كيف يثقل إرث حرب بوتين على الإرهاب كاهل روسيا الحديثة؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام
2

وصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى سدة الحكم في خضم سلسلة من الهجمات الإرهابية المميتة في روسيا في تسعينيات القرن الـ20، واليوم بات يستخدم تكتيكاته لمكافحة “الحرب على الإرهاب” ضد أوكرانيا.

ونجحت الدعاية الروسية وتعزيز الاقتصاد في حشد الشعب الروسي في تسعينيات القرن الـ20، واليوم، يعمل الاقتصاد المتدهور على تفاقم حياة الروس العاديين مع استمرار الحرب الطويلة، وهي حقيقة لا تستطيع الدعاية تغييرها.

نقطة محورية

ذكرت مجلة “أوراسيا ديلي مونيتور”، في تحليل نشرته الثلاثاء 24 سبتمبر 2024، أن سلسلة من الانفجارات المميتة هزت موسكو وروسيا بأكملها، في سبتمبر 1999، وكانت بمثابة بداية حقبة مستمرة من حكم استبدادي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لافتة إلى أن مرتكبي تلك الجرائم لم يحاكموا مطلقًا.

وأضافت أن الاستغلال السريع لهذه الصدمة دفع بوتين إلى السلطة، وأُعيد تشكيل السياسة الروسية على الفور لشن حرب ضد الإرهابيين المفترضين، وأصبح الإسقاط الوحشي للقوة العسكرية، الذي عكر صفو المجتمع الروسي خلال الحرب الشيشانية الأولى (1994-1996)، مقبولًا تمامًا في الحرب الثانية.

وأوضحت أن آثار هذه النقطة المحورية في التاريخ الروسي أصبحت أكثر وضوحًا اليوم، حيث يشن بوتين حربه ضد أوكرانيا باستخدام نفس الأساليب التي استخدمها آنذاك، مشيرة إلى استمرار تشويه المبادئ الأخلاقية وتفتيت الروابط الأفقية في المجتمع الروسي من خلال الدعاية والقمع، ففي الأشهر الـ 32 الماضية، تمكنت غالبية الروس من استيعاب وتطبيع حقيقة المشاركة في الحرب ضد أوكرانيا.

 التعبئة لحرب أوكرانيا

قالت المجلة، الصادرة عن مؤسسة “جيمستاون” الأمريكية للدراسات والبحوث، إن بوتين تمكن من تعزيز الدعم بين الروس لحملته لإخضاع الشيشان المتمردة من خلال الارتفاع المستمر لسوق النفط العالمية، ما أدى إلى نمو قوي في الاقتصاد الروسي.

وأفادت بأن الجمع بين التعبئة العامة للحروب الشيشانية التي يُنظر إليها على أنها عادلة وتدفق عائدات الغاز يتناقض بشكل حاد مع الاقتصاد المتعثر والمخاوف الواسعة النطاق بشأن الحرب المطولة في أوكرانيا، والتي لا يمكن لأي قدر من الدعاية أن تجعلها شعبية.

ولفتت إلى أن التصريحات الرسمية بالانتعاش الاقتصادي في روسيا لا يمكن أن تخفي حقيقة أن الغزو المدفوع أيديولوجيًا لأوكرانيا ضار بصناعة الطاقة الروسية وأضر بصادراتها الأكثر ربحية، وأن الحكومة اضطرت إلى استخدام المحاسبة البدائية والإبداعية لتطوير مشروع الميزانية، الذي نُشِرَ هذا الأسبوع، ليبدو متوازنا رغم الزيادة الهائلة في الإنفاق لدعم الحرب.

علاقات مع أعداء أمريكا

أوضحت المجلة أن موسكو، في حربها في أوكرانيا، تعتمد على نشر الإرهاب كوسيلة لإضعاف إرادة الأوكرانيين في مقاومة العدوان، ومحاولات نشر الخوف من الحرب النووية لإضعاف التحالف الغربي، وفي محاولته الهروب من العزلة، يحاول بوتين تعزيز علاقاته مع “الدول المارقة” مثل زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون.

وأضافت أن إيران هي الدولة المارقة الثانية التي أبرمت معها موسكو معاهدة بشأن الشراكة الاستراتيجية الشاملة، فالاعتماد على إيران في توريد الطائرات المسيرة والصواريخ يجبر موسكو على الانحياز إلى جماعات إرهابية مختلفة موالية لإيران، بما في ذلك حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.

مكافحة الإرهاب المحلي

أشارت المجلة إلى أن الخبرة في مكافحة الإرهاب المحلي، الذي لم يُقض عليه تمامًا، كما اتضح من هجوم قاعة مدينة كروكوس قبل 6 أشهر، يعزز هوس بوتين بتحقيق النصر، فالتركيز على تدمير أوكرانيا يجعل جميع خطط السلام لحرب موسكو غير مجدية، فجميع الضربات الصاروخية الأوكرانية هي هجمات إرهابية وفق عقيدة بوتين.

وأضافت أن هذا يجعل التنازلات في التفاوض على إنهاء الحرب مستحيلة تقريبًا، مشيرة إلى أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يسعى إلى الاستفادة من التعنت الروسي للترويج لخطته للسلام القصوى، والتي سيقدمها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع.

استراتيجية الحرب

أصبحت الدروس التي تعلمها بوتين في حربه على الإرهاب في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 بمثابة نموذج لصراعاته اللاحقة، وهذه الدروس، بشأن التلاعب الفظ بالرأي العام، وفعالية التطبيق الوحشي للقوة، والقيمة الضئيلة لآلاف الأرواح البشرية، تشكل استراتيجيته لشن الحرب الطويلة ضد أوكرانيا.

ووصفت المجلة عقلية بوتين بالصلابة والمواجهة، ما يجعل كل المحاولات لإشراكه في محادثة معقولة بشأن إنهاء الحرب، والآمال في ثنيه عن تصعيد الأعمال العدائية، تذهب سدى، موضحة أن الحرب على الإرهاب أثرت على روسيا، وتسببت الحرب على أوكرانيا في الكثير من الأزمات للبلاد، ولكن التخلص منها يبدأ بقبول روسيا المسؤولية عن جريمة العدوان.

اقرأ أيضا

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق