من طنطا – شيللاه يا سيد – بلد الأصوات الحلوة، جاء محمد ثروت يحمل موهبة ثقيلة، ليصنع أسطورته الخاصة في القاهرة، ويتملك قلوب جيل الثمانينات والتسعينات بأغاني الطفولة، ويتلألأ في عالم الأغنية الوطنية، ويمتد نفوذه إلى رقعة النغم الرومانسي، في الوقت الذي احتفظ بتفوقه في دنيا الإنشاد.
في طنطا كان محمد ثروت طفلا صغيرا يصطحبه جده لأمه إلى الحضرة يواظب على حضورها كل يوم الخميس، إضافة لمولد السيد البدوي والرجبية وهي مناسبات ضخمة في طنطا "تعلم اللي مايتعلمش"

وفي طنطا تعلم محمد ثروت فن الإنشاد والتواشيح والإبتهال والإرتجال وعشقته، ومع أنه كان يعمل في التليفزيون منذ طفولته ببرنامج ماما سميحة إلا أن خوف والده جعله يمنعه من الغناء فلم يكن أمامه سوى مدرسة تحفيظ القرآن في السيد البدوي والإنشاد والابتهال والمولد بينما كل شغفه أن يصبح مطربا.
عندما عاد محمد ثروت إلى جمهوره بعد غياب طويل بأغنية "يا مستعجل فراقي" من ألحان محمد رحيم، وتوزيع تامر حسين، حققت ملايين المشاهدات في أيام معدودة، ما جعله يشعر أنه ليس وحيدا، وأن محبة الناس متواجدة حوله، الأجيال الجديدة عرفت صوت محمد ثروت وهذا هو اللافت للنظر.. إحساس عالي بالشكر الله كثيرا لأنه من عليّه بالنجاح الذي أثبت له أن عبارة "الجمهور عاوز كدة" غير صحيحة.
علاقة الهندسة بالطرب
محمد ثروت خريج كلية الهندسة، يرى أن الهندسة لها علاقة بكل شيء، وليس الطرب وحده، يقول: الكون كله هندسة، والهندسة تعني الدقة ومعناها دراسة الأشياء بتأن وإيجاد حلول للمشاكل فهي أساس الكون، وقاله الله في كتابه العزيز " إنا كل شيء خلقناه بقدر " والقدر هنا يعني الدقة التي أصلها الهندسة، حتى في الطب، عندما يقوم الطبيب بعمل أي شيء في صمام أو شريان لابد من أبعاد هندسية.

يعترف محمد ثروت أن الله سبحانه وتعالى منّ عليه الحكمة، يقول: هذا من فضل ربي سبحانه وتعالى عليّ، وإذا ظللت عمري كله أسجد له لن أوفيه شكري على نعمه وفضله وعطاؤه وكرمه وعطفه وحنانه ومنته فهو الجدير بالشكر والعبادة وكل شيء طيب في حياة الانسان.
يعاهد جمهوره قائلا: لن أفعل أي شيء أندم عليه أو تؤاخذونني عليه، وقدمت للجمهور كل ما يحب أن يستمع إليه، أغاني أطفال، ووطني، وعاطفي، وديني، في الإطار الذي تربيت عليه وأفخر به أمام أبنائي وأجعلهم سعداء بأن والدهم لم يؤذ أحد بموهبته.
ضربة البداية من الملحن محمد سلطان
يحكي ثروت عن بداياته قائلا: كنت على تواصل مع الأستاذ محمد سلطان من ثانوي، وبعد التحاقي بكلية الهندسة، اشتركت في مسابقة بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة الذي كان يرأسه د. عبد الحميد حسن، وحصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية في الغناء الفردي، وأتاح لي الموسيقار وعازف الكمان د. عبد المنعم الحريري الفرصة لأكون المطرب الذي يؤدي بغاني فيلم "أثواب من الورد" لصفاء أبو السعود وكنت وقتها في عامي الأول بكلية الهندسة وأثناء التسجيل في ستوديو 46 كان محمد سلطان يقوم ببعض البروفات واندهش عندما وجدني هناك وقال لي " انت بتعمل أيه هنا " قولتله بغني، وطلبت منه أن يستمع لصوتي، وبعد الانتهاء من الأغنية طلب أن أزوره في المساء وعرض علي أغنية "حالة حب" وقال لي أنه سيقدمني بها مع الفنانة فايزة أحمد في حفلة أضواء المدينة ومن هنا بدأ مشوار محمد ثروت في عامه الجامعي الأول.

الملحن الثاني في حياة محمد ثروت هو حلمي بكر بأغنية "كلامك يحير"، ثم خالد الأمير "سألوني قلنا ايه"، وسيد مكاوي "حلوين من يومنا والله"، ثم أتى اختيار الأستاذ محمد عبد الوهاب في "الأرض الطيبة" كلمات حسين السيد و"ياصوت بلادي" ثم أغنيات الأطفال "حبيبة بابا رشا" و"منى يا منى" ثم أغنية "بلدي" مع هاني شاكر والتي لاقت نجاحا كبيرا وكنت في هذه الأثناء على تواصل دائم مع الأستاذ عبد الوهاب.
أغنية "مصريتنا" مع هاني شارك
بعد نجاح أغنية بلدي قال له هاني شاكر انه اختاره لأغنية اسمها "مصريتنا حماها الله" كلمات عبد الوهاب محمد وكانت الأغنية نقطة انتقال وتحول في حياته، وكان لها زيوع إعلامي غير عادي، زهز الوحيد الذي لحن له عبد الوهاب بعد عبد الحليم وهناك لحنين لم يتم إذاعتهم حتى الآن للأستاذ عبد الوهاب و كلماتهم لم تكتمل بعد!
أول لقاء بين محمد ثروت ومحمد عبد الوهاب
يتذكر محمد ثروت تفاصيل اللقاء الأول مع الأستاذ عبد الوهاب قائلا: سألني: انت منين؟.. قلت له من طنطا.. فردر" دي بلد الأصوات"، فيها النقشبندي والحصري ومصطفى اسماعيل ومحمد فوزي وهدى سلطان وعفاف راضي وانت كمان جاي منها، وأصبحنا أصدقاء وحضر فرحي وهو لم يحضر فرح مخلوق أخر غير محمد ثروت ولكن علاقتنا كانت الابن بأبيه.
يعتقد محمد ثروت أن كل ملحن منحه نيشان على صدره، وأهداه فرصة شرف التعامل معه، يقول: تعاملت مع كل ملحني مصر القدامى والجدد عبر مشواري بليغ حمدي ومنير مراد وكمال الطويل ومحمد الموجي وسيد مكاوي وعمار الشريعي وحسن أبو السعود وسامي الحفناوي خليل مصطفى وطه العجيل وهاني شنودة وغيرهم الكثيرين عدا رياض السنباطي.
ويصف بليغ حمدي قائلا: كان معجزة، وأمل مصر في الموسيقى كما قال عنه عبد الحليم حافظ، فقد لحن لكل البشر في مصر من أم كلثوم لأي حد ممكن تتخيله فهو موهبة فذه.

محمد ثروت وفرقة الموسيقى العربية
لم ينضم محمد ثروت لفرقة الموسيقى العربية، يقول: عمري ما غنيت معها وليس بيننا أي تواصل ، ولكن أقراني محمد الحلو وعلي الحجار ولكنني حضرت من طنطا وأصبحت مطرب، واشتغلت في الأوبرا بعد ذلك كمطرب أيضا، وكنت أحيانا أحضر كنجم لفرقة الإنشاد الديني وهم من اقترحوا انضمامي لفرقة الموسيقى العربية ووافقت منذ أن كان مسئول عنها عمر غباشي.
0 تعليق