مهنيون يبسطون سيناريوهات استيراد اللحوم لتحقيق الاكتفاء في المغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لا تزال مسألة استيراد اللحوم الحمراء بغرض تحقيق الاكتفاء تحظى بالكثير من المتابعة في صفوف المهنيين وكذلك المستهلكين، خصوصا مع إصرار الحكومة على استيراد ما يصل إلى 20 ألف طن من اللحوم الطازجة والمجمدة مع نهاية السنة الجارية، بعدما كشفت عن تدابير تخص هذه العملية ضمن مراسيم رسمية مؤخرا، بهدف إيقاف الارتفاع المتواصل للأسعار بالسوق الوطنية.

وكان بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، تحدث باستفاضة عن هذا الأمر خلال ندوة صحافية تلت المجلس الحكومي، الخميس، إذ أشار إلى معالجة “طلبات ما يناهز 10 آلاف طن من اللحوم الحمراء وفق دفتر تحملات يتضمن الإجراءات اللازمة في هذا الصدد”، مبرزا أن عمليات استيراد هذه اللحوم “تخضع لمقتضيات دفتر تحملات صارم تسهر على تتبع احترامه السلطات المختصة”.

ويستأثر هذا الموضوع باهتمام المهنيين والعارفين نِسبيا بخبايا سوق اللحوم الحمراء العالمية، سواء تعلق الأمر بالطازجة أو المبردة، وحتى بالحيوانات الأليفة المجهزة للذبح؛ والتعليقاتُ في هذا الصدد لا تزال تتحدث بشكل متباين عن الفارق الذي من الممكن أن تحدثه الواردات من اللحوم على مستوى السوق الوطنية، فضلا عمّا إذا كانت البنية التحتية اللوجستية قادرة على استيعاب الكميات المُنتظر استيرادها، في حين يتحدث طيف آخر عن آلية توفير هذه الكميات على مستوى السوق الدولية تزامنا مع نهاية السنة.

قيمة مضافة مُنتظرة

محمد جبلي، رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين في قطاع المواشي، قال إن “الوصول إلى مرحلة تعافي السوق المغربية للحوم لن يتم مباشرة بعد استيراد الشحنات الأولى من اللحوم، سواء الطازجة أو المبردة وحتى الحيوانات الأليفة الحية، إذ يحتاج ذلك بطبيعة الحال تراكما ومدة طويلة يصعب تقديرها حاليا”.

وأضاف جبلي، في تصريح لهسبريس، أنه “على العموم سيكون لمبادرة التوجه نحو السوق الخارجية وقع إيجابي على السوق الوطنية، حتى وإن كان من المتوقع ألا يكون كبيرا كما ينتظر ذلك المستهلك المغربي؛ فمن المهم جدا أن نؤكد على أن اللحوم الحمراء تعرف أثمنة مرتفعة حاليا في التراب الأوروبي على الخصوص”، مشيرا إلى أن “الشركات التي تتوفر حاليا على مستودعاتها الخاصة والشروط المطلوبة من قبل الحكومة هي التي ستكون سباقة إلى الانخراط في المبادرة التي كشفت عنها المؤسسة التنفيذية ووفّرت لها تسهيلات جمركية وضريبية”.

وأضاف أنه “من الممكن أن تصل اللحوم المستوردة إلى أسواق الجملة المغربية بما يصل إلى 70 أو 75 درهما، على أن تصل إلى المستهلك بأقل من الثمن المعمول به حاليا”. وأكد أن “السوق الخارجية كلها مفتوحة أمام المغرب، بما فيها أوروبا وحتى البرازيل وأستراليا”، مشيرا في الأخير إلى أنه يفضل السوق الإسبانية لكونها الأقرب إلى المملكة من ناحية المسافة.

إشكاليات لوجيستية؟

سعيد الرتبي، مستثمر مغربي في مجال اللحوم الحمراء بإسبانيا، قال: “الواضح حاليا هو أنه تم استيراد 100 طن مؤخرا من إسبانيا، وهي عبارة عن لحوم طازجة. وبالفعل هناك مجموعة من الشروط الصارمة في هذا الصدد وضعتها الحكومة لتنظيم العملية حتى تؤتي أكلها”.

وأكد الرتبي، في تصريح لهسبريس، أنه “بالنسبة للأسعار هناك فارق بين المغرب والبلدان الأوروبية، ومن الممكن أن يستفيد المستهلك المغربي من هذا العامل، حيث تصل اللحوم الحمراء في سوق الجملة بإسبانيا إلى 67 درهما تقريبا، وهو ما سيحدث تغييرا في السوق المغربية، خصوصا إذا أضفنا إليها المسافة القريبة بين المغرب وإسبانيا”.

وأبرز أن “الإشكالية التي ستقف عائقا أمام هذه العملية ستكون لوجستية بامتياز”، ومع وجود “نقص واضح في عدد غرف التبريد وحتى المستودعات الخاصة بالاحتفاظ باللحوم الطازجة والمبرّدة، فهذه الأخيرة تبقى خيارا أفضل من الحيوانات الأليفة، بما يعني إضافة تكاليف الشحن والجزارة والتخزين”.
وتابع قائلا: “الوصول إلى 20 ألف طن في مدة وجيزة أمر صعب لأن المشاكل اللوجستية، كما أشرنا إلى ذلك سلفا، تبقى موجودة إلى اليوم مقارنة بهذه الكمية التي نتحدث عنها”.

“توقيت حسّاس”

تفاعلا مع الموضوع تحدثت الجريدة إلى مسؤولة بإحدى أبرز الشركات الفرنسية المشتغلة في مجال تسويق اللحوم الحمراء، فأوضحت أن “الإشكالية التي ستواجه المغرب في سعيه إلى استيراد اللحم، سواء الطازج أو المبرد أو حتى الحيوانات الأليفة، هي مسألة الوقت، حيث إننا حاليا في منتصف شهر نونبر، وبالتالي نهاية السنة، مع العلم أن توفير هذه الكميات التي يريدها المغرب في ظرف وجيز يبقى صعبا”.

وأضافت المسؤولة ذاتها المُطّلعة على خبايا سوق اللحوم الحمراء بفرنسا أن “أوروبا لم تكن على بينة بأن المغرب سيطلب مثل هذه الكميات من اللحوم الحمراء في مثل هذا الوقت من السنة، حيث إن المعاملات التجارية في هذا الإطار والطلبيات تمت خلال الأشهر السابقة مع المستوردين الأجانب الآخرين”، مضيفة “حاليا بالنسبة للحيوانات الأليفة سيجد المغرب نفسه أمام إشكالية التوقيت، حيث يمكنه أن يلبي رغباته في نهاية شهر دجنبر أو بداية يناير”. وأبرزت أن “اللحوم المبردة هي الأخرى تأخذ وقتا للتبريد وحتى التصدير في حال لم يجد المستوردون المغاربة كميات سبق إعدادها لغرض التصدير خارج أوروبا”.

كما ذكرت المتحدثة، التي تحفظت عن كشف هويتها، أن “المغرب على العموم يريد اللحوم الحمراء الحلال، وهذا أمر ليس بالسهل على مستوى السوق الأوروبية، حيث إن فرنسا، على سبيل المثال، تقوم بالتجاوب مع الطلبات في هذا الصدد بعد فترة محددة، فضلا عن أن توفير لحم البقر، على سبيل المثال، يحتاج فترة مهمة من الزمن”، مشيرة إلى أن “الشحنات المتوفرة حاليا بالبرازيل لن تتوفر للتسليم حتى بداية يناير المقبل، وهو الوقت الذي سيتزامن مع طلبات الدول الإسلامية الخاصة بشهر رمضان”. وأكدت في الأخير أن “السوق العالمية ستستعيد توازنها مع بداية 2025”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق