها أمام المواطنين المغاربة ومن التوجيهات الملكية السامية في هذا الموضوع”.

وذكر المتحدث ذاته أن “أحداث الفنيدق تتزامن مع رئاسة المملكة المغربية أكبر تجمع حقوقي في العالم داخل مقر الأمم المتحدة بجنيف، المتمثل في الدورة 57 لمجلس حقوق الإنسان، حيث يتم استعراض مجموعة من المواضيع المرتبطة بحقوق الإنسان، كالهجرة واللجوء”، معتبرا أن الأمر “دليل على أن المؤامرة مستمرة في الزمان والمكان ضد المصالح العليا للمملكة، بترويج الأكاذيب والأراجيف من خلال تصوير المغرب كسجن كبير يعيش في ظل ترد حقوقي واجتماعي كبير”.

واعتبر الخبير نفسه أن “كل المؤشرات تؤكد أننا أمام مؤامرة متكاملة الأركان والغايات والمقاصد، وعملية مخابراتية معقدة ومتعددة الأبعاد، قامت القوات الأمنية والجهات السيادية بالمغرب بتفكيك خيوطها بشكل استباقي”.

كما نبه البراق إلى أن “أحداث الفنيدق تتطلب من الفاعل المؤسساتي فتح نقاش عمومي حقيقي حول إشكالية إدماج الشباب في النسيج الاقتصادي والدينامية التنموية التي يعرفها المغرب”، مردفا: “قبل شهور أصدر المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي تقريره حول وضعية ملايين الشباب المغاربة، حيث دق ناقوس الخطر حول وضعهم الاقتصادي والاجتماعي، ما يستوجب اتخاذ سياسات قطاعية دقيقة موجهة للشباب لاستيعاب الأرقام المليونية من البطالة التي لا تجد أمامها إلا الهجرة كحل جذري لمشاكلها”.

وأكد المحلل ذاته أن “الإشكال الحقيقي اليوم هو مصير ملايين الشباب المغاربة غير المقبولين في سوق الشغل، لغياب تكوين مناسب يساعد على ولوجه، ومنتصف الولاية الحكومية هو فرصة جديدة أمام الفاعل الحكومي لإعادة صياغة السياسات العمومية بشكل تشاركي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بدل اللجوء إلى الهدر السياسي والخطاب الشعبوي المتهالك، والمزايدات السياسوية الذي حدد المغاربة موقفهم منها بشكل واضح في انتخابات 8 شتنبر 2021”.

وزاد المتحدث: “ننتظر من الحكومة التفاعل بشكل فوري مع أرقام مخيفة تتضمن 1.5 مليون شابة وشاب ما بين 15 و24 سنة لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة خارج الساكنة النشيطة، أي لا يبحثون عن الشغل لسبب من الأسباب. وهذا الرقم يصل إلى 4.5 ملايين في الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة، وبالتالي فغياب التأطير والتواصل والإنصات لملايين الشباب المغاربة يفتح أمامهم مخاطر جمة مرتبطة بتفشي الجريمة والفكر المتطرف والهجرة السرية وتسرب الخطاب العدمي والتيئيسي، ويخلق بيئة حاضنة للاستقطاب من طرف مروجي التضليل والكذب الذي يترجم على شكل مقاطعة واسعة من الشباب المغاربة للعملية السياسية برمتها، أو محاولة الهجرة الجماعية لقاصرين”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق